بدأ حياته الدراسية من المدرسة "البطركية" في دمشق إلى حين حصوله على الشهادة الثانوية التي حصلها بدرجة امتياز شرف، حيث كان في الوقت عينه قد أتقن اللغات العربية، الإنكليزية، الفرنسية والآرامية، زار معظم البلدان العربية وقابل أكثر الشخصيات فيها فاعلية وتأثيراً، فكان من أعلام دمشق سياسياً واجتماعياً أواسط القرن العشرين.

ذلك هو الطبيب والسياسي وعضو مجلس النواب السوري، الدكتور "جورج حبيب شلهوب" مواليد حي "الميدان" 1909 والدته "سلمى فضلو فرانسيس" أخواته "ماري وزهوة"، أبناؤه "سلمى، غسان، أميمة، بشار وميساء"، وللعودة إلى مذكراته موقع "eSyria" بتاريخ 14/9/2010 التقى "الياس أنطون نصر الله" أستاذ محاضر في كلية "التربية" جامعة دمشق، وباحث تاريخي ويقول:

عمل طبيباً لمصرف سوريا ولبنان ونقابات العمال وشركة كهرباء دمشق والجمعيات التعاونية للعاملين في الجمارك السورية ومصلحة الميرة "مكتب الحبوب"، إضافة إلى عمله في عيادته الخاصة بحي "باب توما"، وخلال عمله الطبي أطلق عليه لقب "أبو الفقراء" لأنه كان يعالج مرضاه الفقراء مجاناً ويقدم لهم الدواء المتوافر في عيادته أو يشتريه لهم حيث كان يسدد حسابها في نهاية كل شهر، مع أنه لم يكن يمتلك أي ارث مادي حتى مسكننا الذي ربينا فيه كان مستأجراً

«درس "جورج شلهوب" في كلية "الطب" بجامعة دمشق عام 1928 وأمضى سنة فيها، تزوج خلالها من السيدة "ماري أنطون مسرّة" ثم انتقل إلى "فرنسا" حيث تابع دراسته في كلية "طب جامعة تولوز"، في العام 1939 تخرج طبيباً وانتقل إلى جامعة "باريس" حيث تخصص بالأمراض الصدرية والداخلية، أثناء دراسته في "فرنسا" أسس أول جمعية أو رابطة للطلبة العرب هناك، وكان الهدف منها العمل من أجل استقلال سورية والبلدان العربية الأخرى من الاحتلال الأجنبي.

د. "جورج شلهوب"

عاد إلى الوطن بعد تخرجه وبدأ حياته العملية ليس طبيباً فحسب بل ناشطاً على الصعيد الاجتماعي والسياسي، حيث انضم إلى النادي "الكاثوليكي" في دمشق وصار أميناً لسره ثم رئيساً له، والذي كان يعمل للمطالبة باستقلال سورية وخروج المحتلين، في العام 1941 انضم إلى القوى الوطنية المنظمة وانتخب رئيساً للجنة أحياء دمشق التي كانت ترعى اسر شهداء المقاومة وعائلاتهم بالإضافة إلى ما كانت تقوم به من تحريض على الاضطراب من اجل نيل الاستقلال».

بعد ربع قرن من الكفاح والنضال خرج آخر جندي فرنسي من سورية في نيسان 1946، وبدأ زمن السيادة الوطنية والحياة النيابية لتساير نضال الشعب في بناء المؤسسات الوطنية، رغم أن البلاد قد شهدت خلال السنوات الخمس الأولى للاستقلال مرحلة من عدم الاستقرار بدأت في العام 1949 مع قيادة "حسني الزعيم" لأول انقلاب عسكري في تاريخ سورية، وإقامته حكماً ديكتاتورياً انتهى بانقلاب عسكري آخر، وتبعته سلسلة من الانقلابات، عن معايشة "شلهوب" لأحداث تلك الفترة وفاعليتها فيها يقول "نصر الله":

تذكار من احدى المناسبات الوطنية

«في العام 1947جرت انتخابات عامة لتشكيل مجلس النواب الأول بعد الجلاء، وبتشجيع من محبي ومريدي د."شلهوب" المنتشرين في معظم الأحياء الدمشقية، رشح نفسه عن مدينة دمشق ونجح نجاحاً باهراً إلا أن الحكومة القائمة آنذاك تذرعت بحجج واهية وألغت نتائج الانتخاب لكل من "جورج شلهوب، أحمد مظهر العظمة، علي بوظو ونسيب البكري" واعتبرتهم من الراسبين، وسمّت مجموعة من المرشحين الذين اعتبرتهم ناجحين بدلاً منهم، الأمر الذي أدى بأهالي دمشق وبخاصة في منطقة "العمارة، القيمرية، القصاع، الشاغور وباب وتوما" إلى القيام باضطراب احتجاجاً على ما فعلته الحكومة آنذاك.

كما أسس في العام 1947 مع "علي بوظو" ورجل الوطنية الكبير "سعيد حيدر" ومجموعة من الشباب الوطنيين "حزب الأحرار الاشتراكي" الذي انضم في العام 1948 إلى الكتلة الدستورية بعد مؤتمر "فالوغا" وشكلا ما سمي في تاريخ سورية المعاصر "حزب الشعب" الذي انتخب الدكتور "شلهوب" أميناً عاماً له ورئيساً لفرعه في دمشق.

"شلهوب" مع أصدقائه الوطنيين والسياسيين

في العام 1949 انتخب بشكل كاسح عضواً في أول جمعية تأسيسية "البرلمان السوري" أو "مجلس النواب" في سورية المستقلة وفي العام نفسه سمي الدكتور "شلهوب" وزيراً للصحة.

من ثم انفصل في العام 1950 عن حزب "الشعب" وبقي نائباً مستقلاً في "البرلمان السوري" وسمي وزير "الأشغال العامة والمواصلات" ثم وزير "الصحة" مرة أخرى في العام 1951.

أوقف عدة مرات في عهد "أديب الشيشكلي" ورفض التعاون معه والعمل وزيراً في حكومته، وبعد سقوط "الشيشكلي" تحالف معه "خالد العظم" وشكلا معاً كتلة سياسية تقدمية هي "الكتلة الوطنية" وخاضا مع بعض حلفائهما الانتخابات عن مدينة دمشق حيث انتخبت القائمة بأكملها في الدورة الثانوية من انتخابات العام 1954، وقد ضمت هذه الكتلة 45 نائباً انتخب الدكتور "شلهوب" رئيساً لها.

في العام 1959 شُكّل مجلس "الأمة الموحد" بين سورية و"مصر" وسمي عضواً فيه من الرئيس "عبد الناصر"، كما سمي رئيساً للجنة "العليا للثقافة والعلوم والآداب"، في العام 1961 بعد الانفصال ترشح لعضوية مجلس "النواب" متحالفاً مع "خالد العظم" وأثناء هذا العهد أسسا نواة "الحزب الديمقراطي"».

أما عن عمل الدكتور "جورج شلهوب" كطبيب والذي كان أساس شعبيته ومحبة المجتمع له، تحدثنا ابنته السيدة "سلمى" وتقول: «عمل طبيباً لمصرف سوريا ولبنان ونقابات العمال وشركة كهرباء دمشق والجمعيات التعاونية للعاملين في الجمارك السورية ومصلحة الميرة "مكتب الحبوب"، إضافة إلى عمله في عيادته الخاصة بحي "باب توما"، وخلال عمله الطبي أطلق عليه لقب "أبو الفقراء" لأنه كان يعالج مرضاه الفقراء مجاناً ويقدم لهم الدواء المتوافر في عيادته أو يشتريه لهم حيث كان يسدد حسابها في نهاية كل شهر، مع أنه لم يكن يمتلك أي ارث مادي حتى مسكننا الذي ربينا فيه كان مستأجراً».

في العام 1965 سقط الدكتور "جورج شلهوب" أثر سكتة قلبية وهو على رأس عمله طبيباً يواسي مرضاه ويخفف آلامهم عن عمر يناهز 54 عاماً، فحمّل نعشه على الأكتاف من عيادته وحتى مقبرة "باب شرقي" ضمن موكبٍ جنائزي ضخم تكاتف فيه رجال الدين وأهالي حي "باب توما، القيمرية، القصاع، الشاغور والعمارة" المسلمون والمسيحيون.

وتخليداً لذكراه وللدور الوطني الذي قام به أنشأت وزارة "الصحة" في سورية مركزاً صحياً في منطقة "الزبلطاني\القصاع" أطلق عليه اسم مركز الدكتور "جورج شلهوب" الصحي لمكافحة مرض الايدز.