كانت قلعة "دمشق" شاهدة على بدء فعاليات سباق "تيري فوكس" الثامن عشر لدعم أبحاث السرطان، والذي تقيمه "الجمعية السورية لدعم البحوث الطبية" بالتعاون مع السفارة الكندية بـ"دمشق".
20/11/2009 الساعة الثامنة صباحاً، كان الموعد المحدد لانطلاق المشاركين المميزين بقمصان سوداء موحدة حملت صورة "تيري فوكس" وقد صممت خصيصاً للحدث.
إيماناً مني بأهمية هذه النشاطات حرصت على الحضور أنا وعائلتي وعماتي بعد أن أبلغتهم بموعد السباق وهدفه.. تشعرني مثل هذه المشاركات بالرضى والاطمئنان الداخلي
أربعة كيلومترات ومئتا متر، المسافة التي قطعها المئات من المشاركين بفئاتهم العمرية المختلفة ضمن خط سير بدأ من "قلعة دمشق"، مروراً بـ"سوق الحميدية" الأثري إلى "شارع مدحت باشا" وصولاً إلى "باب توما" ومنها إلى "القيمرية" انتهاء بـ"قلعة دمشق" من جديد.
فريق esyria وأثناء مشاركته في السباق، التقى بأمين سر "الجمعية السورية لدعم البحوث الطبية" "ثائر لحام" والذي حدثنا قائلاً: «سباق "تيري فوكس" ليس سباقاً تنافسياً بقدر ما هو سباق مشاركة، حيث تنوعت المشاركات في "تيري فوكس 2009"، لتشمل جميع الفئات العمرية تقريباً بما فيهم الأطفال الرضع، من السوريون والأجانب، الكبار والصغار، النساء والرجال، الذين استيقظوا صباح يوم العطلة للمشاركة في الحدث».
"الجمعية السورية لدعم البحوث الطبية"، والتي دأبت على تنظيم هذا السباق السنوي في سورية، اختارت "دمشق القديمة" للمرة الثانية مركزاً للسباق كما حدثنا "ثائر لحام" قائلاً:
«وصل سباق "تيري فوكس" إلى عدده الثامن عشر، حيث قمنا بتنظيمه منذ بدايته، وكان عدد المشاركين آنذاك خمسة وثلاثين مشاركاً، أما الآن وصل عدد المشاركين إلى ثلاثة آلاف مشارك، كان المسار قديماً يبدأ وينتهي من أمام "فندق شيراتون دمشق"، مروراً باوتوستراد المزة، وصولاً إلى "مشفى الشامي"، أما اختيارنا لـ"دمشق القديمة" للمرة الثانية، فهو محاولة لنعيد عبق التاريخ وأصالته، إلى جانب البعد الإنساني للسباق».
وكان لـ"كشاف سورية" دوره البارز في تنظيم السباق، والحفاظ على توحيد خط السير، بآلية حدثنا عنها القائد "نزار يارد" عضو اللجنة المركزية بمفوضية "دمشق" عميد الفوج الأول في "كشاف سورية": «انطلاقاً من خدمة المجتمع وتنميته ومساعدة الآخرين وخدمة للوطن، ساهمنا بتنظيم السباق من خلال توزيع نقاط علام لإرشاد المتسابقين إلى وجهة السير المرسومة، وقمنا بوضع نقاط لتوزيع مياه الشرب وكان عددها ثلاث نقاط، ضماناً لراحة وسلامة المشاركين، بالإضافة للمساهمة ببعض الأمور التنظيمية».
مشيراً إلى سير العمل التنظيمي بسهولة لهذا العام نتيجة الاستعداد المسبق، وتفهم ووعي المشاركين لآلية مثل هذه السباقات التي لم تعد جديدة عليهم.
مسافة بسيطة احتضنت مشاعر عفوية وعواطف مشبعة بالإنسانية، رسمها السوريون كلوحة بصرية جميلة علقت على جدران المدينة القديمة، فريق esyria توقف عند رأي بعض المشاركين، حيث أبدت "ناريمان نابلسي" سعادتها بالمشاركة الاجتماعية، مشيرة إلى انتشار هذه الثقافة لدى الجيل الجديد من الشباب السوري: «يسعدني المشاركة في النشاطات الاجتماعية في سورية والتي تحمل المعنى الإنساني بالذات، وما يفرح مشاركة تلك الفئات العمرية الصغيرة التي تشير إلى ثقافة اجتماعية مختلفة بدأت تحركها مثل هذه الفعاليات».
أما "هبة أرناؤوط" عبرت عن استعدادها للمشاركة بأي نشاط إنساني يفضي إلى مساعدة الآخرين، كما أخبرتنا عن الدور التحريضي الذي لعبته في الدعوة للمشاركة في هذا السباق: «إيماناً مني بأهمية هذه النشاطات حرصت على الحضور أنا وعائلتي وعماتي بعد أن أبلغتهم بموعد السباق وهدفه.. تشعرني مثل هذه المشاركات بالرضى والاطمئنان الداخلي».
وعلى أنغام موسيقا صاخبة استمتع المشاركون بتناول الفطور الذي قدمته مجموعة من شركات المواد الغذائية في سورية، وحوّل المشاركون الشباب - بالرقص والغناء على أنغام تلك الموسيقا- الحدث إلى احتفالية كبيرة شهدتها "دمشق" يوم عطلتها هذا.
الجدير بالذكر أن "تيري فوكس" ولد عام 1958 وفي العشرين من عمره فقد ساقه بعد أن أصيبت عظامه بالسرطان، ولكنه قرر الركض من المحيط إلى المحيط عبر كندا ليجمع التبرعات من أجل أبحاث السرطان، وأطلق على سباقه ماراثون الأمل، ولكنه لم يستطع إتمام خط السير الذي وضعه عندما انتشر المرض إلى رئتيه فتوقف في الأول من أيلول عام 1980 بعد أن ركض مئة وثلاثة وأربعين يوماً مسافة خمسة آلاف وثلاثمئة وثلاثة وسبعين كيلو متراً، وبعد أيام قامت شبكة التلفزيون الكندية ببث برنامج تلفزيوني لجمع التبرعات على الهواء مباشرة شارك فيه كبارالنجوم في كندا وهوليوود ووصلت التبرعات إلى عشرة ملايين دولار كندي، وكانت رمزاً لاستمرار ماراثون الأمل الذي بدأه "تيري فوكس" وهو ورغم وضعه السيئ لم يفقد الأمل، ولكنه توفي في الثامن والعشرين من حزيران عام 1981 قبل شهر بالضبط من عيد ميلاده الثالث والعشرين، لينتشر السباق بعد ذلك في كندا وبلدان كثيرة في العالم ومنها سورية، ويتم من خلال هذه السباقات جمع مبالغ تصل إلى مئات ملايين الدولارات لدعم أبحاث السرطان.