مساحات بيضاء تزاحمت عليها شخوص "كاظم" المغتربة، فحاولت التعبير بأصابع وآياد وعيون جامحة عن سبب وجودنا على هذا الكوكب كأنه قادم من عالم آخر، في حين كانت تلك الشخوص تتزاحم على سطح اللوحة بطريقة مسرحية وبطقوس دينية وأخرى تعبيرية صارخة، فخطوطه الحادة وتدرجه باللون البني المحروق إلى البرتقالي الفاتح كانت نقلة عبّرت عن الحالة التي تعيشها مخلوقاته التشكيلية الجامحة.

الملخص: مساحات بيضاء تزاحمت عليها شخوص "كاظم" المغتربة، فحاولت التعبير بأصابع وآياد وعيون جامحة عن سبب وجودنا على هذا الكوكب كأنه قادم من عالم آخر، في حين كانت تلك الشخوص تتزاحم على سطح اللوحة بطريقة مسرحية وبطقوس دينية وأخرى تعبيرية صارخة، فخطوطه الحادة وتدرجه باللون البني المحروق إلى البرتقالي الفاتح كانت نقلة عبّرت عن الحالة التي تعيشها مخلوقاته التشكيلية الجامحة.

باستخدامي لمادة القهوة في لوحاتي حاولت أن أحرر القهوة من قيمتها اليومية لأفتش في قلبها عن قيم مرئية بصرية، فهذه المادة التي تحولت إلى محور لعلاقات اجتماعية ثقافية أحببت أن أجسدها بطريقة فنية على لوحاتي

موقع "eSyria" بتاريخ 6/2/2010 حضر افتتاح معرض الفنان السوري المغترب "كاظم خليل" بغاليري "رفيا" للفنون، وحاول أن ينقلكم إلى عالمه التشكيلي الذي امتلئ برائحة "تفل القهوة" التي استخدمها كمادة لونية رئيسية في لوحاته».

تفل القهوة تشكيلياً

هنا يقول النحات "حسن حلبي": «"كاظم" من الفنانين المميزين الذين يعملون على لون واحد، فهو يجسد إيقاعاته ورقصه الداخلي على عمل فني أحادي اللون، إنها تجربة مميزة وجميلة تتطلب تقنية عالية ورؤية فنية خاصة، هناك نقلة نوعية كبيرة بين أعماله القديمة والجديدة، فهو يحاول أن ينتقل إلى مرحلة متقدمة لونياً وتقنياً وبذلك يضع بصمته اللونية على سطح اللوحة».

"تفل القهوة" وتدرجات لونية واضحة لعبت دورها الرئيسي في وضوح المعالم التشكيلية التي أراد الفنان أن يصلها إلينا، وهنا يقول النحات "ماهر علاء الدين": «النقلة النوعية التي تحول إليها "كاظم" من اللون الزيتي إلى اللون البني الموحد "القهوة" كانت ناجحة وبارعة بشكل كبير، وذلك واضح من خلال شخوصه وإيقاعات أصابعه على اللوحة، إنه يجسد إحساسه الداخلي من خلال تلك الشخوص فينقلنا بذلك إلى عالم جنوني وعبثي ممتع، إنها أعمال جميلة مفاجأة للذين يعرفونه وجاذبة لعين القارئ التشكيلي الذي يقطع اللوحة إلى مقاطع تشكيلية لونية ترتبط بعالم "كاظم خليل"».

كاظم خليل

كأن مادة "تفل القهوة" كانت مصيدة جميلة شدّت النظر إلى تفاصيل اللوحة، فاستقرت العين في إحدى التفاصيل ومن ثم أبحرت فيها وفي تلك المقاطع المضطربة من لوحاته، عن ذلك يقول الأستاذ "أنور بدر": «إن "كاظم" بمعرضه هذا انتقل إلى التعبيرية المجردة أو التجريد التعبيري، حيث لعب على "البورتريه" والملامح واستخدم اللون الرمادي بطريقة ذكية جداً، أما ضرباته العشوائية فهي قاسية وواضحة ووظفت في اللوحة بشكل مبدع. عبّر "كاظم" عن تلك الأحاسيس التي تدور في داخله من خلال الشخوص والملامح التي ظهرت على لوحاته فربط هذا التجريد بالرؤية وبتفاصيل مقصودة بدلالتها وإيحاءها التي تصل من خلال عين القارئ».

أما الفنان "كاظم خليل" فيقول: «باستخدامي لمادة القهوة في لوحاتي حاولت أن أحرر القهوة من قيمتها اليومية لأفتش في قلبها عن قيم مرئية بصرية، فهذه المادة التي تحولت إلى محور لعلاقات اجتماعية ثقافية أحببت أن أجسدها بطريقة فنية على لوحاتي».

رؤية بصرية

أما عن طريقة استخدامه لمادة "تفل القهوة" والرسم بها، يقول: «أرفض أن يكون هناك وسيط بين أصابعي والورقة التي أرسم بها، لذلك أرسم أصابعي المشحونة بأفكار داخلية أجسدها على السطح بطريقة تعبيرية فنية حساسة، ولحفظ المادة وعدم جفافها بسرعة أضفت مواد مثبتة طبيعية إليها مثل "البروبوليس والملكة الحلبية وغراف النحل وعسل الزعتر" الذي يضفي نقاوة على اللون».

أما الكاتب والفنان السوري "بشار العيسى" فله قراءة تعبيرية مفصلة للوحاته: «"كاظم خليل" من القلّة النادرة من الفنانين الذين يخرجون من لوحاتهم مثلما تتحدث لوحاتهم عن وجوههم ونبض قلوبهم. لذا تنطلق أعماله المحتدمة بالبني عن خصوصية متفرّدة في عالم التشكيل السوري، ليس للخامة التي يستخدمها بل للعوالم التي يصيغها بمهنية عالية المدان وشهوانية تدغدغ البصر والأحاسيس معاً. ليس مهماً كثيراً أن نتوقف عند المادة التي يستخلص منها "كاظم" تدرجاته المحتدمة ما بين البني المحروق أو البرتقالي المغسول أو الترابيات المشتعلة بالغبار فليس "تفل القهوة" هو المهم بل النكهة التي تبثها البنيات المندغمة بشظايا خطوط تتقدم إلى العين في صيغة بقايا أشكال آدمية، آياد وأجساد مشرّحة، عيون تقفز إلى الحدقات بصرخات مكبوتة وكأنها جمهرات لكائنات ساقطة من كوكب آخر، كوكب معلّق بين الجبل والبحر، البحر الذي لم يسمع "كاظم" غير صدى طيفه وبروقه القرمزي المتداخل بزرقة افتراضية في لمعة تعكس ضياءات الغروب وهو يطل عليها من القرية الملوّعة ليس بترف بهاء جبالها بل بثقافة جماعة إنسانية قررت الاختلاف في كل شيء عن كل شيء».

أما السيدة "منال الأحمد" فتقول: «حاول أن الفنان أن يعمل على لعبة بصرية جميلة، وهي استحضار شخوصه بطرق وطقوس مسرحية جميلة، صياغات تعبيرية وأخرى روحانية حاول بها "كاظم" أن ينقلنا إلى داخله الطفولي والعبثي، وعالمه المضطرب الذي يبحث عن النور بكل وشتى الوسائل، أما "تفل القهوة" فكانت مادة جيدة عبّرت عن كل تلك الأسئلة والطقوس التي تدور في داخل الفنان».

من الجدير بالذكر أن المعرض يستمر لغاية 6/3/2010 في غاليري "رفيا" للفنون.