داخل مغارة "الدباكية" الواقعة للشرق من قرية "خازمة" التي تبعد عن مدينة "صلخد" حوالي 25 كيلومترا، اجتمع الثوار وقادة سورية فيها، والقرار الذي توصلوا إليه بعد جدال طويل إلى الاستمرار بالثورة مع كامل التأييد، الأمر الذي جعل أحد المجاهدين ينتصب على ركبتيه ويخاطب الحضور بالمنفى الطوعي إلى الأردن ثم إلى "وادي السرحان".

عن الحادثة بواقعيتها ونقلاً عن المجاهد "يحيى رزق" أحد الحضور في المغارة إلى ولده الأديب "عادل رزق" الذي بدوره بين لموقع eSwueda ما جرى داخل المغارة قائلاً: «حدثني والدي "يحيى رزق" أنه وبعد إحكام سيطرة الفرنسيين على الجبل، تجمع قادة الثورة في مغارة "الدبّاكيّة" الواقعة شرق خربة "خازمة" وعلى رأسهم قائد الثورة "سلطان باشا الأطرش" وبحضور كل من "شكري القوتلي، ود. عبد الرحمن الشهبندر، والأمير عادل ارسلان، واسماعيل الترك، ولفيف من ثوار القطر، ومن بينهم المجاهد "يحيى رزق" للتداول بأمر المواجهة العسكرية غير المتكافئة مع الاستعمار الفرنسي بعد قتال دام أكثر من عامين وتكبدت البلاد خسائر مادية وبشرية وخاصة أبناء الجبل».

حدثني والدي "يحيى رزق" أنه وبعد إحكام سيطرة الفرنسيين على الجبل، تجمع قادة الثورة في مغارة "الدبّاكيّة" الواقعة شرق خربة "خازمة" وعلى رأسهم قائد الثورة "سلطان باشا الأطرش" وبحضور كل من "شكري القوتلي، ود. عبد الرحمن الشهبندر، والأمير عادل ارسلان، واسماعيل الترك، ولفيف من ثوار القطر، ومن بينهم المجاهد "يحيى رزق" للتداول بأمر المواجهة العسكرية غير المتكافئة مع الاستعمار الفرنسي بعد قتال دام أكثر من عامين وتكبدت البلاد خسائر مادية وبشرية وخاصة أبناء الجبل

وتابع الأديب "رزق" بالقول: «أثناء تلك الفترة دخل الجوع والفقر إلى كل منزل، وكان لاستعادة المواجهة أن تتوافر المساعدات والدعم المعنوي والبشري، وضمن تلك الظروف القاهرة طلب القادة من الثوار الاستمرار والمقاومة ووعدوا بالدعم والتأييد الكاملين، وكان أحدهم يسبّح بمسبحة ثمينة ذات الحبات الكبيرة وكل حبة يسمع لها صوت، الأمر الذي دعا المجاهد "فارس فرج" من قرية "الغارية" أن يستأذن من قائد الثورة "سلطان الأطرش" بالجواب فانتصب المجاهد "فارس" على ركبتيه وقد استولى عليه الغضب من مثل تلك الوعود، وقال: "يا شكري بيك، يا اسماعيل الترك يا فلان يا علان يا قادة سورية، البلاد ما بتتحرر بطق المسابح، البلاد بتتحرر بالرجال والسلاح والمال، هاتوا رجال وهاتوا سلاح ومال ساعتها بتستمر الثورة، وغير هيك ما بتستمر، وأنتو بتعرفوا وين راحوا رجالنا وين راح سلاحنا ومالنا وشو بدكن أكثر من هيك؟"، سكت الرجال وكان السكوت تعبيراً عن ضرورات القتال، وواقع الحال، فأتى ذلك إيذاناً بإيقاف النشاط الحربي وبدء حرب العصابات، التي من شأنها انتقال الثوار إلى منطقة "النبك في السعودية" ثم "وادي السرحان" الذي وصفه الأمير "عادل ارسلان" بأبيات شعر قال فيها:

الاستاذ عادل رزق

في مهمهٍ قفر كأن السما/ لم تروه بالقطر من عهد نوح

إنسانه ضب وأشجار شيح/ وأصوات التغني فيه فحيح

المجاهد الشيخ يحيى رزق

ينوح فيه الذئب مستوحشاً / واحسرتا للذئب فيما ينوح».

ويؤكد مصداقية الواقعة الشيخ "أبو حمد محسن الملحم" الذي شارف على القرن من العمر وهو على فراش المرض حيث قال: «اجتمع القادة في مغارة "الدباكية" شرق "خازمة" القريبة من قريتنا "ملح" وبعد أن وقف "فارس فرج" وخاطب القادة بصوت قوي وأجش مميز خيم الصمت على المقعد أو المجلس لدقائق عدة ثم طلب بعض القادة الإذن بالانصراف وكان من بينهم "شكري القوتلي، وتكليف أحد الحضور أن يقودهم نحو المعمورة لينتهي الاجتماع الأخير للثورة السورية على أرض المعركة، وبعدها ارتحل من أراد من الثوار بقيادة "سلطان باشا" إلى منطقة "الأزرق" وأعلنوا بذلك بدء القتال على نحو آخر وكان من بينهم "يحيى رزق وأسرته إذ ترك ابنه عبد الكريم لإدارة شؤون بيته وأرضه وأمه "زريفة" وطفلته "شمخة" حيث رفضت أمه التخلي عنها وأبقتها عندها، وابن أخته "محمد رزق" وأسرته، والمجاهد "علي الملحم"، وبعد عودة الثوار ما بين عامي 1936 و1937 قابلت المجاهد "زيد الأطرش" شقيق "سلطان" وذكرته بتلك الحوادث وأكد أنه قرأ عن هذا الاجتماع ضمن مذكرات الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" الناطق السياسي باسم الثورة».

الشيخ محسن الملحم