منذ نعومة أظفاره والشاب "خلدون" يدرك حقيقة حب الوطن وعشق ترابه، فاندفع نحن الذود عن حماه ودرء الخطر عن شعبه وأهله، ضمن أجهزة قوى الأمن الداخلي في محافظة "دمشق"، وكان له شرف نيل الشهادة بالأحداث التي مرت بها "درعا" في منتصف شهر نيسان عام /2011/، ليكون أول شهيد يسقي بدمائه الطاهرة تراب الوطن.

الشهيد "خلدون" أحب العلم والثقافة وما انكفأ في طلبه يوماً، فحقق المرتبة الثانية على دفعته وهنا يقول السيد "محمد عثمان" من أهالي قرية "العصيبة" والد الشهيد "خلدون عثمان"، الذي التقاه موقع eSyria بتاريخ "5/5/2011": «نحن من قرية تتبع لمدينة "بانياس" وتبعد عنها حوالي /12/ كيلومترا، نعتمد في حياتنا على الزراعة والعلم للوصول إلى مبتغانا ومطامحنا في الحياة، وهذا لم يكن عيبا لأننا من قرى زراعية تحب وتعشق الأرض والعلم، وهذا ما عشقه الشهيد "خلدون" طوال حياته وسعى من اجله.

لم نتوقع يوماً أن هذا الشاب الطيب العفوي في تصرفاته المحب للحياة أن يفارقنا بهذا السرعة، فكان خبر استشهاده كالصاعقة التي تحرق أينما تصيب. أخبرنا رفاقه عن استبساله وتقدمه للصفوف الأولى للقوى الأمنية، غير آبه بالموت لأنه مدرك بأن مكانه في جنات النعيم موجود بإذن رب العاملين

فكنا نجده طوال أوقاته يكتب القصائد باللغة العربية والانكليزية على جدران غرفته، وكان من المجتهدين بين رفاقه في جميع صفوفه الدراسية وتكلل هذا في تحقيقه للمرتبة الثانية على دفعته بين رفاق صفه في القرية ضمن الشهادة الثانوية الفرع الأدبي».

السيد "محمد عثمان" والد الشهيد

ويتابع: «لم يهتم لرغباته يوماً إذا تعارضت مع رغبات والدته، فبعد تحقيقه للمرتبة الثانية بمعدلات جيدة جداً رغبت والدته أن يبقى قريباً منها في دراسته، فسجل فرع التاريخ في الجامعة مع انه لم يكن يحب هذا الفرع، فدرس فيه عامين متتالين وحقق فيهما معدلات ممتازة.

ولكن هذا لم يلب طموحه، فالتحق بصفوف قوى الأمن الداخلي وشاء القدر أن تكون خدمته في محافظة "دمشق" بعيداً عن عيني والدته، تاركاً فيها غصة تداركها في الاتصال معها بشكل يومي ومتكرر دون انقطاع».

السيدة "نجوى محمد" والدة الشهيد

السيدة "نجوى علي محمد" والدة الشهيد حدثتنا بغصة على فراق نور عينيها، بحسب قولها: «لم يكن الشهيد "خلدون" ولدي فقط وإنما كان النور التي تبصر بهما عيني، والمستقبل الذي أراه أمامي على الدوام، وهذا ما دفعني دوماً إلى توضيح وجة نظري له في أي عمل يحب أن يقوم به، حيث كان وعلى الدوام يطلب مني الرضا في كل خطوة يخطوها.

ويشرح لي ما يرغب به ويحبه في حياته الخاصة، ولكنه وبكل نبل أخلاق وتواضع يقوم بفعل ما يرضيني دون أن يتعارض مع ما يرغب به، حيث كان الله يوفقه في التنسيق فيما أحبه أن يكون عليه وبقربي وتحت ناظري، وما يحب أن يفعله كشخص شاب له كيانه الخاص».

خلال التشييع

الآنسة "نسرين محمد عثمان" أخت الشهيد "خلدون" أكدت أن حبه للعلم لم يتوقف بعد التحاقه بصفوف قوى الأمن الداخلي، حيث إنه وبعد تثبيت أقدامه في هذه الصفوف قام بالتسجيل بكلية الحقوق ليتمكن من تعديل وضعه ضمنها، لأنه كان على يقين تام بأن البلد بحاجة إلى المثقفين في كل المجالات وكافة الاختصاصات، مضيفة:

«لقد أحب اللغة الانكليزية وعشقها كثيراً، وكانت جدران غرفته المشتركة مع بقية إخوته ملأى بالكتابة الانكليزية والقصائد العربية وهي تشهد على ذلك الآن، والتي في مجملها تعبر عن حبه وعشقه لتراب هذا الوطن، الذي وبعد اندلاع الأحداث طلب من أمه عدة مرات عبر الهاتف أن تدعو له بأن يحقق الله حلمه في الذود عن حمى الوطن ونيل شرف الشهادة.

ولأنه مخلص وصادق فيما يطلب تحقق ما تمنى، وأصبح أول شهيد يروي بدمائه الطاهرة تراب الوطن، وذلك في أحداث محافظة "درعا" بتاريخ "23/3/2011"».

الآنسة "براء محمد عثمان" أخت الشهيد أيضاً، قالت: «لم نتوقع يوماً أن هذا الشاب الطيب العفوي في تصرفاته المحب للحياة أن يفارقنا بهذا السرعة، فكان خبر استشهاده كالصاعقة التي تحرق أينما تصيب.

أخبرنا رفاقه عن استبساله وتقدمه للصفوف الأولى للقوى الأمنية، غير آبه بالموت لأنه مدرك بأن مكانه في جنات النعيم موجود بإذن رب العاملين».

السيد "فايز شداد" أحد المشاركين في تشييع جثمان الشهيد "خلدون قال: «لم يكن الشهيد "خلدون" إلا زهرة تفتحت في حديقة الوطن لتنشر عطرها في أرجائه كافة، لذلك وعند تلقينا خبر استشهاده لم نستطع تلقي كافة الاتصالات من الأصدقاء والمعارف من خارج القرية، والتي تسأل عن هذا الشهيد الذي هو من قريتنا ومتى ستكون جنازته الطاهرة.

حيث بدأت الوفود تتهافت من جميع قرى ومناطق المحافظة للمشاركة في تشييع حامي الحمى الذي لم يبخل على الوطن بتقديم روحه، وخاصة أننا عشنا عقوداً من الزمن في أمن واستقرار وأنا قدرت بأن عدد المشيعين الذين توافدوا للمشاركة بتشييع جثمانه الطاهر بحوالي /5000/ مشارك».