"تعددت الأدوات والفن واحد"، من هنا اختلفت أدواته عن المعتاد ليضع الريشة جانباً ويتناول فأرة الحاسب، يغوص في عوالمٍ رقمية، ويفتش بين ملايين الخيارات عن ملامح إحساسه ولون حالاته، فتكون "رؤية" الصرخة الرابعة لمولود يؤكد رغبته وقدرته على الحياة.
موقع "eSyria" التقى الفنان التشكيلي "أسامة جحجاح" في مقهى الفن "نينار" حيث يقام معرضه الفردي الرابع تحت عنوان "رؤية" ضمن سلسلة استمرار محاولاته بتقديم تجربةٍ تكسر التقليد- كما حدثنا- فكانت تجربته دندنة موسيقاها اللون، الإبداع والتقنية، الأمر الذي قد يبدو بسيطاً دون التمعن، وعنه يخبرنا "جحجاح": «سخّرت التصميم وهو مجال عملي لخدمة التشكيل، محاولاً استخدام التقنية لإنجاز العمل الفني وساعياً وراء تغيير المقياس الذي ينظر به الأكثرية إلى الورقة المطبوعة بأنها لا تكلف سوى زمن نقرة على لوحة المفاتيح؛ فلا تحمل من القيمة الحسية والفنية شيئاً، دون التفكير بأن برامج التصميم هذه تمنحنا خيارات واسعة من الألوان، الطبقات والخلفيات، وأرى كمصمم أنه ليس بالأمر السهل الانتقاء من ملايين الخيارات لتقديم لوحة واحدة يكون الإحساس هو المشترك بين كل تفاصيلها بالنهاية».
أشعر أن كل عمل جديد أبدأه يشهد انتقالي إلى مرحلة جديدة، لتعكس جميعها مكنوناتي بالنهاية
يضيف "جحجاح": «تعددت الأدوات والفن واحد، فالريشة هي أداة الفنان التشكيلي عادةً، وأنا فضلت أن تكون أداتي فأرة الحاسب، باعتبار برامج الكمبيوتر مرحلة راهنة من مراحل تطور أدوات الحياة اليومية للإنسان، وعلينا الاستفادة من أدواتنا ما أمكن، كما باتت الحواسب تتدخل بكل معطيات عصرنا، أما الأهم أن الفن حالة إبداعية بذلك علينا تقبل الإبداعات الجديدة والتعرف عليها، فالفن التشكيلي بكل أقسامه لن يتطور ويستمر إذا تقوقعت أدواته أبداً ضمن صندوق صغير، لذا نجد الفنان ومنذ آلاف السنين يبحر في اللانهاية وراء كل ما أمكن من معطيات تخدم تجربته وحرية ابتكاراته».
عن رؤيته للوحة التطبيقية يقول: «إنها محاولة لطرح فكرة أو تجربة جديدة، فأرى هذا النوع من الأعمال متمماً لوجود الفن التشكيلي الكلاسيكي وليس محاولة لإلغائه واستبدال الريشة بالحاسب، كما أن آلة التصوير الفوتوغرافية لم تلغ رغم دقتها وقدراتها العالية المدرسة الواقعية من الفن التشكيلي».
يبدو غاليري "نينار" مليئاً بانكسارات الإشعاعات اللونية المتضادة حيث ترى البارد معانقاً الحار ليولدا طيفاً معتدلاً يسلط الإحساس على الموضوع، عن تسمية المعرض وعلاقته باللون يقول "جحجاح": «معرضي السابق كان تحت عنوان "كولاجات دمشقية" لأنه كان بمناسبة دمشق عاصمة الثقافة العربية، وما قبله كان "حلم"، أما في هذا المعرض لم يكن موضوع اللوحة محدداً وما يشغلني بالدرجة الأولى كما في المعرضين السابقين، إنما استندت على التباين اللوني في إظهار تفاصيل العنصر أكان أنثى أو طبيعة صامتة بذلك قدمت رؤيتي للعمل الفني وكانت تسمية المعرض "رؤية"».
تأخذه نظرة سريعة خاطفة يلقيها على أعماله المعلقة من حوله ليعود: «أشعر أن كل عمل جديد أبدأه يشهد انتقالي إلى مرحلة جديدة، لتعكس جميعها مكنوناتي بالنهاية».
«وأرى أن هذا الفن أثبت وجوده» ينهي كلامه مبتسماً.
من الجدير بالذكر أن المعرض مستمر لغاية العشرين من كانون الثاني 2010.