كنا صغاراً، في كل صباح يدخل إلى آذاننا صوت وموسيقا "فيروز"، لنصحو مبتسمين متفائلين، وصارت هذه العادة يومية فاليوم الذي يمر من غير "فيروز" نشعر بأن شيئاً ينقصنا، ويرتابنا شعور أشبه بفقدان شيء من مخيلتنا في الصغر فنبدأ بالتداعي إذا واجهتنا مشكلة ما بتبرير للمشكلة بعدم سماعنا لـ"فيروز"، إذاً نستطيع القول إن "فيروز" أصبحت شيئاً روحياً ومعنوياً لا نستطيع الاستغناء عنه.
هذه المرة ظهرت "فيروز" في شوارع "اللاذقية" بحلة لم تشهدها المحافظة من قبل، فأثلجت صدورنا وجعلتنا نتفاءل ببائع الغاز الذي استبدل صوته في المناداة لبيع الغاز بصوت "فيروز" كدليل على مروره في مكان ما.
عندما تسمع "فيروز" عن طريق بائع أسطوانات الغاز تبقى منزعجا طوال النهار، ورأيي أن يوضع أي نوع موسيقا آخر غير "فيروز"
وآراء الناس في هذا الموضوع كثيرة ومختلفة بشكل كبير وجدلي فمنهم من وافق الفكرة ورآها محببة إلى قلبه ومنهم من عارض ومنهم له رأي آخر وحلول أخرى.
الدكتور "عفيف مشقوق" عضو مجلس محافظة "اللاذقية" تحدث لموقع eLatakia عن هذه الظاهرة بالقول: «بالنسبة لهذه الظاهرة كان وراءها قرار من السيد اللواء "زاهد حاج موسى" محافظ اللاذقية سابقا بوضع أشرطة "لفيروز" بدلاً من المناداة وإصدار أصوات لتنبيه الناس بمرور بائع الغاز لأن "فيروز" تعطي مظهرا حضاريا لبائعي الغاز».
السيد "حسن زيزان" بائع غاز تحدث عن تجربته الجديدة ببيع أسطوانات الغاز على صوت فيروز المدوي بالقول: «في بداية الموضوع كنا ننادي ونضرب على أسطوانة الغاز بأداة حديدية وذلك دلالة على مرورنا وأنا شخصياً كنت منزعجا من صوتي لكن في النهاية هذا مصدر رزقي، حتى صدر قرار من مديرية التموين صادر من السيد اللواء "زاهد حاج موسى" محافظ "اللاذقية" السابق بوضع أغاني "فيروز" بدلاً من المناداة دلالة على مرورنا لبيع اسطوانات الغاز وذلك في أوقات الدوام الرسمي، في بداية الأمر شعرنا بالخجل بانتقالنا من مرحلة سابقة بالمناداة إلى أغاني "فيروز" وبعد ذلك تأقلمنا مع الوضع الجديد وبرأيي هذا الموضوع أرقى ويعطي جمالية لمهنتنا وأتمنى أن تنتشر هذه الظاهرة في كل المحافظات السورية».
أما السيد "لؤي الضلع" وهو بائع غاز فيضيف: «إن وضعنا لأغاني "فيروز" في أوقات الدوام الرسمي لا يكفي لأننا نريد أن نسترزق وهذا الوقت لا يكفي لتأمين لقمة العيش.
بالتالي نستطيع أن نعتبر بائع الغاز وسيلة إعلامية لكن بطريقة سيارة الغاز لا بطريقة الفضائيات وحتى تصل "فيروز" دائماً إلى كل المناطق بحكم مهنة بائع الغاز وليتربى الجيل الجديد على "فيروز"».
كما التقينا السيد "علي فاضل" أحد الذين نالت الفكرة الجديدة إعجابهم ولقيت استحسانهم حيث قال: «في السابق كانت الناس تنزعج من مرور بائع اسطوانات الغاز لصوته المزعج وبعد وضع "فيروز" شعرت بارتياح فكري ونفسي لأن "فيروز" تعني لي الكثير وهذا أفضل من المناداة والصراخ ولأن "فيروز" جملت المهنة وأعطتها رونقا ثقافيا فريدا من نوعه وحسب رأيي أقول إن الفنانة الناجحة كيفما وضعت تبقى عظيمة ويبقى صوتها جميلا».
أما الطالبة الجامعية "هبه لواح" فعقبت على هذا الموضوع وكان لها رأي يخالف جميع الآراء التي وردت حيث قالت: «عندما تسمع "فيروز" عن طريق بائع أسطوانات الغاز تبقى منزعجا طوال النهار، ورأيي أن يوضع أي نوع موسيقا آخر غير "فيروز"».
ولمعلمة التربية الموسيقية "فاتن قعقع" رأي مختلف أيضاً: «هي ظاهرة حضارية ولكن من غير الجيد أن يرتبط اسم "فيروز" ببائعي اسطوانات الغاز فوصلنا لمرحلة أننا عندما نسمع "فيروز" نتذكر اسطوانة الغاز».
وللخياط "عمر مدنية" رأي آخر حيث يقول: «فكرة غير جيدة، لأن الصوت عال جداً ومزعج بالنسبة لي وأفضل أن ينادوا غاز بدلاً من وضع "فيروز" وحتى الأغاني التي توضع لا أستطيع بعد ذلك سماعها، وبرأيي أن "فيروز" لم تجمل المهنة لأن "فيروز" حالة روحية خاصة وإذا كان لا بد من وضع موسيقا أخرى فالأفضل أن تكون بصوت منخفض».