امرأة مزارعة بامتياز تحرث وتزرع لتحصد لقمة عيشها وأسرتها التي رعتها بكل ما لديها من عاطفة ومحبة، سنوات انقضت على "أم بسام" "ابتسام بشير زين الدين" في قريتها "قنوات" في العمل والكد لتكون أماً مثالية ومزارعة ناجحة استحقت التكريم.

هذه السيدة التي تلاقيك بابتسامتها تحدثت عن أوقات عصيبة تجاوزتها بالعمل والصبر، وأيام مفرحة تقول إنها أنصفتها فهي لا تنسى ذلك اليوم الذي تلقت به دعوة من السيدة "أسماء الأسد" لتكرمها بمناسبة عيد الأم عن هذه الأيام وغيرها تحدثت "أم بسام" لموقع eSuweda وهي التي عشقت الزراعة منذ الصغر فقد نشأت في أسرة ريفية تكتفي من فيض ما تزرع، تقول: «تعودت على مساعدة أهلي في أعمالهم فالأرض وسيلة العيش الوحيدة التي أحببتها، ومع أن أوقات العمل طويلة وفي كل المواسم فقد كنت إذا تفرغت لساعات أعمل في الأرض المجاورة لمنزلنا أنقيها من الحجارة وأسويها لأزرع مكانها الخضار المتنوعة مما يقدم لنا دخلاً جديداً يحسن أوضاعنا، فالأرض خير وعطاء تحتاج لرعايتنا لتفيض بخيرها، وكنت أزرع كل ما أشتهي من أشجار وخضراوات وبفضل الرعاية كانت تثمر بغزارة وهذا ما جعلني أعمل للحصول على معلومات عن كل أنواع الزراعات في منطقتنا، وقناعتي أن الله منحني الصحة والقوة العضلية لأقدم الفائدة لنفسي أولاً لأنني أشعر بالرضا والراحة بعد العمل، ولأسرتي التي جهدت خلال العقود الماضية على تأمين متطلباتها من عملي، هذا العمل الذي كان سبباً في تكريمي من قبل السيدة "أسماء الأسد" هذا العام بمناسبة عيد الأم هذا التكريم الذي أثر في نفسي كأم ومزارعة ليضاف هذا التكريم لتكريم سابق من وزير الزراعة ومن جهات متعددة أنصفت الأمهات العاملات من أجل أولادهن».

لم تبخل "أم بسام" بجهدها على أسرتها وأرضها فقد قامت بأعمال توازي أعمال الرجال لتتمكن من كفاية أسرتها ولتحقق النجاح في الأعمال الزراعية، فهي أم مثالية تؤمن قوت أسرتها مما تزرع لتجد في حديقة منزلها كل ما تحتاج من خضار وفواكه تبيعها، وتجد في مطبخها عشرات من الأنواع الغذائية التي تنتج عن عملها في حفظ الخضراوات والفواكه والحبوب وقد شاركت في عدد كبير من المعارض بهذه المنتجات إلى جانب براعتها بإعداد الخبز والمأكولات التراثية، فهي بحق امرأة مزارعة تكافح لسعادة أسرتها ولتحقيق الأفضل ويكفي أن تتجول في منزلها لترى أجمل الأعمال اليدوية وتتذوق مأكولات أتقنتها ولتقدم نموذجاً عن النساء الريفيات اللواتي لم ينلن نصيبهن من التعليم، لكن الحياة كانت مدرستهن التي توصلن للنجاح فيها بفضل العمل والإخلاص

وفاة الزوج جعلتها في مواجهة مع الحياة لتختبر أعمالاً تكسبها لقمة العيش بكرامة هذا ما أخبرتنا به بقولها: «عشر سنوات عشتها مع زوجي قبل وفاته حيث وجدت نفسي وحيدة وأولادي الخمسة وثلاث بنات من زوجته السابقة، كل ذلك جعلني أفكر بوسيلة للعيش فما نملك من الأراضي لا يتجاوز بضع دونمات وهي غير مؤهلة للزراعة، لكنني وبمحبتي للعمل الزراعي قررت أن أستفيد مما لدينا حتى وإن كانت أراض وعرة، في البداية أخذت أتابع أشجار التفاح التي غرستها في منزلي قبل وفاة الزوج وكنت أمضي ساعات طويلة في حراثتها وتنظيم الأرض والسقاية وكانت سعادتي لا توصف عندما بدأت الأشجار تثمر، وليس أي ثمر فقد تميز إنتاجها بفضل ما أكتسبه من معلومات من الوحدة الإرشادية وإرشادات العاملين، وفي كل عام كان الإنتاج يتضاعف لأبيع كميات كبيرة من إنتاج أشجار لا يتجاوز عددها خمس عشرة شجرة، ولكن بقي لدي حلم استصلاح الأراضي البعيدة حيث أعطانا والد زوجي قطعة وأخرى حصلنا عليها من أراضي وزعت على المنتفعين في القرية، وهنا بدأت مشواراً جديداً فالأرض بعيدة وتحتاج لسنوات طويلة لتكون جاهزة للزراعة، لكنني لم أعرف اليأس وواظبت مع بنات زوجي وأولادي على الغدو باكراً إليها، كنا نمشي مسافات طويلة لنصل إليها لنقوم بتنقية الحجارة والصخور وعندما وصل مشروع التطوير للمنطقة تقدمت بطلب لمديرية الزراعة وتم ما حلمت به لتكون أرضي جاهزة لغرس أشجار التفاح.

أم بسام تحمل هدية السيدة الأولى

ولأن للوقت لدي قيمة وأهمية لم أكن لأهدره دون عمل وتعودت على أوقات الراحة القصيرة لأنني وبعد الانتهاء من العمل اليومي في الأرض ومن واجبات الأسرة كنت أقوم بأعمال أخرى لتحسين ظروفنا، فقد عملت لسنوات طويلة في حياكة الصوف وكنت أوزع الصوف لعدد كبير من الفتيات في قريتي، لأننا كنا بحاجة العمل، وكان الليل فرصة لإنتاج الصوف وحياكة أغطية الطاولات والمفارش وكلها كانت تلاقي رواجاً، لأنتفع من ثمنها في تأمين متطلبات الأسرة».

المشاركة بالمعارض الزراعية هي نتيجة طبيعية لنجاح زراعتها لكن مشكلة الجرار مشكلة مزمنة رافقتها كل هذه السنوات ولم تجد طريقها للحل حيث قالت: «عندما أخذت أشجار التفاح في منزلي تثمر ثماراً متميزة وبحكم تواصلي الدائم مع الوحدة الإرشادية فقد كان لي نصيب بالمشاركة بمعرض الكروم والتفاحيات الذي يقام في "السويداء" وكانت أول الهدايا التي قدمت لي من هذا المعرض، "مقراط" يستخدم للتقليم وفي النشرة المرفقة به كتبت طريقة التطعيم التي أخذت أطبقها، ومن هنا تعلمت مهارة جديدة وهي التطعيم لأقوم بأعمال التطعيم لأشجاري دون الحاجة للمساعدة وبعدها علمت بناتي على هذه العملية التي شعرتها سهلة، لنحقق بذلك اكتفاء من كل الأعمال ما يساعدنا على زيادة الإنتاج وخفض التكاليف، ولغاية هذا التاريخ أقوم بالإشراف على أرضي التي باتت كروماً غنية تنتج التفاح الذي أبيعه في كل عام، وما زلت أشارك في المعارض الزراعية بإنتاج متميز وأستفيد من كل طريقة جديدة وأتعلمها، لكن المشكلة التي رافقتني كل هذه السنوات ومازالت عصية عن الحل أنني لا أملك جراراً لخدمة أرضي فأرضنا بعيدة ولابد من العمل اليومي، وهذا ما يحملني تكاليف باهظة، وقد حلمت كثيراً بأن أملك جراراً، لأنني أحتاجه لتخديم أرضي التي استصلحتها بيدي وبمساعدة أولادي لتكون أثمن ما لدي».

مع السيدة ماجدة غانم

السيدة "ماجدة غانم" رئيسة الرابطة الشرقية في الاتحاد النسائي والتي رافقت "أم بسام" في عدد من الدورات الزراعية التي اتبعتها حدثتنا عنها بقولها: «لم تبخل "أم بسام" بجهدها على أسرتها وأرضها فقد قامت بأعمال توازي أعمال الرجال لتتمكن من كفاية أسرتها ولتحقق النجاح في الأعمال الزراعية، فهي أم مثالية تؤمن قوت أسرتها مما تزرع لتجد في حديقة منزلها كل ما تحتاج من خضار وفواكه تبيعها، وتجد في مطبخها عشرات من الأنواع الغذائية التي تنتج عن عملها في حفظ الخضراوات والفواكه والحبوب وقد شاركت في عدد كبير من المعارض بهذه المنتجات إلى جانب براعتها بإعداد الخبز والمأكولات التراثية، فهي بحق امرأة مزارعة تكافح لسعادة أسرتها ولتحقيق الأفضل ويكفي أن تتجول في منزلها لترى أجمل الأعمال اليدوية وتتذوق مأكولات أتقنتها ولتقدم نموذجاً عن النساء الريفيات اللواتي لم ينلن نصيبهن من التعليم، لكن الحياة كانت مدرستهن التي توصلن للنجاح فيها بفضل العمل والإخلاص».

مؤونة الأسرة من صنع يديها