"هيثم رضا ناولو".. رجل يبلغ من العمر 61 عاماً وما يزال قلبه وذاكرته ينبضان بالحيوية والهمة، ذاك القلب الذي تصلّب أكثر بعد "حرب تشرين" وتلك الذاكرة التي حملت إلينا وبكل أمانة وصدق مجريات أهم حرب خاضها الجيش السوري في العصر الحديث وهي حرب تشرين التي جرت في العام 1973، باعتباره أحد الشهود الذين عاشوا تلك الأيام.

يقول السيد "هيثم رضا" لموقع eAleppo متذكراً: «قبل الحرب وخلال العام 1972 وبعد إنهائي لدورة نزع وزرع الألغام باشرنا العمل بالنزول إلى الأرض المحتلة لنزع الألغام والاستطلاع القسري ومن ثم حاولنا دخول مدينة القنيطرة ولم نستطع ذلك وقد استشهد احد رفاقنا خلالها وأسر آخر».

قبل الحرب وخلال العام 1972 وبعد إنهائي لدورة نزع وزرع الألغام باشرنا العمل بالنزول إلى الأرض المحتلة لنزع الألغام والاستطلاع القسري ومن ثم حاولنا دخول مدينة القنيطرة ولم نستطع ذلك وقد استشهد احد رفاقنا خلالها وأسر آخر

وأضاف: «في تلك الفترة بدأ الرئيس الخالد "حافظ الأسد" رحمه الله بالتحضير لحرب تشرين التي رفعت رأس العرب وغيّرت مجرى تاريخ الأمة العربية بكسرها شوكة إسرائيل وكسرها لحاجز الخوف عند العرب حيث كانت إسرائيل توهم العرب بأنّ جيشها هو أقوى جيش في العالم وأنه لا يُقهر، في حرب 1973 قُهر ذلك الجيش بأيدي أفراد جيشنا العربي السوري الذين استطاعوا تحرير مرصد جبل الشيخ ومدينة القنيطرة وما حولها.

في العام 1969

صبيحة السادس من تشرين الأول من العام 1973 كانت غير عادية في ثكنات جيشنا حيث فوجئنا بترتيبات وأمور غير مألوفة، وفي صبيحة اليوم التالي 7 تشرين علمنا ببدء الحرب حيث بدأ قصف مدفعي شديد من مدافعنا وذلك على طول الجبهة السورية وبالمقابل كان الجيش المصري قد بدأ بعبور قناة السويس واستمرت الحرب بشكل شديد مدة 24 يوماً، أوقف خلالها الجيش المصري الحرب ولكن سورية لم توقفها من جانبها حيث استمرت الحرب كما قلت 24 يوماً استطاع جيشنا خلالها الوصول إلى ما بعد مدينة "القنيطرة" وتحريرها كمرصد جبل الشيخ الاستراتيجي والخط الأمامي الذي كان يتمركز فيه الجيش الإسرائيلي.

الحرب من الوجهة العسكرية أثبتت أن العرب مقاتلون أشداء وأبطال، ومن الوجهة السياسية كسرت ما كانت تُسمى بدولة إسرائيل التي لا تُقهر كما ظهر التضامن العربي الحقيقي بأجمل صوره سواء من قبل الدول التي قطعت إمدادات النفط أو من خلال المظاهرات الشعبية العارمة المؤيدة لسورية ولحربها العادلة مع العدو في جميع البلدان العربية، وبعد انتهاء الحرب بدأت حرب الاستنزاف التي استمرت عشرة أشهر.

صورة أرسلها لوالدته في العام 1969

وحول المعارك التي خاضها قال السيد "هيثم رضا": «كنت في القطاع الشمالي للجبهة ومن أهم المعارك التي خضتها مع رفاقي هي معركة التصدي للكوماندوس الإسرائيلي وقد حدثت في صبيحة يوم 16 تشرين الأول حينما فوجئنا بوجود أفراد من الكوماندوس الإسرائيلي يتقدمون باتجاه المواقع الجديدة التي تمركزنا فيها بعد تحريرها وقد تنبه ضباطنا للأمر فجرت بيننا معركة شرسة استمرت من الساعة الخامسة والنصف صباحاً حتى الساعة السابعة مساءً وصلت إلى مرحلة العراك بالأيدي استطعنا خلالها أسر عدد منهم وبالتالي حافظنا على موقعنا ولم يستطع العدو احتلاله، إضافةً إلى مجموعة من المعارك خضناها طوال أيام الحرب».

وحول معنوياته ومعنويات أفراد جيشنا قال وقد اغرورقت عينيه بالدموع: «الله يرحم جميع رفاقنا الذين استشهدوا في الحرب، بالنسبة لمعنوياتنا فقد كانت عالية جداً وسأورد لكم المشهد التالي والذي يدل على معنويات جيشنا العالية، فخلال الحرب كانت الطائرات تقوم بنقل الجنود للمواقع الأمامية من الجبهة وكانت الطائرة الواحدة تحمل حوالي 20 جندياً وعند عودة الطائرة لنقل دفعة ثانية كان مئات الجنود يهبون ويركضون نحو الطائرة في كل مرة لركوبها بغية مساندة قواتنا في جبل الشيخ والخطوط الأمامية في مشاهد معبّرة ومؤثرة تدل على الشجاعة والبطولة والإقدام».

وحول أكثر ما تأثر به خلال أيام الحرب قال: «أكثر يوم تأثرت بأحداثه هو يوم اجتيازنا لحدود الأرض المحرمة وذلك في صباح السابع من تشرين الأول 1973 من مكان تمركزنا باتجاه مدينة القنيطرة لتحريرها، لأنّ الأرض والتراب والوطن هي الأغلى في حياة الإنسان فكيف سيكون شعور الإنسان وهو يعمل مع رفاقه على تحرير الأغلى في حياته /الأرض/ وإعادته للوطن الأم.

أما العدو فلم يكن يصدق أنه سيأتي يوم يقوم فيه العرب بمحاربته والانتصار عليه من خلال تضامنهم الحقيقي والفاعل ومن خلال قوتهم الجبارة، فقد شارك معنا الجيش العراقي والمغربي وخلال حرب الاستنزاف كان هناك الجيش المغربي والسعودي وقد حاربوا بمعنويات عالية».

وختم: «أنا رجل محظوظ بل أكثر من محظوظ لأنني شاركت في حرب تشرين وكان لي شرف المساهمة ولو بجزء بسيط جداً في تحرير أرضنا العربية الغالية وإعادته لحضن الوطن الغالي سورية، وأخيراً أود القول بأنّ هذه الحرب صنعت منا رجالاً أشداء وبواسل وألغت كل ما يتعلق بالجبن والخوف من حياتنا».

يُذكر أنّ السيد "هيثم رضا ناولو" هو من مواليد مدينة "حلب" في العام 1951 وحاصل على الشهادة الإعدادية في العام 1967.