وحده القدر ساقه إلى هناك، وكأنه مجبول بالفن، وفي حديثه عن طفولته التي وصفها بالبساطة كان يشعر أنه سيصل إلى ما يصبو إليه على الرغم من وجوده في قرية نائية أهلها لا يتقنون سوى الزراعة، فمن هذه الأرض التي تهب الحياة توجه إلى بيروت تلك المدينة التي رسمت معالم شخصيته الأولى، ووضعته على سكة القدر.

الفنان "مشهور خيزران" في حياته يشبه إلى حد بعيد الشعراء الصعاليك بصلابتهم وجبروتهم ورقة مشاعرهم قال لموقع eSuweda يوم الاثنين الواقع في الأول من شهر كانون الأول لعام 2008: «ولدت في قرية "حوط" الواقعة في "المقرن الجنوبي" في محافظة السويداء عام 1946 حيث كانت البلاد تنفض عنها سموم المحتل الفرنسي، وكان التعليم حلماً لكل أب على الرغم من قلة المدارس وبعدها والفقر الذي يخيم على العباد، ورغم ذلك كانت الإرادة أقوى من كل ذلك، وتميزت هذه الفترة بالنسبة لي بالسهرات التي كانت تقام في "المضافات" وما يتبعها من أحاديث وقصص مازالت محفورة في ذاكرتي إلى الآن، وشكلت الأعراس إحدى الحلقات الهامة في تكوين شخصيتي، فهي كانت تتميز فضلاً عن الغناء بنوع من المسرح المصغر أبطاله أهل الضيعة وما تتفتق مواهبهم لابتكاره في كل عرس، وظل هذا الهاجس يرافقني إلى أن رحلت إلى بيروت حيث كان الهم الأساسي العمل لمساعدة الوالد في تربية العائلة الكبيرة المكونة من ثمانية أولاد، إضافة إلى حصولي على الثانوية العامة هناك، وبعد ذلك دخلت في معترك الجامعة تلك الفترة التي لا تنسى والزاخرة بالثقافة والعلم والمعرفة، فبيروت فيها كل ما تصبو إليه وفترة السبعينيات حبلى بكل شيء فهي عاصمة الثقافة والصحافة والحرية».

لدي أربع دواوين شعرية ثلاثة منها مطبوعة والآخر ينتظر الموافقة، وهو شعر باللغة المحكية فيه كثير من الحب للإنسان والحياة، أما الغناء فأنا أغني لـ "فهد بلان" وأحب القديم الذي يقترب من هموم الناس ومن أوضاعهم

وعن دراسته للمسرح قال "خيزران": «دخلت المنظمة الدولية للمسرح في العالم الثالث وهي كلية تابعة لمنظمة "اليونيسكو" فترة خمس سنوات من عام 1970 إلى عام 1975، وكان مديرها المخرج الكبير "جلال خوري" الذي أشرف علينا ودربنا وعملنا معه زمناً طويلاً، وكان له الفضل الأول في تكوين شخصيتي، وقد كان ترتيبي النهائي الثاني بفارق نصف درجة عن طالبة عراقية لم أسمع عنها شيئاً بعد ذلك، ومع بداية الحرب الأهلية عدت إلى "دمشق" حيث انتسبت لنقابة الفنانين، وبدأت مشواري الحقيقي في عاصمة الدنيا وأم الحضارات».

وعن بداياته المسرحية قال "خيزران": «بعد دخولي النقابة، ذهبت للخدمة العسكرية وكانت في المسرح العسكري حيث عملت مخرجاً وممثلاً في كثير من الأعمال أهمها أنشودة "لينين غراد" و"جاسم الخالد"، وبعد ذلك انخرطت في المسرح القومي مدة أربع سنوات كاملة حيث عملت مع عدد كبير من الزملاء الذين أصبحوا أعلاماً في الفن السوري أمثال الفنان "أسعد فضة"».

أما عن انقطاعه عن المسرح فأرجع السبب للمادة فالمسرح يحتاج إلى أموال خاصة مع أعباء الحياة الكبيرة، وطالب أن تقف الدولة والقطاع الخاص للتصدي لهذه المهمة لأن المسرح أبو الفنون كلها.

أما عن الشعر والغناء فقال: «لدي أربع دواوين شعرية ثلاثة منها مطبوعة والآخر ينتظر الموافقة، وهو شعر باللغة المحكية فيه كثير من الحب للإنسان والحياة، أما الغناء فأنا أغني لـ "فهد بلان" وأحب القديم الذي يقترب من هموم الناس ومن أوضاعهم».

يعكف "مشهور خيزران" الآن للإعداد لمسلسل من تأليفه وإخراجه لمصلحة تلفزيون "المشكاة" الكويتي، وهو مسلسل يطرح مشاكل الشباب بقالب إرشادي، وهي الفرصة التي كان ينتظرها طويلاً حتى أصابه نوع من اليأس والإحباط إلى أن أتت، وعلى الرغم من تقلده عدة مناصب في نقابة الفنانين إلا أنه يشعر أن الفنان مازال مظلوماً وخاصة أولائك المنتشرين في المحافظات، وشركات الإنتاج لا تفكر بهم، وهو يضع كل حياته الآن لمساعدة ابنيه عازف الكمان المتميز، والصحفي الذي شق طريقه في "سيريانيوز" وتلفزيون "الدنيا"، وينتظر منه أن ينجب له حفيداً يزرع الأمل في سني حياته الباقية.