أغمض عينيك، دقق السمع، استرخ وحلّق في سماء قريتك هناك في تلك المضافة يأتيك صوت شعبي مليء الحزن، أخطأت إن اعتقدت أن من يغني "محمد صادق حديد" بل هو صوت "أيمن كحيل" الذي أطلق عليه "خليفة أبو صادق".
موقع eSyria التقى به ليتعرف أكثر على الجانب الفني في حياته وهو الذي بدأ عمل عاملاً في محطة بنزين.
كل منا يمتلك إحساسه الخاص، فلا يوجد تطابق بيننا ولكنني الأقرب إليه، حتى أنه جعلني خليفته في الغناء، لذا لم أكن أجرؤ على مسك الربابة طوال حياة "أبو صادق"، فهو لاعب ماهر في العزف
بدايته وكما يقول نوع من الانسجام مع صوت "محمد صادق حديد" والذي لا يرى شبهاً بين الصوتين، فيقول: «كل منا يمتلك إحساسه الخاص، فلا يوجد تطابق بيننا ولكنني الأقرب إليه، حتى أنه جعلني خليفته في الغناء، لذا لم أكن أجرؤ على مسك الربابة طوال حياة "أبو صادق"، فهو لاعب ماهر في العزف».
بعد وفاة شاعر ومطرب "سلمية" الأول "محمد صادق حديد" عمل "أيمن" على إعادة أغانيه وهنا يقول: «يقتصر نشاطي الغنائي على إحياء السهرات في المطاعم والدعوات الخاصة، والكل يطلب مني أن أغني لون "حديد" وأنا لا أبدي انزعاجاً من ذلك بل أعتبر نفسي محظوظاً، فقامة ذلك الفنان شامخة في كل سورية وليس في "سلمية" وحدها».
كان عليه أن يتعلم العزف على الربابة، وقد فعل: «بعد وفاة "حديد" تعلمت العزف على الربابة وقد قال لي لا تبعدها عن ناظريك لذا فمكانها دائماً إلى جانب باب غرفتي كي أراها دائماً، كانت وصيته لي بمثابة أمر وقد أدركت ذلك لاحقاً عندما بدأت علاقتي بالربابة تزداد وزاد تعلقي بها، عرفت كم كان مصيباً في رأيه».
ولأنه ورث حملاً ثقيلاً في تصديه للأغاني الفلكلورية سألناه عن دوره في إعادة إحيائها فقال: «تراثنا السوري بشكل عام غني بموسيقاه وأغانيه، ولكن معظمه ضاع لأسباب لها علاقة بالتقنية والتسجيل والتوثيق، في وقت ما كان يجب أن تسجل كل أغنية، وكل موال، ومن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها البعض من المطربين أنهم كانوا يرفضون بل ويمنعون تسجيل أغانيهم أو سهراتهم، للأسف كانوا مخطئين في ذلك».
ويضيف: «منذ مدة وأنا أفكر بمشروع "جلسة سلمونية" ونفذت منها الشيء القليل وأنا مستمر في ذلك، نريد من يدعم مشروعنا هذا، ومن لديه الكلمة واللحن والشيء الذي اندثر فنحن على استعداد لإعادة إطلاقه من جديد».
ويذكر لنا "أيمن كحيل" أن شركة يابانية لتصنيع "الأورغ" أرسلت موفداً لها كي يحصل على تسجيلات حية بصوت "محمد صادق حديد" وعزفه على الربابة لإضافتها إلى آلة الأورغ التي يصنعونها.
فما حصل بين "أيمن" والربابة؟ وكيف هي العلاقة؟ يقول: «ليست الربابة وحدها باتت الحاجة الضرورية بالنسبة لي، أيضاً "الزمر" الذي كان صديق الأفراح فيما مضى من الأيام، حتى في يومنا هذا ومع تطور التقنية والاستغناء عن الربابة والزمر تجد أن نغمتيهما قد أدخلتا إلكترونياً على آلة الأورغ للإيحاء بهما لما لهما من وقع مهم في ذاكرة الناس رغم كل هذا التطور».
ويتابع: «بوتر واحد تعطي كل هذه النغمات، كم هي عظيمة هذه الربابة، وأنا شخصياً أحبها لأنها قريبة مني تناسب طبيعة صوتي، هي بنت البيئة، ليست غريبة بل تراها ضيفاً محبوباً والكل ينصت لها، تحمل في صوتها سراً كرّسها لتكون الآلة الشعبية الأولى في منطقتنا وكل المناطق الريفية عموماً».
ولكن الغناء مهما كان نوعه يقرب صاحبه من الناس، يتحدث عن ذلك فيقول: «هذا أمر صحيح، فكثر هم الذين لا يعرفون "أيمن كحيل" وإن صادفتهم في مكان ما لا يعيرون اهتماماً، ولكنهم عندما يسمعون أغنياته وصوته فإن الأمور تذهب باتجاه مختلف، هذا هو واقع الحال في كل المناطق، فالغناء يمنح صاحبه جواز سفر إلى قلب الناس خاصة منهم أصحاب الأصوات المميزة، وأعتقد أنني منهم لارتباط طبيعة صوتي بمطرب أجمع الجميع على حبه».
انتشرت أغنية "يارايح سلمية" بصوت العديد من المطربين، ولكن شرارتها الأولى كانت بصوت "أيمن كحيل"، يقول عنها: «هي أغنية من كلمات الشاعر الغنائي "محمد الحواط" (أبو أحمد)، تتحدث عن عشق لا متناه لتراب مدينتي التي أحب، وهي طويلة جداً لأننا نذكر فيها معظم الأماكن والمناطق والآثار المشهورة في "سلمية" ومحيطها، مثل "قلعة شميميس" "قناة الغندورية"، الحمّام الأثري.. وغيرها، وقد لاقت صدى كبيراً جعلت العديد من المطربين يحفظونها لأنها تطلب منهم مراراً في الحفلات، والصدى الأكبر لها لمسته من قبل أهل "سلمية" الموجودين في المغترب لأنها تذكرهم بتفاصيل مدينتهم، وكأنها تدعوهم للعودة إليها».
الجدير بالذكر أن المطرب الشعبي "أيمن كحيل" من مواليد مدينة "سلمية" في العام 1961 وحاصل على الشهادة الإعدادية. تعاون مع معظم الموسيقيين الموجودين في مدينته. من اهتماماته إعادة ما غناه المطرب "محمد صادق حديد". من أهم أغانيه الخاصة: "يا رايح سلمية" من كلمات الشاعر "محمد الحواط" وألحان "أمين فوزي".