عادةٌ قيل إن أصلها قروي وانتقلت من الريف إلى المدينة بانتقال أعداد كبيرة من الريفيين للإقامة في المدن، فصارت تحتل اهتمام الأهالي متجاوزةً أنها عادة سنوية إلى تشكيلها مظهراً من مظاهر المباهاة في المدينة والريف على السواء، إنها عادة التموين السنوي أي تخزين بعض المواد الغذائية فيما اصطلح على تسميته في "دير الزور" "بيت المونة" وقد كان هذا الأمر الشغل الشاغل للعائلات حتى وقت ليس بالطويل، ما ولد الكثير من المعتقدات المرتبطة بها والتي يؤمن بها الأهالي ويتوارثونها.
للتعرف على تلك المعتقدات التقى eSyria السيدة "سعاد الصالح" ربة منزل، من حي "الثورة" والتي حدثتنا في البداية عن محتويات بيت المؤونة بشكل موجز قبل الحديث عن المعتقدات المرتبطة به حيث أفادتنا بالقول: «تعتمد المؤونة في "الدير" بشكل أساسي على تخزين القمح والسمن والحطب وهذه تعتبر مواد أساسية، وكل ما عداها يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية مثل الزبيب والكمأة والتمور والخضار المجففة، وكانت نساء الحي يتعاون في تحضير المؤونة وخاصة فتل الشعيرية وسلق البرغل فهذان العملان يحتاجان إلى جهد جماعي كما أن المنافسة في فتل الشعيرية تحفزهن أكثر على العمل، بينما تتعاون نساء البيت على تحضير الجبن أو الكمأة وتجفيف بعض أنواع الخضار، أما عن بعض ما آمن به "الديريون" حول المؤونة، فأبرزه كان يتعلق بالخوف من الحسد لذلك كانت بيوت "الدير" تعلق على باب بيت المؤونة نضوة فرس لتحول دون الإصابة بالعين وذلك أسوةً بباب البيت نفسه، كما كان دخول بيت المؤونة خاصاً بربة الأسرة فلا تدخله الكنة أو الابنة مثلاً بغض النظر عمن ستتولى عملية الطبخ، وذلك لعدة أسباب أهمها الاعتقاد بأن كثرة دخول الأفراد إلى بيت المؤونة سيفقدها بركتها، ولأن المرأة كبيرة السن أقدر على تحديد الكمية المطلوبة وبذلك تتولى هذه المهمة، ويجب عليها أن تسمي قبل الدخول، وكذلك قبل أن تأخذ ما تريده حرصاً على عدم ضياع البركة، كما كانوا يتشاءمون من بعض الأمور مثل دخول بعض الحشرات كالعنكبوت وذلك للربط بينه وبين البيوت المهجورة فيعملون على إزالة بيته ونقل العنكبوت إلى خارج الحجرة دون قتله، كما أنهم كانوا يتشاءمون من إعارة بعض مواد المؤونة في بداية الشهر لأن إعارتها في هذا التوقيت قد تذهب البركة من المنزل ومن المؤونة».
إن الحديث عن مؤونة البيت لا يجب أن يكون أمام الضيوف حيث يعتبر هذا الأمر أحد الأسرار الخاصة، والحديث عنه غير محبب سواء للغني أو الفقير فقلة المؤونة قد تجلب السخرية والمهانة لأهل البيت، والحديث عن كثرتها قد يجلب الحسد، ولهذا نجد أن الناس لم تكن تستحب دخول الضيوف الطفيليين لرؤيتها
وحول ذكر بيت المؤونة ومحتوياته أمام الغرباء من قبل أهل البيت سألنا السيدة "عروبة مطر"، ربة منزل، تقطن في "حي "سينما فؤاد" التي أفادتنا بالقول: «إن الحديث عن مؤونة البيت لا يجب أن يكون أمام الضيوف حيث يعتبر هذا الأمر أحد الأسرار الخاصة، والحديث عنه غير محبب سواء للغني أو الفقير فقلة المؤونة قد تجلب السخرية والمهانة لأهل البيت، والحديث عن كثرتها قد يجلب الحسد، ولهذا نجد أن الناس لم تكن تستحب دخول الضيوف الطفيليين لرؤيتها».
أما فيما يتعلق بتنظيف بيت المؤونة فقد كان له هو الآخر معتقدات خاصة عنها حدثتنا السيدة "أمل العبيد" ربة منزل، بالقول: «على الرغم من اهتمام المرأة "الديرية" بتنظيف منزلها الذي تقضي فيه كل يومها كونها كانت غالباً امرأة غير عاملة، فإن تنظيف حجرة المؤونة كان له وضع خاص فقد كان يعتبر كنسها أمراً يذهب البركة ولذلك لا تعمل على كنسها إلا على فترات متباعدة وتكتفي بين وقت وآخر بترتيبها وإعادة النظر بمحتوياتها».
ومن التقاليد الطريفة الدارجة حول المؤونة ما عرضته السيدة "يسرى العلوش" القاطنة في منطقة "حويجة صكر" بقولها: «عندما ينتهي الموسم وتفرغ أكياس المؤونة من القمح وغيره من المواد الغذائية وينفد سمن الخابية، فإن النساء في المنزل يفرحن ويتفاءلن لأنهن عشن حتى نفدت مؤونتهن، ولذا فإنهن يقفن في بيت المؤونة بجانب الأكياس والخابية ويزغردن معبرات عن فرحهن ويقلن مقولة مشهورة في "الدير" وهي مقولة "العودة بخير إن شاء الله"».