(طب الجرة على فمها تطلع البنت ل أمها) (خذوا البنات من صدور العمات) كم مرة سمعنا تلك الأمثال من أفواه جداتنا وأمهاتنا وحتى من أبائنا وأجدادنا، فالأمثال الشعبية ليست حكراً على النساء كما هو سائد في مجتمعنا بل هي ذاكرة وتاريخ عريق تداولته الأجيال وورثته لبعضها البعض تعالوا معاً نتعرف على أبرز الأمثال الشعبية السائدة في منطقة "الدريكيش"، حيث حدثتنا عنها الجدة "جهيدة محمد" قائلة: «الأمثال الشعبية هي اللغة اليومية التي اعتدنا عليها منذ الصغر وتوارثناها عن أمهاتنا فما زلت أذكر أمي _رحمها الله_ وهي تقول لي ادرسي يا "جهيدة" لأن (العلم في الكبر كوخذ الإبر) وطبعاً هذا المثل يراد منه شرح مدى صعوبة التعلم عندما يتقدم الإنسان في العمر».

وحين سألناها إن كانت تحفظ أمثلاً أخرى أجابت: «كثير كثير وأكثر مما تتصورون أحفظ جريدة كاملة من الأمثال فمثلا هناك مثل جميل جداً ودائما أقوله لأولادي وأعتبره حكمة، فالمثل يقول (إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع) وكما لاحظتم المثل يرمز إلى القناعة فكلما كان المرء قنوعاً حصل على مايريد، وهناك الأمثال الطريفة ك(رايحة جاية مثل أم العروس) وهذا المثل اعتدنا أن نقوله للمرأة المتملقة والفضولية التي تسعى وراء أحد ما لغاية معينة، وأيضاً (متل الطبل مقفوع) وهذا نقوله لكل الذين لا يحفظون الأسرار ولا يصونونها».

هناك الكثير من الأمثال التي نستخدمها وعلمت أيضاً أنها تنشر في الكتب فهي أصبحت مع مرور الوقت شيئاً ذا قيمة لأنها أثبتت صدقها في أغلب المواقف و(الي مالو قديم مالوا جديد)

أما السيد "محمد سليمان" فقال: «ونحن الرجال لدينا أمثال خاصة بنا فنحن لسنا كالنساء (منمتل عالطالعة والنازلة) وإنما نقول المثل عندما تقتضي الحاجة ومن أكثر الأمثال التي نستخدمها (كلب الأمير أمير) وهذا المثل يعني أنه حتى خادم الشخص المهم يكون شخصاً مهماً، والبعض يقوله على الشكل التالي (مو الأمير أمير كلب الأمير أمير) وهذا يعني كما هو ملاحظ أن خادم الشخص المهم أكثر أهمية وغطرسة من الشخص المهم ذاته، وهناك مثل آخر هو (صاحبك اللي بدك تبقيه لا تاخذ منه ولا تعطيه) وهو يحمل حكمة صحيحة فالإنسان تبدأ صداقاته بالتداعي حين يدخل المال والدين على الخط وهذا ما يعنيه المثل».

جلسة الأمثال الشعبية كانت مع المتة طبعا!!

وتابع: «الأمثال الشعبية ليست أبداً مجرد كلمات اعتيادية بل هي من واقع الحياة اليومية وإذا ما تمعنتم بها ستجدون أنها حقيقية بنسب متفاوتة ولكنها أقرب إلى الواقعية منه إلى اللغط وفي النهاية فإنها جزء من حياتنا واعتدنا على قولها بشكل يومي ولايخلو بيت منها».

وترى الجدة "عايدة عبد الحميد" أن الأمثال الشعبية أقرب إلى الحكم منها إلى الأمثال والطريف في الأمر أنها بدأت حديثها بمثل فقالت: «(الأمثال ماتركت شي ماقالتو) وهذا المثل يعني أن الأمثال الشعبية تناولت كل المواقف التي يمكن أن يواجهها المرء في حياته، فهي إذاً حصيلة التجربة والخبرة وليست مجرد كلام عابر لا قيمة له».

محمد سليمان

وتابعت تخبرنا عن بعض ما تحمله ذاكرتها من أمثال فقالت: «(الله لا يعيز حدا لحدا) وهذا المثل نقوله حين يريد شخص من الآخر شيئاً ولا يلبيه وهذا المثل بمثابة الدعاء لله سبحانه تعالى، ومثله (الباب الي بيجيك منه الريح سدوا واستريح) وهو دلالة على أن الشخص الذي يسبب لك المشاكل ابتعد عنه ولا تقترب منه أبدا لتبقى مستريح البال، وأيضاً (اللي أولو شرط آخره سلامة) أي أن كل شيء منظم ومتفق عليه من قبل يريحك ويطمئن بالك على عكس الوعود التي يمكن أن تنكس ولا يعترف بها».

وتابعت: «هناك الكثير من الأمثال التي نستخدمها وعلمت أيضاً أنها تنشر في الكتب فهي أصبحت مع مرور الوقت شيئاً ذا قيمة لأنها أثبتت صدقها في أغلب المواقف و(الي مالو قديم مالوا جديد)».