يسمونها البلدة القديمة، ولا أحد منهم لديه معرفة واضحة عن تاريخها الأثري، ولكن أحدهم يعرف تماماً من خلال منزل جده المتصدع أن هناك ممرات تفضي إلى منازل تحت الأرض، وهذه الممرات مازالت موجودة إلى الآن، وبإمكان العامة المرور فيها حتى تصل إلى طريق مسدود.

يقول الدكتور "علي أبو عساف" مدير عام المتحف الوطني سابقاً في كتابه الشهير الآثار في جبل حوران: «كانت قرية "الخرسا" ممراً للقوافل القاطعة من "اللجاة" باتجاه مدينة "شهبا"، وقد بنيت فيها منازل مازالت تصارع الزمن، وتوحي بالجمال من خلال جدرانها وقناطرها التي تشهد على أحوال القرية الحسنة، وهي تعود إلى الفترة الرومانية، وتعاقبت عليها الحضارات المتوالية دون أن تغير الكثير من معالمها».

لم نلحظ طوال تواجدنا هنا أي معالم لكنيسة أو برج أو قبر مميز، وعلى ما أظن أن البيوت السكنية تنم عن فقر السكان، و"الخرسا" من خلال موقعها في "اللجاة"، لم تكن غير ممر للقوافل والمسافرين

وقرية "الخرسا" اسم على مسمى، وهي التي تقع على بعد 18 كم إلى الشمال الغربي من مدينة "شهبا"، فعندما تقتحم بلدتها القديمة المهجورة لا تجد فيها غير الحيوانات الأليفة، وعلى ما يبدو أن العصرنة والحداثة قد قلبت كيانها رأساً على عقب، وحولت قناطرها البديعة ومنازلها البازلتية الصلبة إلى مرتع للعابثين بهدوئها، والباحثين عن الذهب والغنى السريع، حتى تحولت بعض البيوت إلى ركام من التراب.

لا تعليق

وفي جولة لموقع eSuweda بصحبة مختار القرية السيد "هاشم مسعود" على البلدة القديمة، أكد ما ذهب إليه "أبو عساف"، وقال: «مازالت شوارع البلدة القديمة على حالها، ويمكنك أن تدخل من ممرات ضيقة تفضي بك إلى الجانب الآخر من القرية، وهناك أبواب من الحلس الكبيرة التي مازالت قائمة إلى الآن، ولكن العديد من المنازل قد سقط سقفها منذ مدة، وأعتقد أن الناس لم تهاجر هذه المنازل إلا لشعورها بالخطر، ويمكن للمتتبع أن يلاحظ التقسيمات الدقيقة للبيوت الرومانية، من خلال الممر الذي يفضي إلى غرفة الضيافة عند الباب، ويتبعه إلى ساحة كبيرة في الوسط حيث تتوزع غرف النوم والمؤونة، وعلى صف متوازي يأتيك ممر يؤدي إلى الحظائر التي تأوي الحيوانات والحبوب وهناك بيوت مجهزة كمرابض للخيل أو إسطبلات».

وغير ذلك لم يضف الشيخ "زيد مسعود" أكبر المعمرين في "الخرسا" كثيراً عن الآثار.

باب من الحلس الباقي من ذكريات الحضارات المتعاقبة

وأضاف: «لم نلحظ طوال تواجدنا هنا أي معالم لكنيسة أو برج أو قبر مميز، وعلى ما أظن أن البيوت السكنية تنم عن فقر السكان، و"الخرسا" من خلال موقعها في "اللجاة"، لم تكن غير ممر للقوافل والمسافرين».

قناطرها شاهدة على صمتها الأبدي