يقع دير "قنسرين" في منطقة "الناقوطة" من بلدة "الشيوخ الفوقاني" في ريف محافظة "حلب" ، على بعد حوالي /6/ كم وعلى الضفة الشرقية لنهر الفرات شرقي مدينة "جرابلس" وإلى الجنوب من قرية "زور مغار" الواقعة على الحدود السورية التركية.

ولمعلومات أكثر عن الدير زار موقع eSyria مديرية آثار ومتاحف "حلب" وحصلنا منهم على دراسة للمهندس "يوسف الضابطي" تحدث فيها بتفصيل عن هذا المعلم الأثري الهام..

يتميز المبنى بدقة تصنيع الحجارة، وهذا يدل على الأهمية التي يتمتع بها، حيث عثر على العديد من الحجارة المنحوتة والمزخرفة التي تدل على المستوى الفني والزخرفي الرفيع الذي احتوته أقسامه المتعددة.. الكورنيشات الحجرية المزخرفة: الكورنيش الأول: وهو كورنيش زاوية يتوضع في القسم العلوي للزاوية الشمالية الشرقية من القاعة الوسطى ويتألف من عدة طبقات. الكورنيش الثاني: يقع فوق زاوية القسم الجنوبي الشرقي من القاعة الوسطية فوق الخزانة الجدارية العريضة..

ففي لمحة تاريخية عن الدير يقول المهندس "الضابطي":

«يعتبر "دير قنسرين" من أهم وأشهر أديرة الكنيسة السريانية الأرثوذوكسية، و"قنسرين" كلمة سريانية تعني "عش النسر"، وعُرف أيضا باسم "دير قنسري" وذكرت مصادر أنه دير عظيم مقابل "جرابلس" وبينه وبين "منبج" أربعة فراسخ، زاره العديد من الجغرافيين ومنهم "ياقوت الحموي" الذي ذكره في كتابه (معجم البلدان). لقد كان هذا الدير عظيما بأهميته، بديع الجمال بعمارته، وكان يدرس فيه أيام ازدهاره ما يزيد على /370/ راهبا، وقد تخرج منه العديد من الأساقفة والبطاركة والعلماء والفلاسفة..

تأسس الدير عام /530/م على يد القديس "يوحنا الرهاوي" المعروف بـ "وحنا بن أفتونيا" وقد عرف الدير باسمه "دير ابن أفتونيا" وكان مركزا دينيا هاما في منطقة الفرات الأوسط..».

ويتحدث المهندس "الضابطي" عن التنقيبات الأثرية في الدير قائلاً:

«تأتي أهمية التنقيبات الأثرية في "دير قنسرين" من كونها كشفت عن أجزاء هامة من هذا الصرح المعماري المتميز في منطقة "الفرات" الأوسط، فقد كشفت أعمال التنقيب عن أجزاء هامة من الدير خصوصا في لقسم الجنوبي والكتلة الشمالية الغربية منه، وقد احتوى القسم الجنوبي على عدّة قاعات وغرف:

القاعة المستطيلة Chapel: تشكل هذه القاعة القسم الجنوبي النهائي من كتلة المبنى بأبعاد /16.30×4.05/م امتد محورها الطولي باتجاه (شرق –غرب)، وتوضعت خزانة جدارية صغيرة في منتصف الضلع من المستوى السفلي.. وبالنسبة للضلع الجنوبي الطويل من القاعة فلا يزال يحتفظ بأجزاء لا بأس بها خصوصا في الجزء الشرقي منه، إلا أنه يتلاشى تدريجيا باتجاه الغرب. أما الجدر الشمالي للقاعة فيعتبر عنصر فصل ووصل بينها وبين الأقسام المرتبطة بها من الطرف الشمالي. وبالنسبة لأرضية القاعة فقد تم إكساؤها بطبقة من الموزاييك الملون.

الأقسام الملحقة:

تقع شمال القاعة المستطيلة مباشرة وترتبط معها بجدارها الشمالي وقد تمثلت بثلاث قاعات مختلفة في الشكل والأبعاد وهي:

  • القاعة الغربية: وترتبط بالقاعة المستطيلة عبر الباب المتوضع في جدارها الجنوبي ولم تستكشف كامل مساحتها بسب توقف أعمال التنقيب.

  • القاعة الوسطية: وهي القاعة الأكبر حيث انقسمت إلى غرفتين مفتوحتين، أولهما غرفة صغير بأبعاد /560×180/سم تشكل القسم الجنوبي وتنفتح عبر نافذة إلى الغرفة المستطيلة. والثانية غرفة كبيرة اتخذت شكلا مستطيلا بأبعاد /6.80×5/م تنفتح على الغرفة الصغيرة عبر قنطرة بعرض /5/م.

  • الغرفة الشرقية: لم يتم استكشاف كامل مساحتها بسبب توقف الحفريات، لكن القسم الجنوبي منها تم كشفه بالكامل بعرض /280/سم، حيث انفتح على القاعة المستطيلة عبر نافذة بعرض /145/سم ويرتبط بالقاعة الوسطية عبر قنطرة مشتركة بينهما بعرض /240/سم وتم تغطية الأرضية ببلاطات من القرميد المشوي

  • كما كشفت أعمال التنقيب أيضا عن أجزاء هامة من المبنى في الجزء الشمالي الغربي منه، حيث ظهرت بقايا لعدد من الجدران تشمل امتدادا نظريا لبعض الجدران في القسم الجنوبي أو موازية لها. وتوضع باب بعرض /220/سم في الضلع الشمالي بالقرب من الزاوية الشمالية الغربية من المبنى ويشكل أحد المداخل الرئيسية لها، وقد أغلق هذا الباب في فترة لاحقة..

    أما الأرضيات التي تم الكشف عنها في هذه المنطقة فلا زالت محتفظة بوضع جيد فقد تمت تغطيتها ببلاطات من القرميد المشوي بعرض /20/سم. وبالنسبة لنظام التسقيف المتبع في المبنى فقد أشارت إليه الكميات الكبيرة من شظايا البلاطات الفخارية التي كانت تغطي السقف الخشبي وهذا هو الطراز الشائع في الأبنية التي تعود لتلك الحقبة (القرن السادس الميلادي)..».

    وعن الزخارف والتزيينات التي يتمتع بها المبنى أضاف:

    «يتميز المبنى بدقة تصنيع الحجارة، وهذا يدل على الأهمية التي يتمتع بها، حيث عثر على العديد من الحجارة المنحوتة والمزخرفة التي تدل على المستوى الفني والزخرفي الرفيع الذي احتوته أقسامه المتعددة..

    الكورنيشات الحجرية المزخرفة:

    الكورنيش الأول: وهو كورنيش زاوية يتوضع في القسم العلوي للزاوية الشمالية الشرقية من القاعة الوسطى ويتألف من عدة طبقات.

    الكورنيش الثاني: يقع فوق زاوية القسم الجنوبي الشرقي من القاعة الوسطية فوق الخزانة الجدارية العريضة..».

    وعن أرضيات الفسيفساء المكتشفة في "دير قنسرين" يقول "الضابطي":

    «لقد جسدت الفسيفساء المكتشفة في "دير فنسرين" أهمية كبيرة لهذا الفن وتطوره في القرن السادس الميلادي، فقد غطت لوحة فسيفساء وبشكل كامل أرضية القاعة المستطيلة بأبعاد /16.35×4.05/م منفذة بمكعبات صغيرة بأبعاد صغيرة وألون متعددة، وقد تم تقسيم هذه اللوحة إلى ستة مشاهد مختلفة من التكوينات الهندسية.

    تجسد فيها المشهد الأول بتقاطع دوائر كاملة مع معينات متطاولة لتحصر فيما بينها شكل صليب ترابعي، وأحيط هذا القسم من اللوحة بشريط تزييني مجدول ذي ضفائر. أما المشهد الثاني فقد تعرضت أجزاء كبيرة منه للتخريب ولم يبق منه سوى جزء صغير جدا يحتوي على مربعين متداخلين ومثلث متساوي الأضلاع، أما المشهد الثالث فيجسد أشكال معينات متكررة وموزعة بشكل قطري مائل في اتجاهين، وأحيط الشكل العام بشريط تزييني يفصله عن المشهد الرابع الذي تميز بتقاطع شاقولي وأفقي لمثمنات متكررة وقد نتجت عن هذه التقاطعات مسدسات متطاولة تحصر بينها مربعا في داخله معين، أما بقية أجزاء اللوحة فهي مختفية تقريبا نتيجة التخريب الناتج عن الجدران الطفيلية وإعادة استخدام المبنى..».