مع بداية شهر "أيلول" من كل عام يبدأ المزارعون أصحاب مزارع وكروم الزيتون بزيارة تفقدية إلى حقولهم لمعاينة المحصول بشكل عام وليجمعوا من كل شجرة أنضر وأفضل ثمارها ليصنعوا منها مخلل الزيتون "الزيتون المرصوص" كمونة سنوية لوجبات الفطور اليومية، حيث يقوم كل مزارع بجمع ما يحتاجه من الزيتون واتباع طرق متعددة لتحضير مخلل الزيتون.
موقع "eSyria" التقى السيد "عزيز محمد" من أهالي قرية "خربة السناسل" التابعة لمدينة "بانياس"، بتاريخ "13/11/2010" ليحدثنا عن أهمية تحضير "مخلل الزيتون" أو ما يعرف باللهجة الشعبية "رصات الزيتون"، حيث قال: «في كل عام وقبل البدء بقطاف الزيتون بحوالي /10/ أيام أقوم بجولة على الكرم الصغير الذي أملكه لأجمع من أطراف كل شجرة ما يحلو في نظري من ثمار الزيتون، وأحضرها إلى المنزل وأتركها كي ترتاح يومين، لتقوم النسوة بعدها بتخليلها وصنع مونة السنة والسنة القادمة من مخلل الزيتون "الرصات"، فهي وجبة صباحية لا تقاوم ولا تحلو دونها مائدة الإفطار، إضافة إلى أنها قد تحل محل وجبة طعام كاملة عند عدم توافر الوقت الكافي لربة المنزل لصنع الطعام».
وبعد الانتهاء من التقطيع والغسيل نحضر بيضة بلدية طازجة ونغسلها جيداً وننشفها من الماء ونضعها في وعاء مملوء بالماء ونبدأ بإضافة الملح الصخري خالي اليود إلى الماء بهدوء مع تحريكه كي يذوب في الماء، ونستمر بإضافة الملح إلى الماء وتذويبه حتى ترتفع البيضة من قاع الوعاء إلى الأعلى، وبهذه العملية يكون الماء قد مُلح بما فيه الكفاية أي ملحه ليس بقليل أو كثير
وبعد جمع الكمية المطلوبة والعودة إلى المنزل وتركها لترتاح حوالي اليومين، تتبع السيدة "ليلى شدود" طريقة مؤلفة من عدة خطوات لحين تجهيز المخلل، وهنا تقول: «خلال فترة اليومين نجهز الأدوات اللازمة لعملية "الرص"، والمؤلفة من "الرصاصة الخشبية" وهي عبارة عن أداة تشبه المطرقة المعدنية ولكن مصنوعة من الخشب، والمفرش البلاستيكي وهو عبارة عن كيس بلاستيكي من الحجم الكبير للقيام بعملية الرص عليه، إضافة إلى وعاء كبير لوضع الزيتون المرصوص فيه مباشرة بعد الرص على أن يكون مملوءاً بالماء، لكي لا يتغير لون الزيتون بعد رصه فيصبح ذا لون أسود».
وتتابع: «نبدأ بوضع حبات الزيتون على المفرش وضربها بالمطرقة الخشبية "رصها" واحدة تلو الأخرى بهدوء لكي لا تتضرر الحبة كثيرا وتفتح بشكل واسع، بل تفتح من أحد رأسيها قليلاً لتسمح بدخول الماء إلى داخلها، وبعد الانتهاء من رص الزيتون ووضعه بالماء يترك حوالي الأسبوع، ثم نقوم بتصفية الماء عن الزيتون المرصوص وإضافة ماء جديد حيث يعتبر الماء في المرة الأولى بمثابة غسيل أولى لثمار الزيتون، وحيث يترك الماء الجديد حوالي الأسبوع أيضاً، ثم نقوم بتصفيته مرة أخيرة ووضع ثمار الزيتون في وعاء كبير وإضافة الماء إليه، حيث نبدأ بغسله وتقليبه ضمن الماء وتنقية الثمار غير الجيدة أو المرصوصة بقوة ومفتوحة بشكل كبير، ثم نقوم برفعها من الماء وتركها جانباً لتتصفى من الماء، وخلال هذه الفترة الزمنية نقوم بقطف ثمار الليمون الحامض الطازجة وإحضار ثمار الفليفلة أيضاً، وغسلها جيدة بالماء، لنقوم بعدها بتقطيع كل ثمرة ليمون إلى أربع قطع ونترك الفليفلة كما هي دون تقطيع».
وتضيف السيدة "ليلى": «وبعد الانتهاء من التقطيع والغسيل نحضر بيضة بلدية طازجة ونغسلها جيداً وننشفها من الماء ونضعها في وعاء مملوء بالماء ونبدأ بإضافة الملح الصخري خالي اليود إلى الماء بهدوء مع تحريكه كي يذوب في الماء، ونستمر بإضافة الملح إلى الماء وتذويبه حتى ترتفع البيضة من قاع الوعاء إلى الأعلى، وبهذه العملية يكون الماء قد مُلح بما فيه الكفاية أي ملحه ليس بقليل أو كثير».
وبهذه الخطوات يكون الزيتون جاهزا للمرحلة الأهم والنهائية، وتوضح السيدة "ليلى" ذلك بالقول: «نقوم بوضع الزيتون المرصوص بوعاء بلاستيكي كبير أو صغير حسب كمية الزيتون المرصوصة، حيث تتم عملية وضع الزيتون بالوعاء بشكل تدريجي أي كلما وضعنا حوالي /2/ كيلوغرام نتوقف لوضع /4/ قطع ليمون حامض وثمرة فليفله واحد وقطفة من الزعتر البري الذي يضفي نكهة على الزيتون إلى جانب الليمون والفليفلة، ونتابع عملية وضع الزيتون على مراحل وطبقات حتى يمتلئ الوعاء، وعندها نقوم بتكبيس الزيتون ضمن الوعاء خلال وبعد إضافة الماء المملح، لمنع خروج حبات الزيتون من فوهة الوعاء البلاستيكي، ثم نقوم بإضافة القليل من زيت الزيتون إلى أعلى الوعاء لعزل الثمار عن الهواء الخارجي، ونضع كيسا بلاستكيا نظيفا فوق الزيت مباشرة لتمام العزل عن الهواء خوفاً من تلفه، إضافة إلى إغلاق الوعاء بغطائه الخاص بشكل محكم».
أما عن أهم أنواع الزيتون التي تصلح للتخليل، فتقول السيدة "ناهية شدود": «لكل نوع من ثمار الزيتون ميزة خاصة تظهر بعد عملية الرص، فمنها ما هو جيد ومنها ما هو غير صالح لعملية الرص، فالزيتون المسمى بـ"الصفراوي" زيتون مميز ومحبوب لدى الجميع لكثافة زيته ومحافظته على طعمه المر بعد الرص، أما الزيتون "الدعيبلي" فهو جيد للتخليل أيضاً لكنه يصبح ذا طعم حلو بعد الرص مقارنة بطعم الزيتون الأساسي، في حين أن الزيتون "الخضراوي" زيتون تقليدي للرص ويستخدم بشكل كبير بين الناس لتوافره بكثرة في كافة المناطق».