بالرغم من المتغيرات الكثيرة في الحياة الاجتماعية التي طرأت على حياة الإنسان، إلا أن القهوة العربية برغم كل ذلك لا تزال فلكلوراً وتاريخاً، يختزن قيماً كثيرة من الشجاعة، والكرم، والألفة، والمحبة.
فما أن تدخل معظم منازل محافظة "درعا"، حتى تتهادى إليك مناقل "دلة" القهوة، كموروث لابد من المحافظة عليه، فما يزال أهالي المحافظة يخصصون في كل منزل غرفة خاصة للضيافة تدعى "المضافة"، وعندما يدخل هذه الغرفة الضيف أول ما يقدم له فنجان من القهوة دلالة على محبة وتقدير واحترام الضيف.
يبلغ ارتفاع شجرة البن أمتار وهي شجرة دائمة الخضرة، وأزهارها بيضاء، أما الثمار فهي حمراء، يتم حصاد ثمارها بهز الشجرة، أو بآلات حديثة، حيث تنقع حبوبها بالماء لتخفيف مرارتها، وتروي الأسطورة أن راعياً حبشياً أو يمنياً في روايةً أخرى، لاحظ بأن أغنامه تبقى دائمة النشاط والحركة في الليل، عندما يأخذها للرعي في مكان معين حيث تأكل نبتةً بذاتها، فجربها وكان ذلك الاكتشاف الأول لثمار شجرة البن
وللقهوة طقوس خاصة في تحضيرها وتقديمها وكيفية شربها، وقسمت فناجينها إلى مسميات ترمي كل واحدة منها إلى حالة معينة.
ولأنها حديث يطول شرحه، موقع eDaraa وبتاريخ 4تشرين الثاني 2009 التقى مع بعض أهالي مدينة "درعا" المهتمين بموضوع القهوة وكانت البداية مع السيد "حسين علي الفريج"، الذي حدثنا عن كيفية صنع القهوة العربية فقال: «بعد أن تكون النار مشتعلةً، نضع "المحماسة" عليها ونضع فيها حبات البن" القهوة"، ونقوم بتحريكها بيد المحماسة باستمرار حتى لا تحترق، إلى أن يتغير لونها، لتصبح شقراء أو سمراء حسب ما يريد ويشتهي الشخص، ويضعها بعد ذلك في وعاء كبير لكي تبرد، وبعد أن تبرد توضع في "الجرن" وتدق لتطحن، ومع عملية طحن القهوة يكون الماء موضوعاً على النار في "دلة" خاصة للقهوة إلى أن يصل إلى درجة الغليان، فيضيف له مسحوق القهوة الذي تم طحنه وتترك لتغلي قليلاً، في أثناء ذلك يقوم بطحن حب الهال في "الجرن"، ويضع مسحوق حبّ الهال في "براد القهوة"، ويصب القهوة التي تكون قد غلت فوق الهال المطحون، وبذلك تصبح جاهزةً تماماً.
ويضيف: «كانت الأدوات القديمة التي ما زلنا نحتفظ بمعظمها هي "المحماسة"، التي نحمص بها حبوب القهوة على النار، و"المبرادة" التي تستعمل لتبريد القهوة، و"المهباش" لطحن القهوة، و"دلّة الطبخ" لطبخ القهوة على النار، و"المبهارة" وهي عبارة عن دلّة صغيرة تبهر بها القهوة».
وعن طريقة سكب القهوة للضيف يقول الحاج "محمود رجا العقرباوي": « في البداية يجب على الضيف، أن يصحح من جلسته، عندما يتجه إليه صاحب البيت بالقهوة بقصد الضيافة، وعندما يكون الضيف غير مكترث أو لم يصحح جلسته، نضرب الفنجان ببراد القهوة أو المصب الخاص بها، فيصدر صوتاً مميزاً لتنبيه الضيف، نصب الفنجان ونشربه أمام الضيف، ثم نسكب الثاني ونمسكه باليد اليمنى، ونقدمه للضيف الذي يجب أن يتناوله باليمنى أيضاً، وعند شرب الفنجان يهز فنجانه إشارة إلى اكتفائه فنتوقف عن سكب القهوة له، وقديماً كان من المعيب أن يقوم أحد الضيوف من المجلس بينما تدار القهوة للضيوف».
ويتابع الحاج "محمود": «الفنجان الأول لدينا يدعى "الهيف"، حيث يحتسيه صاحب البيت قبل أن يسكب القهوة لضيوفه. أما الفنجان الثاني فندعوه "الضيف" الذي يعتبر الفنجان الأول الذي يشربه الضيف، وفي طقوس البادية قديماً كان الضيف مجبراً على احتساء هذا الفنجان، والفنجان الثالث تدعوه العرب "الكيف"، لتعديل المزاج فحسب إن رغب الضيف به وهو ليس مجبراً على شربه، ولا يلحق عدم شربه أي ضرر بالمضيف، ويصنف بأنه أقل الفناجين قوة بعادات أهل البادية بينما يصنف الفنجان الرابع المدعو بـ "السيف" بأنه أقوى الفناجين عند العرب، فمن يحتسيه فقد رهن عمره وحياته مع مضيفه، وصار مجبراً على التكافل غير المشروط معه بالسراء والضراء، وكانت العرب تتحاشى هذا الفنجان ما أمكنها ذلك».
ويحدثنا المهندس الزراعي "عبد النور العقرباوي" عن تاريخ وصفات شجرة البن التي تصنع منها القهوة العربية فيقول: « يبلغ ارتفاع شجرة البن أمتار وهي شجرة دائمة الخضرة، وأزهارها بيضاء، أما الثمار فهي حمراء، يتم حصاد ثمارها بهز الشجرة، أو بآلات حديثة، حيث تنقع حبوبها بالماء لتخفيف مرارتها، وتروي الأسطورة أن راعياً حبشياً أو يمنياً في روايةً أخرى، لاحظ بأن أغنامه تبقى دائمة النشاط والحركة في الليل، عندما يأخذها للرعي في مكان معين حيث تأكل نبتةً بذاتها، فجربها وكان ذلك الاكتشاف الأول لثمار شجرة البن».