للأكراد في سورية ثقافة وفلسفة ونظرة للحياة، تنامت في وجدانهم عبر الأجيال المتعاقبة، نتجت من تفاعل المجموعات البشرية التي عايشتها، لتؤلف أبجدية سلوكية وقواعد تداخلت مع المكونات الأخرى، مشكلةً طيفاً فسيفسائياً جميلاً تحت سماء الوطن الواحد، ولعل أصدق التعابيرعن هذه الفلسفة والقيم ظهرت جلياً في الفلكلور "الكردي" في "سورية" ومورثه الثقافي من خلال الأناشيد والقصائد والرقصات والموسيقا والأزياء الخاصة.

موقع eHasakeh التقى الفنانة "مزكين طاهر" والتي تعمقت بمتابعتها لموضوع الزي "الكردي" لتحدثنا قائلة: «ملابس المرأة "الكردية السورية" ملابس زاهية مثل زهو البيئة الربيعية الجبلية، وأبرز ما يميز هذا الزي هو الرداء الملون اللماع الفضفاض الطويل والزخمة الذهبية، المحلاة بأقراص فضية أو ملونة، ثم السروال الطويل الذي تتناغم ألوانهُ، في أطرافه السفلى، مع لون الرداء الفضفاض، والشائع هو أن تحتفظ المرأة مع زيها بغطاء مميز للرأس محلى بالحلي ومن محاسن ومكملات زي المرأة "الكردية" في "سورية" هي الإكسسوارات الذهبية أو الأحجار الكريمة والخرز التي تضفي لهيئتها رونقاً وبهاءً متميزين، وما يميز الأزياء النسائية "الكردية السورية" وعلى نطاق واسع بريقها ولمعانها والوانها الصارخة، التي تسر الناظر وتستقطب الانتباه حتى من مسافات بعيدة فالأقمشة المستخدمة فيها مصنوعة وفق مواصفات معينة تجعل هذا الزي فريدا من نوعه بين جميع الأزياء الشعبية الأخرى المعروفة في العالم، فهي تتألف في هيئتها الاعتيادية من دشداشة طويلة تغطي في الغالب أخمص القدمين، وذات كمين طويلين يرتبطان بذيلين مخروطيين طويلين أيضاً يسميان بـ "فقيانة"، وفي الغالب تخيط هذه الدشداشة من قماش شفاف جداً ذي خيوط حريرية ناعمة الملمس ومطرزة بأنواع مختلفة من المنمنمات والحراشف المعدنية البراقة الشبيهة بحراشف السمك، وترتدي المرأة "الكردية" في "سورية" تحت هذه الدشداشة العريضة قميصا داخلياً رقيقا وحريرياً، لكنه ذو لون داكن وغير شفاف ليصبح بمثابة خلفية عاكسة للدشداشة الشفافة، مع العلم أن القميص الداخلي كان يخاط في السابق بشكل واسع وعريض، لكنه أصبح الآن ضيقا ومفصلا يلتصق بجسد لابسته لإظهار مفاتن قامتها على نحو واضح طبقا لتطورات الموضة، أما الجزء العلوي من هذا الزي فانه مؤلف من سترة قصيرة جداً بلا أكمام لا يزيد طولها على (25) سنتيمترا تخاط في الغالب من نوع خاص من الاقمشة المغطاة كاملة».

وفي موسم الشتاء تستبدل هذه السترة القصيرة بأخرى طويلة تصل إلى أسفل الكعبين وذات كمين طويلين وتحاك من نفس الأقمشة، وعادة ما يتم تنسيق الألوان بدقة متناهية بين لون قماش الدشداشة الرقيقة والقميص الداخلي والسترة القصيرة والسروال الطويل الذي تمتد أكمامه الضيقة إلى أسفل الكعبين، والذي يحاك في الغالب من الأقمشة الحريرية ذات البريق الساطع، حتى تبدو لمن ينظر إلى المرأة التي ترتدي هذا الزي الشعبي بصورته الكاملة وكأنه ينظر إلى لوحة فنية لرسام متذوق جمع فيها كل ألوان الطيف الجذابة وأبدع في التنسيق والمزج بينها ظاهرةً على هيئة موزاييك يثير الإعجاب والاندهاش. تحرص المرأة "الكردية السورية" غالبا على ارتداء هذا الزي الفسيفسائي الجميل في المناسبات السعيدة، كما تعمد سيدات أو بنات الأسر الثرية إلى ارتداء الأحزمة الذهبية التي يزيد عرضها على عشرة سنتيمترات التي تصنع خصيصا لهذا الغرض وبمبالغ باهظة، حيث تربط حول الخاصرة

تتابع: «وفي موسم الشتاء تستبدل هذه السترة القصيرة بأخرى طويلة تصل إلى أسفل الكعبين وذات كمين طويلين وتحاك من نفس الأقمشة، وعادة ما يتم تنسيق الألوان بدقة متناهية بين لون قماش الدشداشة الرقيقة والقميص الداخلي والسترة القصيرة والسروال الطويل الذي تمتد أكمامه الضيقة إلى أسفل الكعبين، والذي يحاك في الغالب من الأقمشة الحريرية ذات البريق الساطع، حتى تبدو لمن ينظر إلى المرأة التي ترتدي هذا الزي الشعبي بصورته الكاملة وكأنه ينظر إلى لوحة فنية لرسام متذوق جمع فيها كل ألوان الطيف الجذابة وأبدع في التنسيق والمزج بينها ظاهرةً على هيئة موزاييك يثير الإعجاب والاندهاش.

الفنانة مزكين طاهر

تحرص المرأة "الكردية السورية" غالبا على ارتداء هذا الزي الفسيفسائي الجميل في المناسبات السعيدة، كما تعمد سيدات أو بنات الأسر الثرية إلى ارتداء الأحزمة الذهبية التي يزيد عرضها على عشرة سنتيمترات التي تصنع خصيصا لهذا الغرض وبمبالغ باهظة، حيث تربط حول الخاصرة».

وفي عدة لقاءات منقولة تحدث الكاتب والباحث في التراث الجزراوي "صالح هواش المسلط" عن زي "الأكراد" في سورية قائلاً: «"للأكراد السوريين" من أبناء الريف لباسهم الخاص سواءً للرجل أو المرأة، فبالنسبة للباس الرجل يتكون من الطاقية او "الكلاو" أو"التبلة" وهي قبعة صوفية قوية، ويلف حولها "الميزر" وهي عمامة تتألف من الطاقية أو العمامة الملونة بالأحمر أو الأسود كلباس للرأس يلف حولها قطع قماش مربعة "جامانة" أو"مشكي" أو "جفته" بحسب نوعها، ويتكون لباس الجسد من سروال أبيض فضفاض مغلق من الأسفل وقميص مصنوع من القطن الأبيض ذي أردان طويلة وسروال "شروال" فضفاض وسترة تتقاطع من الأمام فوق البطن ومطوية في السروال، ويلف الرجل حول خصره قطعة طويلة من القماش يبلغ طولها ما بين (4-5) أمتار (الحزام) وعندما يلف يشغل المساحة الكائنة بين الخصر والبطن، كما يلبس فوق سترته معطفاً من اللباد الخشن أبان الطقس البارد، واللباس "الكردي" في "سورية" كما هو معروف نوعان "الشال والشابك" أو "الرانك والجوغة" ويختلف النوعان من حيث القماش المستخدم أو الموديل او التفصيل، وغالباً ما يعمد الرجال إلى إطلاق شواربهم وهو مظهر من مظاهر الرجولة والقوة، كما يتعمدون وضع "الخنجر" تحت زناره وهي عادة موروثة.

فتاة ترتدي الزي الكردي

ولابد من الاشارة هنا بشكل خاص إلى الحزام فهو يستخدم في كل المناطق باختلاف بين منطقة إلى اخرى ومن قبيلة لأخرى، ولهذا الحزام ضمن البيئة الجبلية التي كانوا يعيشون بها فوائد شتى أهمها: أنه يشد من عضلات الظهر والبطن عند أداء الأعمال الصعبة والشاقة وفي تسلق الجبال العالية. و يحمي الظهر والبطن من البرد.

ويتحول الحزام في حالات معينة إلى نقالة في حالة الإصابة بالحرب، وعند نقل الأمتعة. وطبعاً يحمل العتاد والخنجر، فضلاً عن خاصيته الجمالية الجذابة وطابعه "الكردي" فهو مكمل للزي وجزء مهم منه.

الباحث صالح هواش المسلط

الكاتب "تيمور عبدكي" يقول عن الزي "الكردي" في "سورية": «طوال القرون والعقود السالفة ظل هذا الزي بنوعيه الرجالي والنسائي ثابتا من حيث التصميم، رغم التغيير المستمر في نوعية الأقمشة المستخدمة في حياكتهما، تبعا للتطورات الحاصلة في عالم صناعة الأقمشة، لكن العديد من المصممين المتخصصين في الأزياء "الكردية" عمدوا أخيرا إلى إدخال تغييرات نوعية في تصميم هذا الزي الفلكلوري التراثي الذي ظل لعصور طويلة عصيا على تيار الموضة الجارف، من خلال المزج بين التصاميم السابقة وإضافة لمسات أخرى عليها للخروج بنماذج وتصاميم جديدة تنسجم مع روح العصر وصيحات الموضة، كما فعلت بعض المصممات أمثال "دلكش مراد" التي قدمت عروضا منفصلة من نماذج غاية في الجمال لما أضافته عليها من لمسات عصرية».