يشتهر المطبخ الدمشقي بتنوع أطعمته وعراقتها على مستوى العالم العربي والغربي، وبالنسبة للذتها فللمتذوق الرأي في ذلك، ومع الانتشار العالمي للمطبخ الشرقي عموماً و"الدمشقي" خصوصاً أصبحت هذه الأطعمة متداولة بشكل يجعل من يأكلها يتساءل عن نشأتها وعن سبب تسميتها، ومن هذه الأطعمة "حراق أصبعو" التي تعود إلى أصول فلسطينية حسب رأي الشيف "حمزة عمارة" الذي كان لموقع eSyria بتاريخ 21/1/2009، لقاء معه في مطعم "ميدان زمان" "بدمشق"، إذ حدثنا عن نشأة هذه الأكلة بقوله: «"حراق أصبعو" أكلة فلسطينية المنشأ تعود إلى حوالي 300 سنة، جاءت إلى "دمشق" سنة 1890 مع تجار الحمضيات الفلسطينيين، سميت بهذا الاسم نسبة إلى طفلة حرقت أصبعها وهي تحاول تذوق الأكلة قبل تبريدها، وتتشابه في طريقة إعدادها مع أكلة "دمشقية" قديمة تسمى "ست زبقي" التي تختلف عن سابقتها باحتوائها لحمة إضافة إلى أنها تقدم ساخنة».

وعن المقادير وطريقة التحضير أضاف: «تتألف الأكلة من ست مواد رئيسية هي: "عدس"، "عجين"، "كزبرة"، "تمر هندي"، "بصل"، "ثوم"، وتحضر على النحو الآتي: كل كيلو غرام من "العدس" يحتاج إلى كيلو غرام من "العجين"، ونصف كيلو غرام من البصل إضافة إلى "ثوم" و"كزبرة" و"ملح" حسب الرغبة، في حين نضع مقدار كأسين من "التمر الهندي" وهو ساخن»

بعد طهو "العدس" نخلطه مع العجين ثم نضيف "التمر الهندي" الساخن، وباقي الملحقات من "بصل" و"ثوم" و"كزبرة" ترش على وجه "العجين" بعد قليها بزيت الزيتون حصراً، ثم تترك تحت النار حتى ينضج "العجين" وتبرّد بعد ذلك لتصبح جاهزة للتقديم

وبالنسبة للإعداد قال: «بعد طهو "العدس" نخلطه مع العجين ثم نضيف "التمر الهندي" الساخن، وباقي الملحقات من "بصل" و"ثوم" و"كزبرة" ترش على وجه "العجين" بعد قليها بزيت الزيتون حصراً، ثم تترك تحت النار حتى ينضج "العجين" وتبرّد بعد ذلك لتصبح جاهزة للتقديم».

الشيف "حمزة عمارة"

وعن فوائدها أضاف: «لهذه الأكلة فوائد كثيرة أهمها البروتين و"الكربوهيدرات"، الموجودان في "العدس" الذي يحوي أيضاً نسبة عالية من مركبات "الحديد" و"الكالسيوم" و"الفوسفور" وفيه فيتامين (أ) الضروري جداً لصحة الجلد والعين ولعلاج أمراض العظام، وتعد هذه الأكلة من الوجبات الرئيسية وليس المقبلات في المطبخ الدمشقي إضافة إلى أن أهل "دمشق" هم أكثر الناس الذين يحضرونها، وتقدم في أغلب الأحيان للمرأة الحامل لأنها "حامضة" وتساعدها في الإرضاع».

ومن زبائن المطعم السيد "رمضان محمد" الذي قال: «لا يخلو شهر تقريباً من دون تناول هذه الأكلة، فجدتي رحمها الله كانت تدعو أبناءها وأحفادها لتناول هذه الأكلة في منتصف كل شهر تقريباً، والآن نحن كعائلة معتادون على تناولها إما في مطعم أو في منازلنا، وأكثر ما يميز هذه الأكلة عن غيرها بالنسبة لنا يكمن في قدرتها على لمِّ شمل العائلة رغم ظروف العمل الصعبة التي تأخذ وقت المجتمعات حالياً».

"حراق أصبعو"

ثم التقينا السيدة "مها دخاخني" التي حدثتنا عن قيمة هذه الأكلة بقولها: «توجد هذه الأكلة على مائدة الطعام في فصل الشتاء لأنها تساعد الجسم في مقاومة البرد، إضافة إلى أن وجودها يعد أساسياً في شهر "رمضان"، لأن الإنسان في شهر الصوم يميل إلى تناول الأطعمة الحامضة عند وجبة الإفطار، وللعلم فإن هذه الأكلة تعد من أقدم وأعرق الأطعمة "الدمشقية" التي تقدم للضيف عند إكرامه، هذا يعود لعراقة الأكلة كما قلت ولصعوبة إعدادها، فهي تحتاج إلى الوقت والجهد الكبيرين، وأنا حتى في الصيف أقوم بإعدادها عندما يشتهيها أطفالي مع أنها أكلة تقدم في فصل الشتاء في أغلب الأحيان».