«في أحد صباحات عام /1981/م، وفي مدينة "الرقة" الغافية على كتف "الفرات"، رأت عيناي النور لأول مرة. وقد ترعرعت في كنف عائلة تحب الفن وتشجعه، وكان والدي على الرغم من عدم معرفته العزف أي آلة موسيقية، إلا أنه كان يقتني بعض الآلات الموسيقية، كـ"الأكورديون" و"الأورغ"، والتي لم أفلح بالعزف على أي منهما في تلك المرحلة، لكن تعلم الموسيقا والعزف، ظل حلماً يداعب خيالي سنوات طويلة، إلى أن اتخذت قراري بتعلم العزف على آلة العود، وكان ذلك في صيف عام /1998/م».
هذا ما قاله عازف آلة "العود" ومدرس الموسيقا الفنان "أحمد الحسين الشمطي"، لموقع eRaqqa بتاريخ (10/1/2010)، في معرض حديثه عن بداياته الموسيقية الأولى، والذي تابع حديثه قائلاً: «في المراحل الأولى من حياتي الدراسية لم تشأ الظروف أن أتعلم الموسيقا، ففي المرحلة الابتدائية كنت رائداً في مجال الفصاحة والخطابة، وفي المرحلة الإعدادية كانت لدي ميول رياضية، وقد كانت البداية الحقيقية في المرحلة الثانوية، عندما كنت عضواً في فرقة "كورال" شبيبة الثورة، وقد كان يشرف على تدريبنا يومها الأستاذ "فواز الحسن"، والأستاذ "جاسم العيادة"، وبمرافقة فرقة الأستاذ "وليد الحسن" الموسيقية.
في الواقع إن ما قدمته من أعمال موسيقية ليس بالكثير، فأنا لست محسوباً على الموسيقيين ذوي الإنتاج الغزير، وما قدمته هو عبارة عن بعض الألحان لمجموعة من الأغاني الوطنية والقومية والعاطفية، وغالبيتها بالتعاون مع منظمة شبيبة الثورة، ومن هذه الأعمال أذكر أغنية "تقاسيم على وترٍ نازف" وهي من كلمات الشاعر "حسان الشمطي"، "نافخ الكير" وهي للشاعر ذاته، "لوعة الفراق" للشاعر "إبراهيم الشيخ"، وأغنية باللهجة الفراتية "الله أكبر سورية جنّة اليوم" للشاعر "حامد الشمطي". كما أقمت العديد من الأمسيات الموسيقية في مدينة "الرقة" و"الثورة"، ومدينة "دير الزور"، كذلك قدمنا أنا والآنسة "رنيم العساف" عدداً من الأمسيات الغنائية حيث رافقتها على "آلة العود"، وكانت الأغاني المقدمة معظمها من ألحاني. لكن المشروع الأهم الذي يشغلني هذه الفترة، هو إنجاز "قصيدة موسيقية" على غرار "ألفية ابن مالك"، استعرض فيها جوانب عديدة من علوم الموسيقا الشرقية والغربية، كالمقامات الأساسية والمقامات الفرعية، والإيقاعات وأصول الموسيقا وأسرارها وغير ذلك، والتي أنوي- بعون الله- أن أقدمها في مؤتمر الموسيقا العربية الذي سينعقد في مدينة "القاهرة"، وكلي أمل أن أستطيع التصدي لهذا المشروع الصعب، علَّه يشكل لبنة صغيرة في هرم الموسيقا العربية
وفي هذه الفترة تعرفت عن كثب على بعض التفاصيل الموسيقية الهامة، والتي ساهمت بشكل كبير في تعميق عشقي للموسيقا، ولاسيما أنني تعلمت غناءً، معظم المقامات الرئيسية، بالإضافة لعدد جيد من الإيقاعات، وكان ذلك بمساعدة المشرفين على تدريبنا، وأدركت بعد ذلك أن السبيل الوحيد لتعلم أصول الموسيقا وتكريس قواعدها، هو إتقان العزف على آلة موسيقية.
وفي صيف عام /1998/م، أخذت دروساً لتعلم العزف على آلة "العود" لدى الأستاذ "عبد الرحمن الحسن"، وهو اليوم الموجه الاختصاصي لمادة التربية الموسيقية في محافظة "الرقة"، الذي لم يبخل علي بأي معلومة موسيقية، بالإضافة إلى كونه أعطاني بعض الدروس النظرية لتعلم قراءة التدوين الموسيقي، واستمرت هذه الدروس قرابة الشهر، تمكنت خلالها من التعرف على أساسيات العزف على "العود"، لأبدأ بعد ذلك مرحلة الاعتماد على التمارين الخاصة المكثفة، ودراسة الكتب الموسيقية.
لكن للأسف فقد تزامن ذلك كله، مع الموعد الذي كان من المفترض أن أستعد فيه لامتحانات الثانوية العامة، حيث أبعدني عشقي للموسيقا عن الكتب الدراسية، لأحصل في النهاية على الشهادة الثانوية، لكن بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ، انتسبت إلى كلية الآداب في جامعة "حلب" قسم اللغة العربية، وهذه هي السنة الأخيرة لي في هذه الكلية.
ومن فضائل دراستي في مدينة "حلب"، هو أنني تعرفت على الموسيقي الكبير "عبد الرحمن جبقجي"، الذي سبق وأن تعرفت عليه من خلال الكتب الموسيقية وأشرطة الكاسيت والفيديو، التي كانت متوفرة في المكتبات والمراكز الموسيقية، والتي تعتبر من أهم وسائل تعلم العزف على "العود" دون معلم، وأذكر أنني في أول لقاء معه طلب مني عزف أي قطعة موسيقية، فتعمدت أن أعزف له قطعة موسيقية بعنوان "من وحي العود"، وهي من تأليفه، وقد سرَّ كثيراً بسماعها مني.
وخلال سنتين حصلت على شهادة دبلوم في الموسيقا العربية، اختصاص آلة "العود"، وبتقدير ممتاز، وذلك من معهد "دار التراث الموسيقي" في "حلب"، الذي يديره الأستاذ "الجبقجي" وابنه الأستاذ "هيثم"، وبقيت أتردد إلى الأستاذ "الجبقجي" رحمه الله إلى أن وافته المنية بعد ذلك بحوالي السنة».
ويتابع "الشمطي" حديثه في السياق ذاته، حيث يقول: «بعد عودتي من مدينة "حلب"، حاولت البحث عن بعض المدارس الموسيقية في العزف على "العود"، واهتديت إلى المدرستين العراقية والتركية، ومن أهم الأسماء التي تأثرت بها، والذين اشتغلوا على هاتين المدرستين: التركي الشريف "محيي الدين حيدر" والعراقيين "جميل بشير" و"منير بشير" و"سالم عبد الكريم" و"نصير شمَّا"، والتركي "يوردال"، والسوري "عصام رافع" وغيرهم ومن عازفي "العود".
وقد عكفت في هذه الفترة على دراسة الموسيقى الفراتية، وخاصة المدرسة العراقية، وفي عام /2001/م، افتتحت مركزاً لتعليم الموسيقى في مدينة "الرقة"، بالإضافة لبيع مختلف أنواع الآلات الموسيقية، وقد استطعت خلال فترة وجيزة، أن أساهم بتعليم عدد جيد من الأشخاص على آلة "العود"، لأسافر بعد ذلك إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً إمارة "أبو ظبي"، وذلك بموجب عقد عمل بصفة مدرس أول لآلة "العود"، وذلك في معهد "التراث للفن والموسيقا والأعمال اليدوية" في منطقة "الخالدية"، وكان ذلك في عام /2007/م، وقد أمضيت هناك قرابة السنة، سافرت بعدها إلى مدينة "بيروت"، وعملت هناك كعازف عود مع العديد من الفرق الموسيقية، وفي نهاية عام /2008/م، عدت إلى مدينة "الرقة"، وتابعت العزف على "العود" مع العديد من الفرق المحلية، كما كان لي شرف مرافقة العديد من الفنانين العرب الكبار أذكر منهم الفنان "ياس خضر" و"حميد منصور" و"صلاح عبد الغفور" و"سعدي توفيق البغدادي".
ومن الجدير ذكره، أنني العازف الوحيد في مدينة "الرقة" الذي يعزف على "العود" الكهربائي، حتى هذا التاريخ، حيث أدخلته إلى المدينة منذ بضعة سنوات مضت، وأنا اليوم أدرس الموسيقا في معهد "أورنينا" لتعليم الموسيقا، الذي أسسه الفنان "مصطفى الأبكع"، والذي يعتبر من أعرق وأهم المعاهد الموسيقية في مدينة "الرقة"».
وعن أهم النشاطات والأعمال الموسيقية التي قدمها خلال مسيرته الفنية، يقول "الشمطي": «في الواقع إن ما قدمته من أعمال موسيقية ليس بالكثير، فأنا لست محسوباً على الموسيقيين ذوي الإنتاج الغزير، وما قدمته هو عبارة عن بعض الألحان لمجموعة من الأغاني الوطنية والقومية والعاطفية، وغالبيتها بالتعاون مع منظمة شبيبة الثورة، ومن هذه الأعمال أذكر أغنية "تقاسيم على وترٍ نازف" وهي من كلمات الشاعر "حسان الشمطي"، "نافخ الكير" وهي للشاعر ذاته، "لوعة الفراق" للشاعر "إبراهيم الشيخ"، وأغنية باللهجة الفراتية "الله أكبر سورية جنّة اليوم" للشاعر "حامد الشمطي".
كما أقمت العديد من الأمسيات الموسيقية في مدينة "الرقة" و"الثورة"، ومدينة "دير الزور"، كذلك قدمنا أنا والآنسة "رنيم العساف" عدداً من الأمسيات الغنائية حيث رافقتها على "آلة العود"، وكانت الأغاني المقدمة معظمها من ألحاني.
لكن المشروع الأهم الذي يشغلني هذه الفترة، هو إنجاز "قصيدة موسيقية" على غرار "ألفية ابن مالك"، استعرض فيها جوانب عديدة من علوم الموسيقا الشرقية والغربية، كالمقامات الأساسية والمقامات الفرعية، والإيقاعات وأصول الموسيقا وأسرارها وغير ذلك، والتي أنوي- بعون الله- أن أقدمها في مؤتمر الموسيقا العربية الذي سينعقد في مدينة "القاهرة"، وكلي أمل أن أستطيع التصدي لهذا المشروع الصعب، علَّه يشكل لبنة صغيرة في هرم الموسيقا العربية».