تاريخه الكروي لا يُنسى، بل يذهب إليه حتّى وإن كان بعيداً عن الملاعب، تميّز برأسياته التي كانت كثيراً ما تنقذ ناديه "الجزيرة" من الخسارة، نجح في الإفلات من عُقم الإصابة عدّة مرّات، ولكنّ الأخيرة في عام 1995 حرمته من الاستمرار، فولدت له أخٌ اسمه الحسرة والألم، تجاهل مراراتها، فاستبدل الألم بالتفاؤل والنشوة ولكن هذه المرّة على كرسي الإدارة.
موقع eHasakeh وبتاريخ 4/1/2011 التقى الكابتن "أحمد فرحان يونس" حيث تحدّث عن بدايات دخوله فيها قائلاً: «في بدايتي خرجت عما هو مألوف عندنا في "الحسكة"، حيث لم انتسب إلى أي من فرق الأحياء الشعبيّة، بل انتسبت مباشرةً وبتشجيع من الفنان التشكيلي واللاعب السابق "زبير يوسف" إلى نادي "الجزيرة" للناشئين وذلك في عام 1981، حيث صقلت موهبتي فيها، ولكن هذا لم يكن كافياً لإثبات ذاتي في عالم كرة القدم، فكان لابدّ من العودة إلى القاعدة مجدداً و اللعب في فرق الأحياء الشعبيّة، لأنّ تلك الفرق تعتبر المدارس الحقيقية لتخريج اللاعب المتميِّز، وهذا ما أعادني إليها وبالتحديد إلى فريق "النصر"، ومن ثم إلى فريق "الأسد" الذائع الصيت لمدّة 6 أعوام، مكنتني تلك التجربة في تجاوز حاجز عدم وجود الخبرة في التعامل مع جميع العوائق التي يتعرّض لها اللاعب، أثناء مشواره الرياضي، كالإصابات و المواقف المحرجة أمام الجمهور نتيجة تصرّفٍ ما».
كان "أحمد يونس" المنقذ الحقيقي لفريق "الجزيرة" من الخسارة، ومعظم أهدافه كانت تأتي في اللحظات الحرجة للفريق للخصم، يتميّز بذكاءٍ فائق في استغلال الكرات الرأسيّة، قوّته البدنية أهلّته ليكون من أهّم اللاعبين الذين كان يعتمد عليه المدرّبين، ولا أذكر مباراة لم يشارك فيها، ويمتاز بالأخلاق العالية المطلوبة لكلّ لاعب في كرة القدم، ولولا إصابته لكان الآن من أبرز الوجوه في تدريب الفرق، خاصةً وإنه من الذين لهم نظرة ثاقبة في غربلة المواهب بغية الحصول على المتميّزة منها
يتابع الكابتن "أحمد يونس" حديثه عن المرحلة التالية لمشواره الرياضي بالقول: «واصلت اللعب في نادي "الجزيرة" للشباب لمدّة عامين، حيث تمّ ترقيتنا من فئة الناشئين مع نخبة من الوجوه الكروية المعروفة كالكابتن "محمّد عبد اللطيف" و"عامر همو"، تعرضت في هذه المرحلة بالذات لإصابات كادت أن تبعدني عن الملاعب، ومنها أثناء المباراة التي جمعتنا مع نادي "بانياس" في نهاية الثمانينيات، حيث تعرّضت لإصابة أُغمي عليّ مدّة 24 ساعة بسببها، وهذا لم يمنعني من مواصلة اللعب، وخصوصا أنها عششت في دّمي، وفي الفترة التي كنت لاعباً في النادي لم نتعرّض إلى الهبوط إلى الدرجات الدنيا، بل كانت ترتيبنا دائماً في الثالث والرابع، وحصلنا في تلك المرحلة على العديد من الأوسمة، بعدها شغلت مقاعد فئة الرجال بالرغم من صغر سنّي أثنائها».
لم يعتزل "يونس" اللعب بل أبعدته الإصابة عن الملاعب، وبألم يتحدّث عنها قائلاً: «عُرِف عنّي أثناء المباريّات بالرجل الطائر، حيث كنت ألتقط الكرات العالية باقتدار، وفي معظمها كانت تّسجَّل أهدافاً، لذلك كان يطلق الجمهور عليَّ لقب "الدرجال" حبّاً باللاعب العراقي المعروف بمهاراته حينها "عدنان درجال"، وكنت دائماً أشغل موقع قلب الهجوم ورقم قميصي كان دائماً "اثنان"، واخترت كأفضل لاعب عام 1994 بعد مباراتنا مع نادي "الوحدة"، ولكن في مباراتنا مع فريق "الشرطة" التي أقيمت في مدينة "حماة" في عام 1995 وُضِع جدار حديدي أمام أهدافي المزعجة للفريق الخصم، حيث تعرّضت لإصابة بليغة في ركبتي اليمنى، فرضت عليّ إجراء عمليّة جراحيّة ولكنها لم تسعفني، مما اضطررت إلى ترك الملاعب بصفتي لاعباً، وهذا الخيار كان مطلوباً للحفاظ على سلامتي بنصيحة الأطّباء، ولكن هذا لم يمنعني من معايشة الأجواء الكروية، حيث قمت بتدريب فريق "الأسد" لمدّة عامين حصلنا خلالها على العديد من البطولات، بعدها تفرّغت للأعمال الإدارية في النادي».
"أحمد يونس" الذي يشغل منصب مشرف القواعد في نادي "الجزيرة" وعضو إدارة في ذات النادي، قُدّم له العديد من العروض من نوادٍ عريقة، ولكنه فضّل نادي "الجزيرة" وعن السبب وراء ذلك قال: «قُدِّم لي عروضٍ مغرية، أهمها كانت من نوادي "الشرطة" و"الفتوّة" ونادي "الجهاد"، ولكنني فضلت "الجزيرة" الذي يمثّل بالنسبة لي تاريخيّ المشرّف، ويصعب الفكاك عنه وعن جمهوره الرائع، هذا الجمهور الذي تسمع نبضات قلبه تشاركك في الملعب، وأعتقد أنه من المستحيل أن تجد جمهوراً يشبهه بحضوره ومتابعته لناديه، وهو ثاني أكبر جمهور على مستوى الوطن بعد جمهور نادي "تشرين"، وعندما تمرُّ بأحدهم تجد في عيونه الإحترام والتقدير للاعبي النادي، حينها لايمكنك إلا أن تتنازل عن جميع حقوقك في سبيل إرضاء ذاك الجمهور».
وفيما يتعلّق برأيه في حال الرياضة في "الحسكة" وكيفيّة الارتقاء بها، اختتم الكابتن "أحمد يونس" حديثه لنا بالقول: «أنجبت "الحسكة" العديد من اللاعبين المتميزين على مستوى الوطن، أمثال "إلياس ميرو" و "جورج خبّاز" وكذلك "عبد الله حمزة" و "ياسر شيخي"، وأصبحت في فترة من الفترات معقل الكرة السوريّة بامتياز، ولكن ما يحدث الآن من تراجع في مستواها يعود إلى أسبابٍ عديدة، أهمّها هو تشتت وغياب فرق الأحياء الذي أدّى إلى انعدام المواهب، وعدم وجود الملاعب وعدم توفّر الميزانية الماديّة المطلوبة لتطويرها، ممّا يحدوا بنا إلى المطالبة بتسليم الشؤون الرياضية ومنشآتها إلى الشركات الخاصّة، والاهتمام بالرياضيين بعد عودتهم من خدمة العلم أو بعد إكمال بعضهم المرحلة الجامعيّة».
"عبد القادر محمّد سعيد" لاعب سابق ومن أصدقاء "يونس" قال عنه: «كان "أحمد يونس" المنقذ الحقيقي لفريق "الجزيرة" من الخسارة، ومعظم أهدافه كانت تأتي في اللحظات الحرجة للفريق للخصم، يتميّز بذكاءٍ فائق في استغلال الكرات الرأسيّة، قوّته البدنية أهلّته ليكون من أهّم اللاعبين الذين كان يعتمد عليه المدرّبين، ولا أذكر مباراة لم يشارك فيها، ويمتاز بالأخلاق العالية المطلوبة لكلّ لاعب في كرة القدم، ولولا إصابته لكان الآن من أبرز الوجوه في تدريب الفرق، خاصةً وإنه من الذين لهم نظرة ثاقبة في غربلة المواهب بغية الحصول على المتميّزة منها».
يذكر أن الكابتن "أحمد يونس" من مواليد "الحسكة" عام 1970 ويعمل مدرّساً للتربيّة الرياضيّة، إضافة إلى إنشغاله في شؤون نادي "الجزيرة".