هي إعلان حالة من الفرح العارم الذي يختلج في النفس، وأجملها تلك التي تطلقها الأمهات (أم العروس وأم العريس) بصوت مبحوح ذي شجن خاص، فتسمع صوت "الزغاريد الشعبية" وكأنها بوح صوتي يعبّر أكبر تعبير ويدلّ على أصدق وأنبل عاطفة، وهي عاطفة فرح الأم الذي لا يساويه فرح.

السيدة "مريم المحمد" من أهالي محافظة "القنيطرة" تقول: «نحن دائماً نطلق الزغاريد في الأفراح وخاصة عند زفاف العروس والعريس وأثناء الولادة تعبيراً عن الفرح والسرور، وكنا نجتمع أكثر من امرأة ونطلق الزغاريد مع بعضنا بعضاً».

نحن دائماً نطلق الزغاريد في الأفراح وخاصة عند زفاف العروس والعريس وأثناء الولادة تعبيراً عن الفرح والسرور، وكنا نجتمع أكثر من امرأة ونطلق الزغاريد مع بعضنا بعضاً

وللحديث عن الزغاريد الشعبية في "الجولان" موقع eQunaytra التقى الأستاذ "أحمد محمود الحسن" الباحث في الموروث الشعبي الجولاني فقال: «في الجولان تزغرد النساء في الأعراس وفي المناسبات السعيدة، ونذكر منها: عند قدوم الجاهة "جاهة العروس"، عند زفة العريس والعروس، عند قدوم الغائب والحاج إلى بيت الله في مراسم ختان الأطفال، عند قدوم المولود، عند الشفاء من الأمراض، عند نقوط العريس "دفع مبلغ من المال" يسبق بلفظ "خلف الله عليك". وفي الأعراس الشعبية كثيراً ما نرى نسوة يتبارين فرحاً بإعلاء صوت الزغرودة لكي تكون زغرودة كل منهن أعلى صوتاً وأنقى نغماً مع إطالة المدّ في نهايتها، ومثلما ذكرنا دائماً تأتي الزغرودة الشعبية بعد "المهاهاة"، وهي تتحدث عن موضوع معين ويُصاغ شِعراً شعبياً بسيطاً تغزلاً أو وصفاً وفرحاً، وكثيراً ما جاءت الزغاريد متناغمة ومتلاحقة وراء بعضها بعضاً لتأكيد الفرح والإعلان عنه والابتهاج بالحدث، وقد كان للغناء الشعبي نصيب كبير في هذا الموضوع نذكر مثالاً:

الأستاذ أحمد محمود الحسن

"زغرتي يا لبيبه/ زُغرتينة تُطرد زغريته

زغرتي يا بنية/ عجيهن (أطلقيهن) ثلاثة سويه".

النساء والفرح والزغاريد

وفي رقصة "الدّحية" عندما يسمع الرجال زغاريد النساء في مكان الدحية يتركون كل شيء إذ يعتبرون هذه الساعة ساعة فرح، ويعتبرون المشاركة واجبة عليهم خاصة إذا كانوا جيرانهم، فيقول من دخل حديثاً:

"يوم إني سمعت الزغاريد/ جيت أجري وأقدامي حفيه

يوم إني سمعت الزغاريد/ يا جنوني قامت عليه

يوم إني سمعت الزغاريد/ أكلت العشوة نيّه

يوم إني سمعت الزغاريد/ جسمي يرجف زي المحميّه

واحنا يا الربع جينا ساريين/ بدون لا علم لنا ولا درية"».

وتابع "الحسن" حديثه بالقول: «وللنساء في الدبكات الشعبية نصيب وافر من الزغاريد، فهناك مصطلح "المزغرتات" أي اللواتي يقمن بإطلاق الزغاريد سوية في توزيع موسيقي رائع تسمعه الأذن فتطرب ويفرح القلب، وتتسابق النساء عموماً بإطلاق "الزغرودة" في الدبكات، خاصة عندما يقوم العريس للدبكة أو عندما يكون اللوّيح "رئيس الدبكة" ابنها أو زوجها أو قريبها أو حبيبها، فترسل له زغرودة تعبّر عن محبتها له، تُثير فيه الحماس والبهجة. ويغنون في الأعراس عند القدوم إلى بيت العريس:

"يا بيت المفرّح والراية/ تلعلع فوقيه

قدام البيت وراعيه/ زغرتي يا بنية".

ونضرب أمثلة عن "المهاهاة" التي تسبق الزغرودة في الجولان، وتؤديها مجموعة من النساء و"تهاهي" امرأة واحدة أو "كورس المزغرتات" من النسوة:

"آه ويها ارفعي راسك يا مرفوعة الراس/ آه ويها لافيك عيبة ولا ما قالت الناس/ آه ويها ارفعي راسك لأبوك (ش) قولي له/ آه ويها احنا ذهب يوسفي بننحط عَ الرَّاس.. لولو لولو ليش..".

ومثال آخر:

"آه ويها شيلي براسك يا شيالة الراس/ آه ويها يا أديبة يا مرباية يا محتاسي/ آه ويها شيلي براسك ولخيّك قولي له/ آه ويها نحنا ذهب اليوسفي ننشال عَ الراس".

وهذه "المهاهاة" تُقال للعروس "المصمودة" في بيت أهلها قبل قدوم العريس، وتكون في حالة من الخجل والحياء- فهذه الأغاني الشعبية الصادقة من صديقاتها ترفع من معنوياتها».

وعن طريقة أداء الزغردة الشعبية يقول "الحسن": «تكون بإحدى الطرائق التالية: "تحريك اللسان وهو الأداة الأساسية التي تصدر صوت الزغرودة يمنة ويُسرة، بسرعة وإيقاع رتيب متوازن منضبط دون وضع اليد على الفم، وطريقة ثانية بوضع اليد اليمنى فوق الفم وإطلاق الزغرودة، وبعض النسوة يضعن جزءاً من "الشنبر" وهو غطاء أسود شفاف ترتديه المرأة في الجولان تلف رأسها حتى صدرها، على فمها وتزغرد، وبعضهن يزغردن بتحريك اللسان إلى الأعلى والأسفل».

ويختم "الحسن" حديثه بقوله: «وأخيراً أستطيع القول إن الزغرودة هي صوت الفرح المعبّر، وهذا الصوت متدرج من الصوت المرتفع حتى ينخفض تدريجياً بشكل منضبط ومنظم، ويقال في المصطلح الشعبي وبين النساء أنفسهن "والله فلانة لها زغرودة مميزة رنانة"».