تحية وإحياءً لأحد أهم وأقدم نصوص الشرق والتراث البشري، "ملحمة جلجامش"، التي تروي أولى قصص البحث الكوني عن الخلود، يقدم الفنانان الموسيقي "كنان عظمة"، والتشكيلي "كيفورك مراد" قراءتهما المعاصرة للملحمة عبر عرض حي يقام بالتعاون بين مديرية "المسارح والموسيقى"، وصالة "رفيا" للفنون ضمن جولة عربية تشمل "دبي"، "بيروت"، "دمشق" و"طرطوس".
موقع eSyria"" بتاريخ 27/1/2010 حضر المؤتمر الصحفي الذي عقد في "رفيا غاليري" وقدم خلاله الفنانان السوريان الموسيقي "كنان عظمة" والتشكيلي "كيفورك مراد" شرحاً عن كيفية تبلور فكرة عرضهما الموسيقي التشكيلي الحي "ملحمة جلجامش"، وخلال ذلك قال "عظمة": «العرض ليس سرداً حرفياً للملحمة بل هو محاكاة لها بطريقة فنية، والهدف هو إعادة "جلجامش" من تاريخ الشرق القديم إلى دائرة الضوء، إضافة إلى كونها أرقى صورة بإمكاننا أن نقدمها في "أميركا" خاصة أن المشروع هو وليد تأثرنا بالغزو الأميركي للعراق عام 2003».
العرض ليس سرداً حرفياً للملحمة بل هو محاكاة لها بطريقة فنية، والهدف هو إعادة "جلجامش" من تاريخ الشرق القديم إلى دائرة الضوء، إضافة إلى كونها أرقى صورة بإمكاننا أن نقدمها في "أميركا" خاصة أن المشروع هو وليد تأثرنا بالغزو الأميركي للعراق عام 2003
يضيف "عظمة": «العرض يراعي المنحى العام للملحمة، ويعالج مفاهيمها العريضة دون الغوص في التفاصيل، كما إنني تابعت طريقة رسم "كيفورك" للقصة، وقد كان موفقاً في معالجته لها، إذ أنه استحضر عامل الزمن مما ساعدني كثيراً لأعرف تدرج الموسيقى وبناءها، إضافة إلى أن هدفي من العرض لم يكن ترجمة الملحمة موسيقياً بل تقديم شيء جديد بعيداً عن سياق أحداثها».
أما الفنان التشكيلي "كيفورك مراد" قال: «انتقينا ملحمة "جلجامش" لكونها تراثاً شرقياً قدمناه بأسلوب معاصر لنثبت للغرب أن الشرق يضم فنانين يملكون نظرة معاصرة للفنون، ترقى لمستوى العالمية، ولا تقل عمّا يقدم في الغرب، كما أننا كفنانين سوريين نعيش في "أميركا" حاولنا أن نعبر للجمهور الأميركي عن إحساسنا بما حل "بالعراق" بعد الاحتلال، ولاسيما من النواحي الثقافية».
يتابع "مراد": «عملت و"كنان" وفق علاقة التأثر والتأثير التي تجسدت في حالة حوار إلى أن وصلنا إلى صيغة نهائية لم تكن عفوية، بل وضعنا ترتيباً لكل التفاصيل حتى الارتجالية، وقد ركزنا في تقديمنا للأحداث على الأساسية منها، فالملحمة تضم الكثير من المعلومات والقضايا، ومن خلال ما اخترناه سيكوّن الجمهور انطباعاً عاماً عنها دون الشعور بالملل».
كما ذكر الفنانان خلال حديثهما أنهما استعانا بكتب ومراجع مثل كتاب "جلجامش" للباحث السوري "فراس السواح" ولم يستعينا بمؤرخ لأن الهدف لم يكن تأريخ الملحمة.
ويذكر أن العرض الحي الذي يجمع بين ألحان "الكلارينيت" والرسم، يستعين خلاله "العظمة" بموسيقى إلكترونية، بينما يستعين "مراد" بتقنية تحريك الصور وإحيائها "الإنيميشن"، "برنامج Max/Msp"، كما أن الأحداث الأساسية للملحمة والتي ستقدم ضمن برنامج العرض ستكون كما يلي:
جلجامش: ملك أوروك، نصف إله، نصف بشر، صعب المزاج ويضطهد شعبه. تقرر الآلهة خلق ند له لتحديه.
أنكيدو: عنيف، نصف بشر، نصف وحش، لديه شهية لا تتشبع ووحشية متأصلة.
ارتجال: رؤية لطبيعة وحضارة ومستقبل مملكة أوروك.
ترويض أنكيدو: يصل إلى سكان البلد خبر اقتراب نصف وحش آت لتدميرها. يرسل السكان أشهر عاهرات أوروك لإغواء أنكيدو. لسبعة أيام وسبع ليال، يغرق أنكيدو في النبيذ واللذة.
حلم: ترمز أحلام جلجامش كما تراها والدته، إلى أنه سيلتقي قريباً بشخص ذي قوة جبارة سيصبح مقرباً منه، كما سيساعده في تحقيق إنجازات عظيمة.
صداقة: يدخل أنكيدو إلى مدينة أوروك حيث يتم الاحتفال به ويرقص مع جلجامش خلال الاحتفال. سرعان ما يتحول الرقص إلى عراك سيجعل فيما بعد أنكيدو وجلجامش رمزاً للصداقة العظيمة.
غابة الأرز: يقرر أنكيدو وجلجامش المضي في مغامرة سعياً إلى الوصول إلى غابة الأرز لقطع أشجارها، ينجحان في مهمتهما بعد قتل همبابا، شيطانة الغابة، التي تلقي لعنة على أنكيدو قبل لفظ أنفاسها الأخيرة.
مصرع أنكيدو: يلقى أنكيدو مصرعه بعد عذاب يطول أثنى عشرة يوماً، وذلك بعد أن قررت الآلهة الانتقام منه بسبب القضاء على "همبابا".
زهرة الخلود: يحزن جلجامش على وفاة صديقه وعلى يقين موته هو بدوره، فيخرج سعياً إلى الخلود، بعد عدة مغامرات، يجد الكائنين الخالدين الوحيدين على الأرض واللذين يسمحان له أن يقطف له زهرة الخلود، إلا أنه سرعان ما تقوم أفعى بالتهام الزهرة في لحظة انشغال جلجامش الذي يبكي ضياع كافة جهوده.
اليوم: في نهاية النص الملحمي الأصلي، يقف جلجامش عند بوابة أوروك متأملاً عظمة المدينة. تعرض هنا لوحة شبيهة بالألواح السومرية تظهر عليها الحضارة التي تعيش اليوم على أرض أوروك، بينما ننظر مع جلجامش إلى ما آل إليه مصير هذه الأرض.
ومن الجدير بالذكر أن عرض "ملحمة جلجامش" للفنانان السوريان "كنان عظمة" و"كيفورك مراد" تم تقديمه خلال شهر كانون الثاني 2010 في "دبي" بالإمارات العربية المتحدة والعاصمة اللبنانية "بيروت"، كما أنه سيقدم بتاريخ 28/1/2010 بمحافظة " طرطوس" مسرح طرطوس القومي، و30/1 بدمشق، على خشبة مسرح الحمراء.