تم تصنيفه على أنه الثامن من ناحية التأثير على مستوى الوطن العربي، هو خبير اقتصادي له العديد من الأبحاث والتحليلات الاقتصادية المختلفة، ويشغل حاليا منصب "أمين عام هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسة الإسلامية". يقول بأننا كلنا مساهمون في هذه الأزمة، و"كلنا مجرمون". على هامش المحاضرة التي ألقاها في كلية الاقتصاد بتاريخ 9/4/2009 لطلاب كلية "الاقتصاد" حول الأزمة العالمية كان الحوار التالي:
«دخل الاقتصاد حاليا في مرحلة العطالة والتي أول ما ظهرت كانت في أزمة "الرهن العقاري" والتي بدأت فيها القروض الرديئة بالأعسار وعدم التسديد؛ وللأسف وقف معظم المسؤولين في أغلب الحكومات موقف المتفرج من هذا أثناء تحول الاقتصاد إلى مرحلة ركود، حيث لم يقولوا أن هناك أزمة، بل بررروا ذلك على أن الاقتصاد يتحرك حيث كان الأمر اقتصاديا مثل السيارة التي توقف محركها عن العمل أثناء سيرها مما يجعلها تسير إلى الأمام قليلا بفعل القصور الذاتي قبل أن تتوقف وهكذا كان وضع الاقتصاد وقتها».
ما حصل ليس بسبب النظام العالمي وإنما بسبب الممارسات التي كانت سيئة، وهو نظام جيد وذو إنجازات كبيرة حيث يجب أن نكون موضوعيين في هذا الأمر ولكن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة
ويقول أن بداية الانهيار كانت في أواخر العام /2007م/ حيث يضيف:
«كانت الضربة الأولى بانهيار بنك "ليمان براذر" ومن ثم بدأت المصارف الأخرى بإصدار نتائجها المؤلمة، أما ما فعلته الحكومات فكانت ما يقوم بها المصرف المركزي في العادي من تخفيض أو رفع مستوى الفائدة الأمر الذي قام به المصرف المركزي الأمريكي والذي قام بخفض الفائدة من 6.5 إلى 1.5 بالمائة. وقد بدأت الأزمة بشكل فعلي أواخر العام /2007/ حيث بدأت معدلات البطالة بالارتفاع وعوائد الاقتصاد بالتأثر فكان لا بد من تدخل حكومي لضبط السياسة المالية. ومع استنفاذ السياسات النقدية التي تقوم بها البنوك في العادة، قامت السلطات بعمل برامج "تحفيز" حيث قامت حكومة "جورج بوش" بإصدار خطة لضخ /800/ مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي. أما الشيء الذي لا يعرفه كثيرون فهو أن البنك المركزي الأمريكي قام بضخ /8/ تريليون دولار بشكل سندات في الأسواق بهدف توفير السيولة للمصارف للقيام بعملية الإقراض إلا أنها لم تؤثر في الوضع المتردي. تم إنفاق ما يقارب من /600/ مليار دولار من هذه /800/ ولكن لم يفلح الأمر، ومن ثم بدأ العالم يتأثر ابتداء بالاتحاد الأوروبي الذي يربط عملته بالدولار وبدأت الصين تشهد معدلات منخفضة للنمو حيث قامت في شهر واحد بإغلاق /68/ ألف مصنع فيها، ومن ثم قامت بعدم نشر خبر إقفال المصانع لديها حتى لا يدخل الاقتصاد مرحلة الركود لديها».
أما الإعلام فكان "أحد شركاء الجريمة" وذا دور سلبي حيث يتابع:
«للأسف لعب الإعلام دورا سلبيا كبيرا في هذه العملية حيث قام بالتضخيم من هذه القصة ومقارنتها بالكساد الكبير الذي حصل في ثلاثينات القرن الماضي، لا يمكن المقارنة بين هذه الأزمة وذاك الأمر حيث مثلا معدل البطالة في الولايات المتحدة حاليا هو 8.5% بينما كان قد وصل إلى 30% تقريبا في "الكساد الكبير" وحاليا هي عبارة فقط عن أزمة اقتصادية حدثت بسبب الإهمال».
البلدان النامية تتأثر ولا تؤثر...
ويتابع أن الأزمة على معظم الدول النامية كانت قاسية حيث يضيف:
«بداية الأزمة كانت عندما بدأت أسعار المواد الأولية والبترول بالارتفاع وأثرت على الاقتصاد الحقيقي والذي أخذ وقتا حتى ظهر عليه، للأسف فإن البلدان النامية استوردت كل مشاكل البلدان المتقدمة فيما يخص السياسات النقدية؛ فعلى سبيل المثال قامت بخفض أسعار الفائدة كما فعلت الولايات المتحدة على اعتبار أنها مرتبطة معها بالدولار وهذا أمر خطأ. وما حدث هو انهيار سريع في الأسواق الدول النامية بشكل كبير كما حصل في الأسواق المالية الخليجية في العام /2005/ وهذا دليل على أن اقتصاديات الدول النامية هشة وتعتمد في مجملها على الصناعات التحويلية والذي يعني أن أي ارتفاع في الأسعار سوف يؤثر على العملية الإنتاجية لديها، أما الأمر المفاجئ فكان مقدار الشماتة من هذه الدول والاتهام وتحويلها إلى عملية سياسية. لا شك أنه كان للسياسة تأثير كبير على هذا الموضوع، ولكن كانت الشماتة مبالغ فيها وهناك عديد من الدول صرحت بأنها لم تتأثر بل حتى استفادت من الأزمة. نحن كدول نامية كلنا جزء من هذه الأزمة نتأثر بها ولكن لا نؤثر بها وذلك بشكل أعنف من الدول المتقدمة حيث كان لزاما على هذه الدول أن تقوم بتحصين نفسها إلا أنها كانت متقاعسة عن ذلك».
ويعود ويؤكد أن المشكلة ليست في النظام العالمي إنما كان في بعض الممارسات حيث يتابع قائلا:
«ما حصل ليس بسبب النظام العالمي وإنما بسبب الممارسات التي كانت سيئة، وهو نظام جيد وذو إنجازات كبيرة حيث يجب أن نكون موضوعيين في هذا الأمر ولكن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة».
وقد تأسست لجنة "الاستقرار العالمي" في محاولة لوضع حلول تخرج العالم من هذه الأزمة والتي يقول عنها:
«ناقشت لجنة "الاستقرار العالمي" التي كنت أنا عضوا فيها بعض الأمور مثل وجوب تدخل الحكومات، والتركيز على المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتحفيز الاقتصاد وضخ 1.2 تريليون دولار علاوة على اقتراح الجميع إزالة السرية عن العمليات المصرفية والواحات الضريبية، وهناك حاليا مفاوضات مع كل من "سويسرا" و"النمسا" من أجل هذا الموضوع، وكان هناك أيضا إجماع على أن تتوقف المراهنات، وأن تتشكل شركة لحصر قيمة هذه المراهنات بشكل دقيق وخصوصا أنها تتراوح ما بين 50 -600 تريليون دولار.هذه المراهنات عبارة عن اتفاق نقدي بين طرفين أو رهان على قدرة شخص ثالث لا علاقة لهما به بالدفع أو عدم الدفع تجاه قرض معين. وقد أقرت اللجنة /12/ مقترحا منها سبعة تم الإعلان عنها وخمسا منها حاليا سرية سوف يكشف عنها في حينها، وتتعلق كلها بضبط النظام المالي وإعادة بنائه، وكان هناك اقتراح من الصين للعمل بعملة عالمية موحدة جديدة بدل الدولار قابله رفض من كل الدول وحتى الصين نفسها سحبت المقترح».
"سورية" بحاجة إلى جرأة...
و"سورية" من البلدان التي تأثرت بالأزمة مثلها مثل كل الدول الأخرى، والطرق التي تأثرت فيها "سورية" كانت:
«تأثيرها على بلد مثل "سورية" كان من خلال ارتفاع الأسعار في البداية وحاليا من انخفاض عوائد المغتربين والتي كانت وفقا لإحصائيات رسمية /2/ مليار (الرقم غير الرسمي هو 5 مليار) إلى /800/ مليون دولار فقط، وهذا فرق كبير في المبلغ، علاوة على انخفاض في حجم الصادرات بمقدار 20% من الناحية الرسمية، وهناك أيضا مشاكل قد تتمثل بارتفاع البطالة مع قدوم المغتربين إلى "سورية" لفقدانهم فرص العمل في تلك البلاد مع عملية صرف بعض المعامل لعمالها بسبب الأزمة».
أما الحلول بالنسبة لـ"سورية" فهي:
«هناك حلول يمكن لـ"سورية" استخدامها، إلا أنها في الوقت ذاته تعتبر جريئة للغاية منها على سبيل المثال زيادة الإنفاقات الحكومية عن طريق رفع الرواتب والأجور وتخفيض العملة لتحفيز التصدي، صحيح أن هذه الإجراءات لها انعكاسات تضخمية على المدى البعيد وتحتاج أيضا إلى خبرة وجرأة من صانعي القرار، إلا أنها قد تعالج إذا تم تنفيذ هذه السياسات بحكمة، ولا بد من تحفيز الطلب حتى نتخلص من البطالة. كيف؟ عن طريق تحفيز العلمية الإنتاجية والتصدير وجعل العملة رخيصة».
يملك الدكتور "محمد نضال الشعار" خبرة كبيرة حاولنا حصرها بكلمات قليلة ألقاها لطلاب الاقتصاد في محاولة منهم لتعريف الطلاب بهذا الموضوع، إلا أن الموضوع هو أكبر وأشمل من ذلك مع الأمل بأن تقل التداعيات وينجح العالم في العودة إلى توازنه.