رغم أن الشيب لم يعتل ِ رأسه بعد ولم تطعن الأنواء وجنتيه الناضجتين برحيق الشباب، ورغم أنه لم يكن أكاديميا في دراسته ولم يتخرج من أي معهد فني، إلا أنه وبمقدرة الكبار حفر اسمه عاليا بين أهم الوجوه الفنية في القطر العربي السوري وفي "حلب" خاصة التي ما زالت تخط بأقلام النور سيرة الفنان المخرج المسرحي "حسام حمود" المخرج الوحيد من "حلب" الذي حصل على شرف المنح الإنتاجية لاحتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية والتي أبرزت العديد من الوجوه الفنية وجعلت من نتاجهم مثالا يحتذى به عن دراية وعمق في التفسير.
التقى موقع esyria يوم 8/3/2009 المخرج المسرحي "حسام حمود" ليحدثنا عن مسيرته الفنية معطيا جزءا كبيرا من حديثه للحديث عن مشاركته في احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية.
إن مسرح الطفل هو من أخطر وأصعب أنواع الأعمال الفنية المسرحية لأنني أعتبر الطفل حالة حساسة جدا إذ ليس بالإمكان لأي فنان أن يصل بفنه إلى أعماق الطفل وأن يعمل على جذب وإقناع هذا الطفل بالرسالة التي يحملها بين دفات فنه، ومن جهتي أعتبر أن أكبر جائزة لي هي عندما يشكرني الطفل بعد تقديمي لعمل مسرحي لأنني أشعر أنني قد حققت الهدف المنشود لعملي فالطفل في طبيعته لا يعرف المجاملة ولا الكذب ولا المراوغة فعندما يشكرك فهو يشكرك بصدق
فعن بداياته يحدثنا "الحمود" فيقول:
«في بداياتي كنت رائدا على مستوى القطر في منظمة طلائع البعث في مجال التمثيل المسرحي لتتشتت اهتماماتي بعد ذلك بين العزف على الإيقاع والغناء، إلى أن حددت مساري الفني في دائرة التمثيل التي تطورت فيما بعد إلى الإخراج المسرحي وكنت في البداية قد تأثرت جدا بخالي الفنان "غياث سحار" والذي زرع بداخلي حب المسرح والرغبة في صنع فن متميز من خلال التزامي معه في أعماله المسرحية التي انطلقت منها إلى مجالات أخرى فعملت مع عدد من المخرجين المميزين أمثال "صالح السلتي" و "محمد طيلون" الذين صقلوا موهبتي ورفعوا من سوية ثقافتي ظهوري الفني».
وعند النظر للخلف نجده مخرجا مسرحيا منذ الصغر فعن تحوله من التمثيل إلى الإخراج يحدثنا فيقول:
«بدأ تحولي من ممثل إلى مخرج في عام 1996 بعد خضوعي لدورة إعداد مخرج في مدينة "حماه" الأمر الذي شجعني عليه الكثيرون وأهمهم كان الأستاذ صالح السلتي فكان "مصرع كاتب" أول عمل مسرحي فعلي من إخراجي وقد كنت آنذاك في الصف الثالث الثانوي وبدأ مشواري الإخراجي الحقيقي إثر توالي الأعمال التي قدمت وكان محفزي الأول هو الجوائز التي كنت أحصل عليها في المهرجانات والاندفاع الشبابي، فبدأت بتثقيف نفسي مسرحيا وإخراجيا ليتولد لدي هاجسان مسرحيان الأول يتضمن تحقيق المعادلة الصعبة على المسرح في سبيل تقيم فن يكون محط إعجاب أكبر شريحة ممكنة من طبقات المجتمع المختلة والهاجس الآخر تضمن فكرة تدريب الممثلين أي صنعهم ليكونوا وجوها فنية جيدة ومدربة على كافة المناخات الفنية وذلك لقناعتي أن الممثل الجيد هو نتيجة للإخراج الجيد».
وفي نظرة سريعة على أعمال المخرج "الحمود" نجد أن أغلبها وخصوصا الأخيرة منها والتي تعود لعامين سلفا كانت موجهة للأطفال فعن ميوله نحو دائرة مسرح الطفل يحدثنا قائلا:
«إن مسرح الطفل هو من أخطر وأصعب أنواع الأعمال الفنية المسرحية لأنني أعتبر الطفل حالة حساسة جدا إذ ليس بالإمكان لأي فنان أن يصل بفنه إلى أعماق الطفل وأن يعمل على جذب وإقناع هذا الطفل بالرسالة التي يحملها بين دفات فنه، ومن جهتي أعتبر أن أكبر جائزة لي هي عندما يشكرني الطفل بعد تقديمي لعمل مسرحي لأنني أشعر أنني قد حققت الهدف المنشود لعملي فالطفل في طبيعته لا يعرف المجاملة ولا الكذب ولا المراوغة فعندما يشكرك فهو يشكرك بصدق».
ويتابع في الحديث عن مسرح الطفل فيقول:
«في توجهي نحو الطفل حاولت أن أخلق فنا راقيا مقدما للطفل يبعد عن الأساليب المعتادة في الضحك والتلاعب على عقل الطفل في سبيل إيصال رسالة ما، وهذا التوجه جاء من قناعة حصلت عليها بعد دراسة عميقة لنفسية الطفل تتلخص في أن الطفل قادر على الاستيعاب والتحليل والتركيب لكن بأساليب تختلف عما يقوم بها الكبار والناضجين، فمن هذا المنطلق عملت على تقديم أعمال مسرحية لا تنتقص من مقومات الفن المسرحي شيء بل توظف هذه المقومات في سبيل تحقيق تواصل مع عقل الطفل ففي أعمالي الموجهة للطفل لم أعتمد على الأصوات المسجلة ولم أعتمد على الدمى بل كان الممثل والديكور والإضاءة وكافة مقومات الفن المسرحي الحقيقي موجودة».
وليس لأي عامل في المسرح أن يخفي رغبته في أنه لو كان واحدا من الحاصلين على المنح الإنتاجية التي منحتها احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية والتي كان لـ"حسام حمود" نصيبا منها فكان المخرج الوحيد من "حلب" الذي انتزع عن جدارة تلك المنحة مقدما عمله المسرحي "البحث عن الوردة" والذي قيم من أفضل العروض المقدمة في العام 2008 فعن تلك المشاركة ومراحلها يحدثنا "الحمود"فيقول:
«عندما بدأ تقديم النصوص من المخرجين والتي تمت دراستها من قبل لجنة قراءة النصوص في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية فقدمت بدوري نص الأستاذ الكاتب "محمد أبو معتوق" الذي كان بعنوان " البحث عن الوردة" وذلك لقناعتي التامة بما يحتويه هذا النص من أفكار عميقة وحبكة درامية جيدة يمكن تجسيدها على خشبة المسرح برؤيتي التي وضعتها على أسس أكاديمية وكانت الموافقة على هذا العمل بعد تقديم الرؤية الإخراجية التي لم تكن موضوعة عن عبث إنما عن علم ودراية وتم تقديم العمل في "حلب" ونال إعجاب الكثيرين مع أنني كنت أتمنى أن أجوب به مسارح القطر العربي السوري كافة إلا أنه تعذر ذلك».
ويضيف في القول عن تلك المشاركة وعن برامج الاحتفالية عامة:
«إن تجربتي مع احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية زادت ثقتي بما أقدمه وزرعت في إيمانا تاما بمستقبل الفن السوري، إذ أن الاحتفالية لم تقف عند مرحلة عرض النتاجات إنما تخطت ذلك بإقامتها لندوات واجتماعات كان آخرها في "دمشق" عندما اجتمع كافة المشاركون بأعمالهم الفنية وتمت المناقشة الفنية المفيدة والتي خرجت بتوصيات لإعلاء صورة الفن السوري بكافة ما يحتضن من فن مسرحي وتلفزيوني وسينمائي وتشكيلي وما إلى ذلك وبالطبع هذا أمر مهم في سبيل ارتقاء المستوى الفني في سورية رغم مكانته الرفيعة أصلا، وهذه الظاهرة كانت فعالة بشكل كبير إذ أنها عملت على تشكيل حركة مسرحية في "سورية" التي كانت تفتقر لها إلا عبر بعض المهرجانات فكان هناك جو مسرحي عارم في كافة المحافظات مما أدى إلى نشاط قل نظيره، لكنها ارتبطت في العام الذي أقيمت به هذه الاحتفالية مع تمنياتنا باستمرار هذه التظاهرات وتوسيع دائرتها».
وفي تحول الحديث إلى دائرة التلفزيون السوري نجد أن الفنان "حسام حمود" واحد من الوجوه الحاضرة الغائبة في هذا المجال فأعماله التلفزيونية قليلة جدا رغم إمكاناته الكبيرة مسرحيا فيحدثنا عن هذا قائلا:
«أنا ولدت في المسرح وأخذ مني وأعطيته الكثير إلى حد أن تشكلت صلة وعلاقة عميقة بيني وبين هذا الفن الراقي وما يجعلني غير ظاهر بكثرة على شاشة التلفزيون هو أن آلية التعاطي مع التلفزيون تختلف عنها مع المسرح، ومن جهة أهم هو تواجدي وارتباطي بمدينة "حلب" وبعدي عن العاصمة التلفزيونية في سورية "دمشق"، ومن أحد الأسباب المهمة هو ابتعادي عن الجو التلفزيوني والتزامي بالجو المسرحي بسبب خصوصية الفن المسرحي وواقعيته إذ أنه حالة فنية تفتح بوابة كبيرة للإبداع الشخصي ويمرن الممثل على التعاطي مع الحالات والجمهور بشكل مباشر بسبب وجود حالة انفعالية متواصلة، لكن يبقى الهاجس المادي هو من الأسباب المهمة في اندفاع الكثيرين نحو دائرة التلفزيون وابتعادهم عن دائرة المسرح».
يذكر أن الفنان "حسام حمود" من مواليد مدينة "حماه" وعمل في مسرحها خاضعا لعدة ورشات عمل في التمثيل ودورة إعداد مخرج متتلمذا على يد أكبر فناني سورية وحصل على العديد من الجوائز على مستوى القطر كأفضل ممثل وأفضل مخرج وهو اليوم عضو في نقابة الفنانين ويعمل مديرا لمسرح الغسانية في "حلب" ومخرجا مكلفا في مديرية التربية. نذكر من الأعمال التي قدمها كمخرج (المفتاح الذي يعربد في الهواء – تقارير الحياة الاجتماعية – مصرع كاتب – كواليس – حذاء السيد – أجمل رجل غريق في العالم – عندما ترقص الورود – أزمة قلبية – مغامرات حاسوبية – البحث عن الوردة - حكاية جسم)، ومن الأعمال التي قدمها كممثل نذكر (رأس المملوك جابر – حسنين وتابعه أبو عمرين – الجسر الخيالي – الوجه الآخر للدولار – جبل الماس – ليلة بألف ليلة – إيعازات الصمت – سهرة من أجل سعد الله ونوس – أشباح المدينة – المسلسل التلفزيوني باب المقام).
ويبقى "حسام حمود" بنتاجه المسرحي واحدا من الوجوه المشرقة الشابة الواعدة والحالمة بمستقبل فني أفضل ساعيا إلى نيل شرف التطور والنجاح.