ما بين بلدات "الدي، جارة الوادي، الدويلية، باب النور" لمع أسم في عالم الجمال الرباني بمختلف أنحاء "سورية" وارتبط بالموت تارة وبالحياة تارة أخرى، وعرف باسم "وادي الهنيدي" بدايةً لحين وقوع الحدث الأهم في تاريخ منطقة "القدموس" الذي يتبع لها، عندما أصبح هذا الوادي السحيق جهنم للمعتدين ممن أرادوا سلب الحريات والاعتداء على الحرمات، ليطلقوا عليه بعدها اسم "وادي جهنم" .
السيد "حافظ غانم" من أهالي قرية "الدي" تحدث لموقع "eSyria" بتاريخ "30/11/2010" عن "وادي جهنم" الوادي الطبيعي الذي أصبح معلم سياحي يقصده الكثيرين: «الاسم الحقيقي لـ"وادي جهنم" هو نهر "نهر جوبر" أو وادي "الهنيدي"، وقد تميز بعمقه الشديد الذي يزيد على /700/ متر وزاوية انحدار حوالي /70/ درجة، وتنتشر فيه وعلى سفوحه غابة عملاقة من أشجار "الغار، السنديان، البلوط" وبمساحة تزيد عن /600/ دونم.
يحيط بمنطقة "وادي جهنم" عدة قرى تنتشر على سفوحه منها قرية "الدي" من الجهة الشمالية وقرية "الدويلية" من الجهة الجنوبية وقرية "باب النور" و "جارة الوادي" على امتداد منطقة الوادي
حيث يبدأ من وادي "الكوكعي" حتى موقع وادي "اللتاتيت"، وهو الوادي المنحدر والمغلق الذي يخرج منه صدى كل الأصوات في الوادي السحيق، وقيل فيما مضى أنها أصوات الجن وليست أصوات الصدى، لأن جميع الأصوات التي كانت تسمع كانت تصدر في وقت الهدوء والسكون، وينتهي "وادي جهنم" عندما يصل إلى "وادي البلوطية" كنية للقرية التي يمر بها» .
هو وادي الجمال الطبيعي كما تحدث عنه السيد "غانم غانم" بكل عشق، حيث قال: «عند النظر لهذا الوادي تتمتع العين بقدرة الخالق وتكويناته الساحرة التي أصبحت مضرب مثل للجميع، فلابد لكل عابر طريق من الوقوف والتمتع بهذا الجمال الذي ذاع صيته في الشرق والغرب، ففي فصل الصيف وعند المرور من هنا تجد الكثير من الناس يقفون ليلتقطوا الصور بجانب هذه الطبيعة الجميلة» .
لم يكن الجمال الميزة الطبيعية له فقط، وهنا يقول: «لقد استثمر أراضي الوادي من قبل أجدادنا بالزراعة رغم صعوبة الوصول إليها وانحداراتها الكبيرة، ومع هذه الصعوبة تجد الغنى والخصوبة حيث تزرع أشجار الكرم "العنب، الزيتون" في أغلب "حواكيره" التي لا تزيد عن الأمتار، مع العلم أن الوادي لا يرى الماء إلا في فصل الشتاء نتيجة تجمع مياه الأمطار فيه» .
وعن القرى المحيطة بـ"وادي جهنم" يقول السيد "محمود عباس": «يحيط بمنطقة "وادي جهنم" عدة قرى تنتشر على سفوحه منها قرية "الدي" من الجهة الشمالية وقرية "الدويلية" من الجهة الجنوبية وقرية "باب النور" و "جارة الوادي" على امتداد منطقة الوادي» .
ولكن لم يكن الجمال الطبيعي هو الذخيرة الوحيدة التي يحتفظ بها هذا الوادي لنفسه، وإنما احتفظ بلقب أشتهر به وعرف على مسامع الجميع، وهنا يقول المهندس "ناظم أبو أسعد" رئيس بلدية "الدي": «لقد ارتبط اسم هذا الوادي بالموت والحياة لسببين أولهما انه يعيد الحياة إلى قلب كل يائس وبائس عندما يمتع ناظريه بهذه الطبيعة والقدرة الربانية، والثاني أنه تمتع بشرف مناصرة المجاهدين الثوار ومساعدتهم في دحر القوات الفرنسية زمن الاحتلال».
وتابع المهندس "أبو أسعد": «فخلال وجود المجاهد الشيخ "صالح العلي" في منطقتنا مع رفاقه الثوار من أبناء قرى "الساحل السوري" أثناء الاحتلال الفرنسي، قرر الاحتلال اللحاق بالثوار إلى "الدي" فجهزوا بغالهم وأحصنتهم وساروا عبر الممر الإجباري، والذي هو الوادي وظنوا أنهم بأمان، ولكن حنكة المجاهد الشيخ "صالح" كانت الأقوى فرابط لهم مع بقية الثوار في منطقة الوادي السحيق حيث وقعت المعركة الشهيرة التي لم ولن ينسوها بحياتهم وهي معركة "الوادي" الذي أطلقوا عليه اسم "جهنم" لأنه كان مقبرتهم ولم يدركوا حجم القوة التي انهالت عليهم من الثوار في هذا الوادي وكانت الذخيرة تنهال عليهم كالأمطار، فمن بقي منهم عاد يحمل جراحه البليغة لتروي هول الحدث، ومن هنا جاءت تسمية هذه المنطقة من الوادي "بوادي جهنم"» .
أما عن أسماء الثوار المشاركين في معركة "وادي جهنم" فيحدثنا الباحث التراثي "حسن اسماعيل": «خلال فترة الاحتلال الفرنسي لم تبقى قرية إلا وشارك رجالها في مناصرة المجاهدين إما بالروح وإما بالمؤن، وقد كان لقرية "الدي" شرف المشاركة عبر خمس رجال هم "غانم معروف غانم" الذي أصيب برصاصة فرنسية خلف أذنه وبقيت ملازمه له حوالي /40/ عام دون أية أضرار حتى توفي، والمجاهد "حسين عيسى غانم" والمجاهد "صالح ميا" و "حمدان ابراهيم" و "شعبان حمود"» .