هو أحد أوردة دمشق ويدها اليمين، يمتدد متسارعاً في قلب دمشق كأنه الفاصل ما بين أحياء وأسواق داخل السور وخارجه، يمشي مصاحباً وبشكلٍ موازٍ لنهر بردى، ويسيرا معاً دون أن يتعانقان كتف على كتف وروحاً في روح، كأنهم يقولون للأخريين "نحن رفقة عمر".

شارعٌ يشعرك من أوله إلى أخره وكأنّه طريق "النحل"، فعلى طرفيه تعج المحلات والأسواق والبيوت المتلاصقة على بعضها البعض بحنان ومودة، ويلتهب نشاطاً وحيويةً وحركةً تبدأ من طلوع الشمس ولا تهدأ حتى منتصف الليل، فهنا يقنعنا بأنه جزء من تاريخ مدينة عريقة موغلة في الحضارة الإنسانية.

هذا المحل ورثته عن أبي منذ أكثر من 50 سنة، ولم أترك هذا المحل رغم الضجيج والازدحام الموجود فيه، لأن هذا الازدحام والضجيج هو مصدر رزقنا

موقع esyria بتاريخ 6/8/2009 وأثناء تجوله في شارع "الملك فيصل" التقى السيد "علي أورفة" الذي حدثنا عن هذا الشارع قائلاً: «سمي هذا الشارع باسم "الملك فيصل بن الحسين"، وذلك بعد خروج العثمانيين من دمشق، وعقب انتصار الثورة العربية الكبرى، حيث كان قبل ذلك مجرد أسواق وأحياء متداخله في بعضها، إلى أن تمّ افتتاح خط "الترامواي" في ثلاثينيات القرن الماضي، هذا الخط كان يربط غرب دمشق بشرقها، لذلك يقدر عمر الشارع بأكثر من 100 عام بطول أكثر من 500 متر، حيث يبدأ من سوق الهال القديم عند شارع "الثورة" حالياً وينتهي تقريباً عند حيّ "باب توما" شرقاً. هذا الشارع يدخل في قلب "دمشق القديمة" ومنه تستطيع الدخول إلى معظم أسواقها وحاراتها، وعلى طرفيه تتوزع بعض الأماكن ذات القيمة التاريخية، حيث نجد الجامع "المعلق" الموضوع على أحد جدرانه لوحة مكتوب عليها أن الأمير المملوكي "سيف الدين برد بيك الجكمي" هو من بناه سنة 955هـ، 1457م وسمي "بالمعلق" لأن الداخل إليه يصعد على درجات، كذلك لأنه شيّد فوق نهر بردى. وجامع "السادات الأقصاب" القديم يعود تاريخ بنائه إلى سنة 811هـ أيام حكم "الملك الأشرف الأيوبي" "لدمشق". كما يوجد في الطرف الأيمن للشارع مدخل سوق العمارة، وشارع مقام السيدة "رقية بنت الحسين"، فشارع "الملك الفيصل" هو الحدّ الفاصل بين حيّ العمارة "البرانية"، "والجوانية". وفي الطرف المقابل للشارع توجد أزقة قديمة تتوزع فيها بيوت "دمشق" مثل جادة "ستي زيتونة" في حيّ "العقيبة" وجادة "العناتبة" التي سميت على اسم أسرة جاءت من "عين تاب" (شمال سورية- تتبع الآن إلى تركيا) وقطنت هذه المنطقة».

السيد "علي أورفة"

ثم أضاف: «يوجد سوق الهال القديم المتخصص ببيع مختلف أنواع الخضار والفواكه واللحوم والمواد الغذائية المختلفة، وبسبب الامتداد الطويل لهذا الشارع، يوجد فيه مختلف الصناعات والبضائع، إذ تلاحظ على يمينه سوق "المناخلية" الذي يعود إلى أيام المماليك وسمي كذلك لأنه كانت تصنع المناخل فيه، هذا السوق يوصلك إلى سوق الحبال، بالإضافة إلى ذلك يوجد محال حدادة لصنع الخزانات والمدافئ والأدوات الحديدة، وكذلك محلات الأدوات الصحية المختلفة والمناشر الخشبية. كما تكثر في هذا الشارع دكاكين بيع المواد الغذائية المختلفة، وكذلك الألبسة والأقمشة المتنوعة، رغم أن الشارع مزدحم جداً بالمارة والمحلات والأسواق والمركبات، فهناك على طرفيه تتوزع البيوت العربية المبنية من "اللبن" والخشب يزيد عمرها على 100 عام ويقتنها أهلها حتى الآن».

السيد "أحمد قارصلي" من أصحاب أحد المحلات في الشارع قال: «هذا المحل ورثته عن أبي منذ أكثر من 50 سنة، ولم أترك هذا المحل رغم الضجيج والازدحام الموجود فيه، لأن هذا الازدحام والضجيج هو مصدر رزقنا».

شارع مقام السيدة "رقية بنت الحسين"

"محمد راتب الطباع" قال: «هذا الشارع قديم جداً، وهو شارع تجاري وصناعي مهم، يأتيه الناس من مختلف الأماكن في "دمشق" وريفها للتبضع منه، لأنه يحوي على كل أنواع البضاعة بشتى أصنافها التي يحتاجها الإنسان من الإبرة وحتى الجمل يعني "لحم الجمل"».

شكل النوافذ بيوت شارع الملك فيصل