صمت بالأبيض والأسود غلب على معرض الفنان التشكيلي "يوسف عبدلكي" الذي أقيم في صالة "صبحي شعيب" مساء يوم الخميس 21/10/2010 بحضور عدد من فناني "حمص" التشكيليين البارزين.

المعرض ضم /20/ لوحة رسمت بطريقة الفحم على الورق، تنوعت بين الحجم الكبير والمتوسط والتي عبرت في معظمها عن النظرة الوجودية للحياة بأسلوب درامي و بألوان اقتصرت على الأسود والأبيض، حيث عرض الفنان "عبدلكي" أفكاره بطريقة تشكيلية فلسفية من خلال رموز بسيطة كالعصفور السمكة والجمجمة. وخلال المعرض أقام الفنان "عبدلكي" ندوة تعريفية تحدث فيها عن تاريخ الفن التشكيلي السوري وأسلوبه في الرسم التشكيلي.

اللوحات ببساطة هي شهادة داخلية عبرت عنها بلونين هما الأسود والأبيض بتماذج خلق اللوحة، لأني أعتبر أن أي لوحة تعبر عما داخل الفنان من أفكار ورؤى..

موقع eHoms التقى الفنان "عبدلكي" الذي حدثنا عن لوحاته التشكيلية فقال: «اللوحات التشكيلية التي عرضتها في هذا المعرض تنتمي لأسلوب جديد نسبياً اتبعته بالرسم مقارنة بالأساليب والطرق التي اتبعتها خلال فترات حياتي التشكيلية، فاللوحات رسمتها بطريقة الفحم على الورق واستخدمت فيها لونين هما الأبيض والأسود الذي نتج عنهما آلاف من التدرجات اللونية الرمادية التي عبرت عن الفكرة التي أطرحها من خلال هذه اللوحات، فاللون هو معبر عن الفكرة وهو جزء منها.

الفنان التشكيلي "يوسف عبدلكي"

الأعمال تنتمي إلى الطبيعة الصامتة التي ابتكرها الفنانون التشكيليون في أوروباً في القرن السابع عشر، وبنفس الوقت لا تنتمي إلى الطبيعة الصامتة لأن لوحات الطبيعة الصامتة هدفها تزين الغرف والصالونات بلوحات تبعث على التفاؤل والفرح، أما لوحاتي لا يوجد فيها شيء تجميلي، وبحسب القواعد التشكيلية للطبيعة الصامتة فأنا اخترت عناصراً تنتمي إلى الدرجة الثانية كالصحن السمكة والحذاء».

وعن الأفكار التي عرضها في لوحاته قال: «الفكرة الأساسية في لوحاتي هي الدمج بين المنظور الأوروبي والمنظور العربي الشرقي الذي يعتمد على المنظور الشطرنجي الروحاني الجمالي، والناظر إلى اللوحات يرى أنها ليست بإطار واحد هناك تنوع وغنى فكري، فأنت ترى السمكة الميتة المقطوعة والعصفور الميت وبجانبه السكين وجمجمة وفراشة..كل هذا أردت منه التعبير عن فكرة الموت التي أراها فكرة طاغية في الحياة، وهي بنفس الوقت حاضرة بقوة في هذه اللوحات التي ترسم حواراً صريحاً بين الموت والحياة الحب والكره، وهذه المواضيع جزء أساسي من حياة البشر».

الفنان التشكيلي "بسام جبيلي" يتحدث لموقع eHoms

وأضاف: «اللوحات ببساطة هي شهادة داخلية عبرت عنها بلونين هما الأسود والأبيض بتماذج خلق اللوحة، لأني أعتبر أن أي لوحة تعبر عما داخل الفنان من أفكار ورؤى..».

وعن رأيه بمعرض الفنان "عبدلكي" حدثنا الفنان التشكيلي "بسام جبيلي" الذي أشار إلى العناصر التشكيلية التي عرضها الفنان والتي خلقت بحسب الفنان "جبيلي" حالة من التراجيديا الفنية فقال: «يعتبر معرض الفنان "عبدلكي" من المعارض التشكيلية المهمة التي أحضرت إلى "حمص" والفنان "عبدلكي" اسم تشكيلي مهم جداً في الحركة التشكيلية السورية، المعرض بما يضم من لوحات يحمل شحنة وزخماً إنسانياً كبيراً، فهو يركز بلوحاته على النظرة الوجودية للحياة، هناك نظرة تشكيلية تدخل إلى أعماق الإنسان عن طريق رموز بسيطة التي اختارها الفنان بدقة لتعبر عن جدلية الموت والحياة، فكل العناصر تنتمي إلى الحياة التي على وشك أن تنتهي ماعدا عنصر واحد حي هو الفراشة التي تطير إلى الجمجمة.

عصفور وسكين من اللوحات المعروضة

الجانب الشكلي يشد الناظر إلى اللوحات ويجعله يفكر ملياً باللوحة وربما يترك لديه أثراً ما في نفسه يبقى طويلاً..فالفنان عندما يمزج بلوحته العصفور البريء الميت مع السكين يشكل بهذا المزج نظرة شديدة القتامة فيها شيء من محاسبة الذات، وكل اللوحات الأخرى تشترك بنفس الفكرة لذلك الطابع المسيطر على المعرض هو التراجيديا..»

وعن طريقة الفنان بالرسم قال: «الفنان نجح في اختيار اللونين الأسود والأبيض ليبرز التراجيديا بلوحاته، والشيء المرعب في طريقته التشكيلية هو أنه استطاع أن يسيطر تشكيلياً على لوحات بحجم كبير مليء برهافة توزيع الضوء الذي جاء محاكياً للواقع».

ومن حضور المعرض حدثنا الأستاذ "عزام الجندي" عن رأيه بالمعرض فقال: «الحقيقة أنا متابع للمعارض التشكيلية في "حمص" وأهتم بكل الفنانين التشكيلين، ولكن المعرض اليوم معرض مميز لأنه يحمل طابعاً تشكيلياً فريداً هناك أشياء جديدة وأفكار تطرح لأول مرة بهذا الشكل وهذا ما ميز المعرض، وأنا سعيد لوجودي هنا لأنني سمعت عن الفنان "عبدلكي" وعن معارضه في بلدان العالم، والآن نحن نرى هذه اللوحات عن كثب لنستطيع التعرف على الفنان "عبدلكي" عن قرب».

الجدير ذكره أن الفنان التشكيلي "يوسف عبدلكي" من مواليد مدينة القامشلي العام /1951/ حائز على إجازة من "كلية الفنون الجميلة" في "جامعة دمشق" العام /1976/ ودبلوم حفر من "المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة" في باريس /1986/ إضافة لدكتوراه في الفنون التشكيلية من "جامعة باريس" في العام /1989/ له أكثر /33/ معرضاً تشكيلياً فردياً في سورية وبلدان أوروبا والخليج العربي إضافة إلى أكثر من /40/ معرضاً مشتركاً.. وهو مهتم برسم الكاريكتير فقد قدم دراستين عنه أولها دراسة عن تاريخ الكاريكتير في سورية عام /1975/ ودراسة عن رسامي الكاريكتير العرب وتقنياتهم /1989/.