هي قصة استثنائية لشاب رفض الاستسلام لواقع يحكمه الفقر، لإيمانه بعزيمة الشباب وقدرته على تحقيق المعجزات، كان أول من سافر من قريته، فلم تساعده ظروفه المادية على إتمام الدراسة، ولم يجد أمامه إلا السفر طريقاً لتغيير واقعه ولتحسين ظروف عيشه، ولكن عودته للوطن كانت سريعة، لأن النجاح في الوطن هو النجاح الحقيقي.

وفي حديثه مع موقع eSuweda يقلب الأستاذ "عبد السلام فلحوط" ابن قرية "عتيل" ومن مواليد عام 1942 صفحات حياته ليستذكر بعض تفاصيلها من خلال هذا الحوار:

الأستاذ "عبد السلام" شخصية اجتماعية ويشارك الجميع من أهالي قريته في أفراحهم وأتراحهم، ويستشيره أهالي قريته لحل المشاكل والخلافات، وهو صديق للثقافة ومثقف ويتابع باستمرار جميع الأنشطة الثقافية التي تقام في المحافظة سواء أكانت في المراكز الثقافية أم في المنتديات وغيرها، وقد ازداد نشاطه الثقافي بشكل واضح بعد التقاعد. عرفناه خلال مسيرة العمل الإعلامي والنشاط الاجتماعي فهو على علاقة جيدة بالإعلاميين والصحفيين لكونه كان يعمل في السابق مديراً للعلاقات العامة في اتحاد الصحفيين "بدمشق"، ومهتم بشكل كبير بالتراث الشعبي والشعر والأدب وقد تبرع بمجموعة من كتبه للمدارس والجمعيات ومكتبات أصدقائه

  • عام واحد قضيته في دولة الكويت، ما الجديد الذي طرأ على حياتك من خلاله؟
  • الأستاذ "عبد السلام فلحوط"

    ** «لم يطرأ أي جديد، لأن عاماً كاملاً لا يكفي لتحقيق شيء يذكر، فقد سافرت بعمر 15 عاماً، ولكن أثناء وجودي في الكويت قامت الوحدة بين سوريا ومصر، وبدأت الأخبار بالتناقل عن وجود فرص عمل في سورية، فعدت إلى "دمشق" وبدأت البحث عن فرصة عمل.

    وكان أول عمل تسلمته في مشفى المواساة "بدمشق" بصفة كاتب، ومن خلال هذا العمل شعرت بإنسانيتي لأنني استطعت تقديم المساعدة لعدد من الأشخاص الذين هم بحاجة للمساعدة فعلاً، وإلى اليوم مازلت أعتز بعملي في مشفى المواساة رغم أنه لم يستمر أكثر من ثلاث سنوات، وإلى جانب عملي في مشفى المواساة، عملت في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في شعبة الأخبار، وكان ذلك في عام 1961».

    صورته مع الشاعر العربي "محمد مهدي الجواهري"

  • لم تتابع دراستك ولكنك اتجهت للثقافة ومتابعة الأنشطة الثقافية وشغفت بالقراءة، فما الذي دفعك إلى هذا الاتجاه؟
  • ** «ترعرعت في بيت مثقف، فأخي الكبير "فرحان" كان شاعراً شعبياً ومن المميزين في الجبل، ووالدتي كانت تحفظ الشعر وتردده بطريقة جميلة جداً، أما أخي الدكتور "صابر فلحوط" فأثناء عملي كان طالباً في كلية الآداب بجامعة "دمشق" قسم اللغة العربية، وأنا أعشق العلم ولكن الظروف حالت بيني وبين متابعة الدراسة، لذا كنت أزوره في أوقات الفراغ في جامعته وأحضر معه عدداً من المحاضرات.

    هدية الشاعر "الجواهري" إليه.

    وفي تلك الفترة تعرفت على صديق اسمه "علي عبيد" هو الآن محام، نشأت بيننا صداقة عميقة وأصبح يزورني في كل مساء ويقول لي: البس أفخر ما لديك من ثياب، يوجد محاضرة في أحد المركز الثقافية، حيث كانت أفخر ثيابي في ذاك الوقت هي قميص وبنطال، وهي ذاتها الثياب التي ارتديها إلى عملي.

    شجعني على الثقافة وعلى ارتياد المراكز الثقافية باستمرار، وبدأ شغفي بالقراءة والمطالعة وبدأت بجمع الكتب في مكتبة خاصة، كنت أقرأ كل ما يقع أمامي من كتب ومجلات، وأكثر ما تأثرت به هو الفكر القومي ويوجد في مكتبتي ما يزيد على ألف عنوان حول الفكر القومي، سواء أكان مقالات أم كتباً، وشعرت بأني بدأت السير في الطريق الصحيح الذي أستطيع من خلاله إثبات وجودي في المجتمع».

  • ثقافتك كانت السبب في تسلمك عدة مناصب، ففي عام 1976 أحدث المعهد العالي للعلوم السياسية، وعينت مدير مكتب عميد المعهد العالي حتى عام 1980 ليتم تعيينك في اتحاد الصحفيين قسم العلاقات العامة، لنتحدث عن فترة العمل وأبرز ما رافقها من أحداث؟
  • ** خمس وعشرون عاماً هي مدة عملي في اتحاد الصحفيين، في تلك المدة توافر لي العديد من الفرص للتعرف على الأدباء والصحفيين العرب والأجانب، ومازلت إلى اليوم احتفظ بأرشيف خاص عن تلك الفترة، إذا فرضت طبيعة العمل وجود الكاميرا والورقة والقلم، وتلك كانت فرصة لتدوين كل التفاصيل التي مرت معي والأحداث التي لا تنسى.

    تأثرت بالعديد من المثقفين والأدباء ونشأت صداقة عميقة بيني وبين الكثيرين ومنهم الشاعر العربي الكبير "محمد مهدي الجواهري" فقد كلفت بالاهتمام بكل ما يتعلق بإقامته داخل القطر وخارجه، ونشأت علاقة حميمة بيني وبينه وهو ما دفعه لإهدائي قبعته المشهورة قبل وفاته.

    وعرفت العديد من الشخصيات المميزة أيضاً وتأثرت بهم، وهم الشاعر القروي "رشيد سليم الخوري"، و"ناجي العلي" الذي التقيته من خلال معارض الكاريكاتير السنوية، و"حنا مقبل" الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب، بالإضافة إلى شعر شقيقي الدكتور "صابر".

    وفي كل زيارة إلى محافظة "السويداء" كنت أزور قائد الثورة "سلطان باشا الأطرش" وأصطحب الوفد المرافق لزيارة المضافات في الجبل والمتحف للتعرف على إرث "السويداء" المميز.

    ولم أنس الثقافة يوماً رغم ضغط العمل وثقله، لأن الثقافة كانت مفتاحي للتميز في عملي».

  • أكثر من ثمانية آلاف كتاب في مكتبتك، ورغم أنها استغرقت منك ما يزيد على خمسين عاماً لجمعها، إلا أنك تعمل على توزيع أعداد منها على المدارس الموجودة في القرية وعلى جمعيات أهلية، فما هدفك من ذلك؟
  • ** بعد التقاعد عدت إلى قريتي للاستقرار فيها، وأصبح بيتي مكاناً لاجتماع المثقفين بشكل دوري وفي كل أسبوع تقريباً، ولكني أرغب بالتوسع بمكتبتي كي لا تظل حكراً علي، ففي أي مكان عام أجد فيه مجالا للقراءة أو عددا من المقاعد، فأنا على استعداد لأنقل إليه مجموعة من الكتب، ما يقارب ثمانية آلاف كتاب في مكتبتي، إن لم أقرأها جميعها إلا أني على اطلاع كبير على كل كتاب فيها وأعرف اتجاهه جيداً».

    الباحث والصحفي "حسين خويص" تحدث عن صديقه الأستاذ "عبد السلام فلحوط" قائلاً: «الأستاذ "عبد السلام" شخصية اجتماعية ويشارك الجميع من أهالي قريته في أفراحهم وأتراحهم، ويستشيره أهالي قريته لحل المشاكل والخلافات، وهو صديق للثقافة ومثقف ويتابع باستمرار جميع الأنشطة الثقافية التي تقام في المحافظة سواء أكانت في المراكز الثقافية أم في المنتديات وغيرها، وقد ازداد نشاطه الثقافي بشكل واضح بعد التقاعد.

    عرفناه خلال مسيرة العمل الإعلامي والنشاط الاجتماعي فهو على علاقة جيدة بالإعلاميين والصحفيين لكونه كان يعمل في السابق مديراً للعلاقات العامة في اتحاد الصحفيين "بدمشق"، ومهتم بشكل كبير بالتراث الشعبي والشعر والأدب وقد تبرع بمجموعة من كتبه للمدارس والجمعيات ومكتبات أصدقائه».