"نور دهيمش" من مواليد /2003/ وشقيقها "عمر" يصغرها بسنتين، يقيمان هناك في "الرياض" ويحلمان دائماً بالوقت الذي سوف يأتي عاجلاً ليستقرا به في "حماة"، ولكن أين؟ في بيتهم الذي رسمته "نور" أكثر من مرة على دفاترها المدرسية وهي تضع كفها على خدها.
عندما يحين موعد الإجازة والسفر إلى سورية، يبدآن بعدّ الأيام قبل أكتر من شهر وطبعاً يكون العدّ على طريقتهم فيقول "عمر": «كم يوم لسا بدنا ننام ونفيق حتى يأتي اليوم يلي رح نسافر فيه».
كم يوم لسا بدنا ننام ونفيق حتى يأتي اليوم يلي رح نسافر فيه
يقول والدهم السيد "علي دهيمش" وهو يعمل كمستشار قانوني في شركة "الموانئ العربية": «أفضل طريقة للسفر إلى "حماة" عندهما هي في الباص، لا أعرف لماذا، ولكن ما أعلمه أنه عندما يسافران في الطائرة أو في سيارتي تكون فرحتهم ناقصة».
أما والدتهم "جهينة الأخرس" فتقول: «عندما يسافران بواسطة الباص، فإنهما يراقبان الطريق بشغف طوال الوقت ويحكيان لكل الركاب عن أهلهما الذين ينتظرونهما، خاصة عن الجد والجدة، ويتحدثان عن خططهما وماذا سيفعلان في "حماة" وأين سيسافران، ويتغنيان بجمال سورية، إذا نظرت في عيونهما ساعتها فإنك ستدرك ذلك حتماً».
أما "عمر" فمنذ سنتين وهو يطلب من والده أن يشتري له لباساً عسكرياً، متشبهاً بجدّيه، جده من أبيه الذي كان يوماً ما عميداً في الشرطة، وجده من أمه الذي كان مقدماً في الجيش، ويضع على حزامه عدداً من الرصاصات الذين أتوا مع البزة العسكرية، ويقول أنه سيقتل بهم الأعداء.
تقول والدته: «في آخر زيارة كان أكثر شيء سأل عنه "عمر" عندما وصلنا "دمشق" هو "أبو شهاب"، فقال لجميع المسافرين أنه أحضر معه خنجره سوف يذهب إلى حارة الضبع».
أما "نور" فتربط كل الأشياء الجميلة بسورية، فصدفة حين تمطر في "الرياض"، فإنها تجمع صديقاتها وتخبرهم أن هذا المطر جاء من سورية، وعندما يدرسون الفصول الأربعة في المدرسة فهي تجمع صديقاتها أيضاً وتحدثهم عن رجل الثلج، وكيف يصنعونه في سورية، مع أن "نور" زارت سورية /8/ مرّات لم تر خلالها الثلج أبداً ولكنها دائماً تسأل عنه وتحلم كيف سوف تتعامل معه، وكيف ستصنع رجل الثلج وماذا سوف تلبسه.
يقول الوالد "علي": «اخترنا أن تدخل "نور" مدرسة عالمية تعطي منهاجاً متميزاً، حتى تكون بمستوى جيد بالمدرسة عندما نعود إلى سورية، واكتشفنا بعد ذلك أن هذه المدرسة يدخلها الطفل بعمر /3/ سنوات فيتعلم فيهم /3/ مراحل. اثنتان منها أساسيتان، وطبعاً لم تكن "نور" موجودة في هذه المراحل، هذا يعني أنها سوف تدخل صفها في مدرسة لا يسمح فيها بالتكلم باللغة العربية، حيث كان زملاؤها في المدرسة يحضرون دروساً كاملة باللغة الإنكليزية، أما هي فكان عليها أن تتعلم الأحرف، فكانت زميلاتها تترجمن لها كل كلام الآنسة تقريباً، اسم المدرسة "رينبو" أي مدرسة "قوس قزح" العالمية».
وتضيف والدتها: «لم يعجب "نور" في البداية أن تتكلم زميلاتها لغة لا تتقن هي حروفها، فاخترعت لغة أخرى مختلفة، صارت تتكلم كلمات غير مفهومة للتحدث معهم، في البداية اعتقدت زميلاتها أن مثل هذه اللغة موجودة، خاصة وأنه يوجد في "الرياض" خليط متنوع من الناس ومن كل الجنسيات».
وطبعاً خلال شهرين تقريباً تعلمت "نور" الأحرف العربية والانكليزية وبدأت تهجي الكلمات حتى إن الإدارة والمدرسة تساعدوا معها وأقاموا للأولاد الذين في وضعها دورات تقوية.
والآن تتكلم "نور" اللغة الإنكليزية بطلاقة مع زميلاتها في المدرسة حيث يمنع التكلم باللغة العربية كما لم تعد بحاجة للغتها المبتكرة.
وتحدثنا "جهينة" عنهما فتقول: «في شتاء عام /2006/ كنّا عائدين إلى "حماة" وعندما وصلنا مدينة "حمص" بدأت السماء تمطر، مما جعل "عمر" يلبس قبعته، أما "نور" فأخرجت المظلة وفتحتها داخل السيارة».
ويظهر الصراع بين "نور" و"عمر" أحياناً، فتنتقم "نور" منه بأن تخرب له خزانته، أو توسخ له غطاء السرير، وطبعاً يكون الردّ من "عمر" أن العين بالعين والسن بالسن.
أما إذا اعترضت "نور" على لباسها فإنها تجلب فرشاة الشعر وتقول وكأنها مذيعة: «أعزائي المشاهدين، أمي تريد أن تلبسني ثياباً لا أحبها، كما أنها توجعني عندما تمشط لي شعري».
"عمر" و "نور" و "لمار"، أطفال يقيمون في "الرياض" لكنهم يعيشون فعلاً في "حماة"!