الناس في منطقة "عفرين" يعتبرون هطول الأمطار الخريفية دليل على موسم خيّر وسنة زراعية مباركة تحمل إليهم الفرح والسعادة ولهم في ذلك قصص وحكايات تُروى في سهراتهم الريفية منذ أقدم الأزمنة.
في ريف منطقة "عفرين" التي شهدت خلال أيام عيد الفطر السعيد لهذا العام هطولات مطرية خريفية مبكرة التقى مراسل موقع eSyria بعدد من المزارعين سألهم عن رأيهم بهذه الهطولات وأهميتها للموسم الجديد وعن الحكايات الشعبية حولها فأجاب "خليل حسو" (أبو "نذير")-معمّر /69/ سنة: «هطول الأمطار في هذا الوقت من السنة هو دليل على أنّ السنة خيّرة وستحمل لنا موسماً جيداً ووفيراً لأنّ الأرض في مثل هذا الوقت تكون عطشى وبحاجة ماسة إلى المطر كي تأخذ كفايتها منذ الآن، وفي عرف الفلاحين إنّ تأخر هطول الأمطار الخريفية وخاصّةً في شهر أيلول من كل عام سيؤدي إلى نقص في المحاصيل وضعفها، وبالتالي تقل الأفراح والأعراس والمناسبات الاجتماعية السعيدة».
لقد فلحت الأرض وبالطريقة التقليدية لمدة لا تقل عن /45/ عاماً وذلك العمل الطويل في الأرض علمني الكثير من الحكايات والأعراف المتعلقة بالعمل الزراعي
وتابع حديثه: «الفلاحون في الريف يقولون: كلما نمت عشبة ("تولك")* بين بيوت القرية كان الموسم وفيراً مع العلم أنّ هذه العشبة لا تنمو بكثرة إلا في السنوات التي يهطل فيها مطر الخريف المبكر».
«وأخيراً نشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة التي لا تقدّر بثمن وعلى هذه البداية المطرية المباركة وأقول كل عام وبلدنا وشعبنا بألف خير بمناسبة الهطولات المطرية وعيد الفطر السعيد».
أما "خليل إبراهيم" (أبو "فريد") -معمّر/75/ سنة فقد قال: «لقد فلحت الأرض وبالطريقة التقليدية لمدة لا تقل عن /45/ عاماً وذلك العمل الطويل في الأرض علمني الكثير من الحكايات والأعراف المتعلقة بالعمل الزراعي».
وأضاف: «هناك قصة ريفية سمعناها من آبائنا وأجدادنا منذ أن كنا صغاراً وتتحدث عن أهمية الأمطار الخريفية في حياة الفلاحين ومواسمهم ومفادها أنّه وفي قديم الزمان أمر أحد الملوك بعض الصاغة بأن يصنعو له محراثاً من الذهب الخالص، وبعد فترة من الوقت حقق هؤلاء الصاغة طلب الملك حيث صنعوا له ما أراد وهو محراث ذهبي بحجم المحراث الحقيقي وأخذوه إلى قصره وقد كانوا يعتقدون بأنّه سوف يزيّن به القصر أو يستخدمها كتحفة فيه ولكن اعتقادهم لم يكن بمحله حين طلب الملك من جميع الفلاحين في مملكته أن يتجمعوا في قصره ليقدروا ثمن المحراث ليكون المحراث في النهاية لصاحب التقدير الصحيح والمقنع».
«تباينت أجوبة الفلاحين وتقديراتهم المادية حول ثمن المحراث ولكن كل تلك الإجابات لم تقنع الملك حتى جاء أحد الفلاحين وقال للملك أنا سأقدر ثمن المحراث إن سمحت لي فوافق الملك، بعدها دار الفلاح حول المحراث وبعد برهة قال: أيها الملك العظيم، إذا هطلت الأمطار الخريفية المبكرة فإنّ محراثك غالي جداً بحيث لا يمكن تقديره بثمن ولا يستطيع أحد شراءه، أما إذا لم تهطل الأمطار في فصل الخريف فإنّ محراثك لا قيمة له البتة ولا يساوي درهماً واحداً، حينها أُعجب الملك بجواب ذلك الفلاح وقال له خذ المحراث فهو من حقك ولا أحد يستحقها غيرك في المملكة».
وتابع بالقول: «من هذه القصة الجميلة يفهم المرء أهمية وضرورة هذه الهطولات التي لا تقدر بثمن، وأخيراً أقول كل عام وبلدنا ومجتمعنا بألف خير وإنشاء الله سيحمل موسم هذا العام كل الخير والعطاء والبركة لأبناء شعبنا».