"لئن شبت أسباب العداوة بيننا، لترتحلن مني على ظهر شيهم" هي واحدة من أقوال العرب التي يهدد بها واحدهم الآخر، مستخدماً حيوان "الشيهم" أو "النيس"- كما يسميه البعض- الذي له من الأشواك على ظهره ما يصلح لإيلام العدو، إلا أن "النيس" بات اليوم مغيباً، لا يعرفه معظمنا، فهل جهلنا به ناتج عن تمدننا في حين يسكن هو البادية والغابات، أم لكونه حيواناً ليلياً، أم إن الانقراض بات يهدده وندر وجوده في سورية؟؟؟.

وللتعرف على حيوان "النيس" كان لموقع eSyria جولة في حديقة حيوانات "عالم السحر" لصاحبها "عزام مصاصاتي" الذي عرفنا على حيوان "النيس" واصفاً إياه بالقول: «حيوان له رأس سميك خال من الأشواك إلى الأذان، الأنف منتفخ والأذنان صغيرتان، تنتشر على معظم جسمه أشواك، والبطن مكسو بشعر كثيف بني، وهو حيوان ليلي يتجنب العيش بالقرب من الإنسان أو مسكنه، يعيش في جحور صخرية أو رملية، وهو حيوان كسول يختبئ في النهار ويتسلل ليلاً إلى الحقول ليتغذى على الخضار والقرعيات والجذور الدرنية، وقد سمي " النيس" لأنه يدخل الحقول ببطء فهو لا يجيد العدو، كما يقول البعض أن "النيس" يقضي في الشتاء سباتاً شتوياً غير أن هذا غير دقيق فهو قد يمتنع عن الخروج خلال أيام الشتاء الباردة جداً، أو في الأيام شديدة المطر، لكنه يخرج عندما يتحسن الجو، فهو لا يقضي سباتاً شتوياً بالمعنى الدقيق للكلمة».

يتوزع "النيس" جغرافيا في "بلاد الشام" و"العراق" وفي "شبه الجزيرة العربية" و"مصر" و"السودان" و"المغرب العربي"، وهو يتواجد في الغابات والمرتفعات الجبلية والبادية، ونادراً ما نجده في السهول والأراضي المنبسطة، وذلك لأنه يعيش في الجحور والمغارات

يوضح الدكتور "دارم الطباع" الحقائق حول بعض الأفكار المغلوطة عن هذا الحيوان المسالم بالقول: «من الاعتقادات السائدة لدى الكثير من الناس أن "النيس" يقوم عند الدفاع عن نفسه بقذف أشواكه بعيداً لتصيب عدوه مفرزة سموماً قد تسبب قتله لذا سماه البعض "وحش الغابات"، وهذا الاعتقاد خاطئ فإن ما يقوم به هذا الوحش المسكين عندما يشعر بالخطر هو أنه يدير ظهره باتجاه عدوه محاولاً إخافته بأشواكه المنتصبة، وفي نفس اللحظة يركض طلباً للنجاة، ونظراً لضعف ارتباط الأشواك بجسمه تنفصل هذه الأشواك أثناء الجري فتلامس جسم العدو مسببة له آلاما شديدة، وهذه الآلام لا تعود لوجود سم داخل هذه الأشواك كما يعتقد».

طفولة النيس

يتابع الدكتور" طباع" موضحاً الأطعمة التي يفضلها "النيس" بالقول: «إن "النيس" هو أحد القوارض، وهو يتغذى على العديد من النباتات كالخضار المتنوعة من قرعيات وبطاطا وبندورة وسوق الذرة والأجزاء الطرية من النباتات المختلفة ويستخدم لذلك مخالبه باحثاً عن الطعام، وقد يتغذى على الحشرات والفئران، أما بالنسبة للإنسان فهو غير مؤذ له إلا من حيث تخريبه للمحاصيل، لكن قلة أعداده تجعل هذا التأثير مهملا».

السيد "عزام" من حديقة "عالم السحر" حدثنا عن أماكن تواجد "النيس" بالقول: «يتوزع "النيس" جغرافيا في "بلاد الشام" و"العراق" وفي "شبه الجزيرة العربية" و"مصر" و"السودان" و"المغرب العربي"، وهو يتواجد في الغابات والمرتفعات الجبلية والبادية، ونادراً ما نجده في السهول والأراضي المنبسطة، وذلك لأنه يعيش في الجحور والمغارات».

د.دارم طباع

وعن دورة حياة "النيس" ما بين الطفولة وحتى البلوغ والتكاثر حدثنا السيد"عزام" بالقول: «يتكاثر "النيس" في فصل الربيع وتستمر فترة حمله شهرين تضع الأنثى/2-4/ صغار في جحوره المحمية، ويبلغ "النيس" سن التزاوج في عمر السنتين، وهو أحادي الزوجة أي يقوم الذكر خلال فترات التزاوج باختيار أنثى واحدة فقط ليشكلا عائلة ثنائية، وتضع الأنثى حملها في المكان المعد للولادة- ويكون مبطناً بعناية- بعد فترة حمل تستغرق حوالي /112/يوماً، وعلى عكس معظم القوارض، فإن هذه الصغار تولد مفتوحة العينين وتكسو أجسامها أشواك لينة تتصلب بعد مرور حوالي /10/ أيام».

وعن الحالة الراهنة للنوع حدثنا الدكتور "طباع" عن الخطر المحدق بـ"النيس" نتيجة التناقص المطرد لأعداده بالقول: « بات حيوان "النيس" مهدداً بالانقراض وذلك نتيجة تعرضه للقنص خصوصاً من سكان البادية حيث يصنعون الأمشاط من أشواكه، كما يباع جلده بأسعار جيدة، وبعض الناس يأكلون لحمه، ولتجنب انقراض هذا النوع البري قامت بعض الدول كـ "اليونان" بإنشاء محميات لإكثاره وحمايته من الأخطار».

عزام مصاصاتي صاحب حديقة عالم السحر

يتابع الدكتور "طباع" مشدداً على دور هذا الحيوان في التوازن البيئي بالقول: «لـ"النيس" دور مهم في الاتزان البيئي رغم أضراره التي قد يسببها للقرعيات والخضراوات والتي تعتبر بسيطة قياساً إلى منافعه العديدة، التي تتلخص في مساهمته في التوازن البيئي فهو يأكل الكثير من أنواع الحشرات التي يعتبر بعضها ضارا كـ"الجراد" مثلاً، كما يعتبر غذاءً للحيوانات المفترسة الأكبر منه كالذئب».