بالتزامن مع صدور أول دورية مختصة بشؤون الترجمة وعلومها مجلة "جسور" أقامت مسابقة "سامي الدروبي" للترجمة في دورتها الأولى لعام 2009، هذه المسابقة التي شارك فيها عدد من المترجمين من كافة المحافظات السورية، حيث أعلنت لجنة التحكيم وبرعاية من وزارة الثقافة أسماء الفائزين بالجوائز الثلاثة الأولى.

موقع "eSyria" وبتاريخ 22/7/2009 حضر حفل توزيع جائزة "سامي الدروبي" للترجمة وذلك في مكتبة الأسد وبحضور وزير الثقافة الدكتور "رياض نعسان آغا" وعدد كبير من المترجمين السوريين.

إن هذه الجائزة تهدف لتشجيع المترجمين السوريين واكتشاف أسماء جديدة في هذا الحقل، وقد ارتأت وزارة الثقافة تسميتها باسم المترجم السوري الكبير "سامي الدروبي" عرفاناً لجهوده المتميزة المعروفة في عالم الترجمة

كان لهف الانتظار يجول في عيون المشاركين في المسابقة للتعرف على أسماء الفائزين، حيث أعلن الدكتور "نبيل حفار" رئيس لجنة تحكيم المسابقة النتائج، فكانت الجائزة الأولى لـ "مهران ميناسيان" لترجمته مختارات شعرية "أرمينة" بعنوان "أقنعة ومرايا"، والجائزة /300/ ألف ليرة سورية، وكما فاز "عبود كاسوحة" عن ترجمته لرواية "جوليان غرين" لـ "أدريين موزيرا" والجائزة 250 ألف ليرة سورية، أما الجائزة الثالثة والأخيرة فكانت للمهندسة المعمارية "هزار عمران" عن ترجمتها لدراسة في علم الصحة بعنوان "فلتبقَ شاباً على الدوام" والجائزة 200 ألف ليرة سورية.

درع المسابقة

وكما بينت اللجنة /13/ نصاً مترجماً من مختلف الآداب والعلوم الإنسانية، تمت تزكيتها للنشر في الهيئة العامة السورية للكتاب، حيث تم تسليم المترجمين شهادة تقدير، وكان قد اشترك في هذه المسابقة 49 مترجماً سورياً وبعضهم شارك بأكثر من عمل.

وخلال لقائنا الدكتور "رياض نعسان آغا" وزير الثقافة أكد أن: «الترجمة هي مفتاح لكل الأمم التي شهدت نهضة في حياتها، تلك التي أعطت الترجمة اهتماماً بالغاً وجعلتها في الأولية، والمثال الأقرب هي حضارتنا العربية التي بدأت نشاطها واتساعها وانتشارها عبر الترجمات، فـ"دمشق" بدأت بأضخم ترجمة بين الثقافة العربية واليونانية والإغريقية في العهد الأموي الأول، وكان أول الناشطين أو أبرزهم وأشهرهم هو "خالد بن يزيد" الذي كان يفترض أن يكون خليفة، لكنه سرعان ما أنكب على ترجمة العلوم، فهذه الترجمة هي المفتاح والنافذة التي دخلنا منها إلى ثقافات الآخرين».

مع العائلة

ويكمل "نعسان" حديثه معنا: «طبعاً سنتذكر فيما بعد آلاف المترجمين إن لم يكن المئات، ولكنهم هم الذين صنعوا هذه العالمية لثقافتنا حين مزجوا بها ثقافات العالم، وأهم ماترجموه بعد "اليونان" و"الرومان" ترجموا علوم "الهند" و"الصين" وعلوم "فارس"، وهكذا امتزج العلم العربي بآداب وعلوم الأمم التي كانت قد حققت تجربة سابقة، نحن الآن في وزارة الثقافة نتابع مابدأه أسلافنا، خاصةً الوزراء الذين اهتموا بالترجمة عبر سنوات طويلة، وسمينا الجائزة باسم مترجم لامع وكبير هو "سامي الدروبي"، فحينما تكون الترجمة بنظر الوسط الثقافي أقل شأناً نذكرهم بالمكانة العالية لـ"سامي الدروبي" الذي كان يعطي أدباً على أدب، والآن هذه المسابقة أعادت الحيوية والحراك إلى ساحة الترجمة، وإننا هنا ومن خلال هذه المسابقة نعبّر أمام المترجمين باهتمام الحكومة الرسمي بأمر الترجمة، ونأمل أن يزداد عدد المتقدمين للمسابقة في السنوات القادمة لنرتقي بها إلى المستوى العربي، وكما أهنئ الفائزين لهذا العالم بالجائزة».

ومن بين الحضور كان لنا لقاء مع الأستاذ "محمود عبد الواحد" المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب فقال: «إن هذه الجائزة تهدف لتشجيع المترجمين السوريين واكتشاف أسماء جديدة في هذا الحقل، وقد ارتأت وزارة الثقافة تسميتها باسم المترجم السوري الكبير "سامي الدروبي" عرفاناً لجهوده المتميزة المعروفة في عالم الترجمة».

كاسوحة ومهران

مختارات شعرية "أرمنية" تحت عنوان "أقنعة ومرايا" صاحب الجائزة الأولى للأستاذ "مهران ميناسيان" عنها يقول: هي جائزة تحمل قيمة معنوية كبيرة لأنها تحمل اسماً لمترجم سوري معروف هو"سامي الدروبي" الذي ترجم عن ثلاث لغات عالمية بنفس المستوى، أما العمل الذي قمت بترجمته وفزت من خلاله بالجائزة الأولى، فهو عبارة عن قصائد "مختارات شعرية من اللغة الأرمنية" لخمسة شعراء أرمن عاشوا في نهاية القرن العشرين، أهمية هذه المسابقة تنبع من أهمية الترجمة كرافد للغة والحضارة والأدب، ومن الطبيعي أن تهتم وزارة الثقافة بحركة الترجمة وتشجعها لأنها تطبع عشرات الكتب المترجمة من جميع لغات العالم كل سنة ضمن منشوراتها».

محبة وهواية وإغناء دائم للمكتبة العربية التي تفتقر إلى الكثير من الكتب المترجمة، الترجمة التي هي طريق للمعرفة، وهنا يقول المترجم "عبود كاسوحة" الذي نال الجائزة الثانية: «حين علمت بالجائزة وموعدها، صفّقت فرحاً، لأنها تحمل اسم مترجم عظيم، وعلم حمصي غنيّ عن التعريف هو "سامي الدروبي"، كانت أمنيتي أن يقام هذا الاحتفال في مدينة "حمص" مسقط رأس "الدروبي"، وفي القاعة التي تحمل اسمه ولا سيّما أنّ اليوم قد جرى اختياره بذكاء "الأربـِعاء"، قد تكون المرة الأولى في حياتي وأنا بدأت الترجمة في مثل هذه الأيام، قبل 46 عاماً، في هيئة تحرير جريدة "الثورة" يوم تأسيسها، قد تكون المرة الأولى التي يسعني فيها أن أقول إنّي نلتُ حقي، وقد يتساءل البعض بأيّ معنى لطالما وضعت الترجمة وما تزال في المصاف الثاني بين كافة أجناس الإبداع الأدبية، وفي المصاف الثاني من حيث التقييم المادي، كان هذا، وما يزال ظلماً في نظري على الأقل، لاسيّما والبعض يتردّد أيضاً حيال استخدام كلمة إبداع في الحديث عن الترجمة».

وينهي "كاسوحة" حديثه معنا قائلاً: «سأظلّ أحلم بلقاء آخر، وبتوزيع جوائز أخرى في مدينة المترجم العظيم الذي حملت الجائزة اسمه، ولا بدّ لي أن أنوّه بصاحب الفضل الكبير عليّ وهو طيب الذكر الأستاذ "أنطون مقدسي"؛ الذي حمّلني عبئاً ومسؤولية أزهو بهما حين كتب بخط يده شهادة يضعني فيها ضمن طليعة المترجمين للوزارة، وكما تعودت يوم حصلت على وسام رفيع من الحكومة الفرنسية، وعلى درعين هنا وعدة شهادات، أن أقدّم ذلك التكريم لرفيقتي وخطيبتي الأبدية وزوجتي "إيفلين كاسوحة" "الخضراء"، التي رافقتني في مسيرتي كلها وكانت عن يميني وعن شمالي وأمامي وخلفي، وفضلها ماثل أبداً في قراءة ترجماتي».

أما المهندسة العمرانية "هزار عمران" التي نالت الجائزة الثالثة بترجمة دراسةٍ صحيةٍ حملت عنوان "فلتبقَ شاباً على الدوام" فتقول: «هي مبادرة جميلة من وزارة الثقافة أن تقوم بتشجيع المترجمين ومكافأتهم خاصةً أن السيد وزير الثقافة أكد على أن يكون هذا الحدث سنوياً، فهذه المبادرة تشجع عملية الترجمة وبحث القرّاء على كتب جديدة وقراءتها، أما عملي الذي نلت عليه الجائزة فهو كتاب طبي بشكل عام ألفه الدكتور "روزن" والدكتور "أوز"، وهما عُرفا في برنامج الأوبرا، والكتاب له أهمية كبيرة لأنه يتحدث عن الجسم بشكل عام بطرائق مبسطة جداً، وكما يتحدث عن وظائف الجسم وكيفية حفاظ الإنسان على جسمه بعيداً عن الأمراض».