دلت تواريخ الدولة العثمانية أن منطقة "الرقة" بقيت معمورة فترة طويلة من الزمان، وكانت الدولة ترسل إليها والياً كوالي "حلب"، يقيم فيها، ثم ومع تمادي الأيام ألمَّ بها الخراب، وصارت الدولة ترسل والياً لـ "حلب"، وكان يدير "الرقة" من دار الولاية في "حلب"، واستمر ذلك لحين تشكل الولايات فأفردت ولاية "حلب" لوحدها.

وكانت "الرقة" قد أشرفت على الامّحاء من الوجود، وخرب برها خراباً فاحشاً، بسبب البدو الرحل، فصارت مركز مديرية إلى حدود عام /1869/م، حيث عين لها قائم مقام في ذلك العام، واحتاج الأمر بعد ذلك لبناء دار للحكومة (السرايا).

تم بناء مفخرة لصناعة الفخار المستخدم لبناء السرايا الجديدة، حيث عمل عدد لا بأس به من أهل "الرقة" في تشييدها، وقد شارك في بنائها أيضاً بعض الأطفال الذين قاموا ببعض الأعمال البسيطة، واستمر العمل في بنائها مدة عامين، ومن الذين قاموا بنقل الفخار الذي بنيت به نذكر: "كرفو أحمد الكرفو"، و"سليمان العمار"، وكان متعهد الجص "أحمد الفواز"، وإلى الشمال منه تم بناء المدرسة الرشدية، التي تمت تسميتها بمدرسة "بلقيس" لاحقاً، لكنها هُدمت أيضاً وصار مكانها حديقة للمتحف، وكنت من جملة من درس بها في أربعينيات القرن الماضي

وللحديث عن بناء السرايا الحكومية في مدينة "الرقة"، فقد التقى موقع eRaqqa بتاريخ (11/12/2008)، الباحث في تاريخ "الرقة" الأستاذ "حمصي فرحان الحمادة"، الذي حدثنا بالقول: «بنيت السرايا القديمة لإقامة القائم مقام، وقد شيدت من اللبن، في نفس موقع المتحف الحالي، وكان بابها للجنوب، وقد ألحق بها سجناً اتجه بابه إلى جهة الشرق، كما أنشئت مساكن شعبية من قبل الدولة في الجهة الشرقية المقابلة للسرايا، وكان كل مسكن منها مؤلف من مطبخ وغرفتين، وخصصت هذه المساكن لسكن موظفي الدولة دون مقابل، الذين كان عددهم سبعة، بما فيهم القائم مقام، وقائد الدرك، ومدير المال، وكان سبب إنشائها هو عدم وجود بيوت للسكن في ذلك الوقت، وبعد توسع المدينة وازدياد عدد سكانها، واستقرار الحياة الاجتماعية فيها، ازداد عدد موظفي الدولة ولم يعد البناء القديم يستوعبهم، لذلك عمدت الحكومة في عهد الرئيس "تاج الدين الحسني"، إلى هدم البناء القديم للسرايا، وبناء السرايا الجديدة التي ظلت حتى الآن شاهدةً على مرحلة هامة من تاريخ "الرقة"».

حديقة المتحف التي كانت تشغلها المدرسة الرشدية

وعن مراحل بناء السرايا، يتابع "الحمادة": «تم بناء مفخرة لصناعة الفخار المستخدم لبناء السرايا الجديدة، حيث عمل عدد لا بأس به من أهل "الرقة" في تشييدها، وقد شارك في بنائها أيضاً بعض الأطفال الذين قاموا ببعض الأعمال البسيطة، واستمر العمل في بنائها مدة عامين، ومن الذين قاموا بنقل الفخار الذي بنيت به نذكر: "كرفو أحمد الكرفو"، و"سليمان العمار"، وكان متعهد الجص "أحمد الفواز"، وإلى الشمال منه تم بناء المدرسة الرشدية، التي تمت تسميتها بمدرسة "بلقيس" لاحقاً، لكنها هُدمت أيضاً وصار مكانها حديقة للمتحف، وكنت من جملة من درس بها في أربعينيات القرن الماضي».

وعن الحركة العمرانية المرافقة لبناء السرايا الحكومية في ذلك الوقت يختتم "الحمادة" بالقول: «تم في تلك الفترة الزمنية بناء السجن المركزي، الذي انتقل الآن إلى مكان آخر، وفي نفس العام أيضاً تم بناء فندق أطلق عليه اسم فندق المدينة، وهو بناء من فخار على طراز السرايا الجديدة، وهو مؤلف من طابقين، الأول قاعة استقبال كبيرة، والطابق الثاني غرف للنوم، ثم أصبح فيما بعد الطابق الأرضي سينما "فؤاد"، والطابق الثاني داراً للبلدية، وهدمت بعد ذلك ليحل محلها مبنى جامعة "الاتحاد" قبل انتقالها إلى مقرها الجديد في الجبل، وبعض المحلات التجارية، وفي نفس العام أيضاً تم افتتاح بستان البلدية، وكان في طرفه الغربي مقهى صيفي تمت إزالته، وافتتح أيضاً وفي ذات الفترة مسلخ البلدية لمراقبة ذبح الذبائح بشكل سليم، وهذه الإجراءات تمت في عهد رئيس البلدية "عبيد آغا الكعكه جي"، ويمكن اعتبار هذه الفترة هي فترة النهوض العمراني في محافظة "الرقة"».

الباحث "الحمادة"

ويذكر أنه لاحقاً تم تحويل السرايا الحكومية، وبقرار حكومي إلى متحف وطني لآثار "الرقة" عام /1981/م، وذلك بمناسبة انعقاد الندوة الدولية لتاريخ "الرقة"، ويعتبر تاريخ بنائها تقويماً شعبياً (روزنامة) لدى أهل "الرقة".