سيكون طالباً طبيعياً جداً كغيره من الطلاب، سيكتب مثلهم، سيقرأ ويعاقب ويذاكر ويركض ويلهو أيضاً مثلهم، "بشر" طفل متوحد قضى أغلب وقته في حنايا جمعية "بشائر النور"، والآن ومنذ خمسة أشهر ها هو على مقاعد الدراسة مع باقي الأطفال يتحدى كل شيء أصابه ويعاني منه.

مديرة مدرسة "البعث المحدثة" المدرسة المستقبلة للطفل المتوحد "بشر" الأستاذة "ثناء عسكر" تقول لـeLatakia" يوم الخميس الموافق لـ18/12/2008 «طفل التوحّد، هو بالبداية جزء من المجتمع لا يمكن إهماله وأرى أنه في دخوله المدرسة واحتكاكه مع الطلاب ينعكس إيجابياً فهذا يطوّر مهاراته الاجتماعية والفكرية ويؤجج عواطفه ومشاعره وأقول أننا في المجتمع لا يمكننا تجاهل هؤلاء الأطفال أو إلغاؤهم فهم بالنهاية جزء من المجتمع فلا يمكننا رفضه أبداً بالعكس يجب علينا أن نوليه العناية والاهتمام، عند إدخالنا لهذا الطفل في المدرسة تم إدخاله بشكل طبيعي وكأنه طفل طبيعي ولم نشعر الأطفال البقية بأي شيء حفاظاً على مشاعره».

عملنا على إنجاح عملية الدمج من موقعي كمربية وكمديرة سابقة، سبق لي أن تعاملت مع مثل تلك الحالات، وأيضاً ابتداءً من إنسانيتنا وواجبنا تجاه أطفالنا لأن أي أمّ معرضة أن تكون أمّاً لطفل متوحد

وتتابع السيدة "عسكر": «كان هناك أمور تحضيرية استقبالاً لهذا الطفل في البداية اتصلت المربية "وفاء معلا" بي من أجل كيفية استقباله وأعطتني فكرة كاملة عن حالته باعتباره شيئاً جديداً بالنسبة لنا، ثم أتت والدة الطفل معه وقمنا بسبر معلوماته فرأينا أن مستواه ممتاز علماً أن السبر كان سبراً طبيعياً كالأسبار التي نقوم فيها للطلاب الآخرين فقد كان معه بنفس السبر اثنتان من الطالبات الطبيعيات الجدد، فلم يكن هناك اختلاف ملحوظ إلا في الخط، فأدخلناه كطالب من الصف الثاني مع العلم أن عمر هذا الطفل 9 سنوات، والجدير بالذكر أن أخت الطفل التوءم بالمدرسة نفسها وهي بالصف الثالث».

وختمت مديرة المدرسة بقولها: «لدي استعداد لإعادة التجربة واستقبال أطفال جدد فكل أطفال الوطن أطفالنا، على الرغم من شعوري بالبداية بقلق حيال نجاح هذه التجربة ومن ثم وبعد مراقبة الوضع لاحظت أننا أثمرنا نتائج إيجابية فشعرت بالسعادة حيال هذا النجاح مما يجعلني قابلة لاستقبال حالات خاصة أخرى كحالات الإعاقة مثلاً شرط أن تكون تحت المراقبة».

أما رئيسة مجلس جمعية "بشائر النور" السيدة "ياسمين أزهري" قالت لموقعنا: «"بشر" لديه الاستعداد الكافي لكي يندمج، بالإضافة إلى دور الأهل أيضاً في اختيار المراكز المختصة والعمل معها على زيادة فرصة نجاح تجربة العلاج وحتى إمكانية دمج الطفل المختلف، ونحن في "بشائر النور" نوجه نداء خاصاً إلى الأهل من أجل العمل على مراقبة سلوك أطفالهم وملاحظة أي غريب في تصرفاتهم ومباشرة جلبهم إلى المراكز المتخصصة من أجل العناية والتأهيل الذي يساهم في علاجهم».

وتتابع السيدة "أزهري": «"بشر" وصل لدينا في الجمعية إلى المرحلة التي تؤهله للاندماج ضمن المدارس الحكومية، إذا أننا نعتمد في الجمعية على أساليب دولية في خطط عمل الاندماج أثبتت نجاحها بالإضافة إلى عمل المشرف المرافق للطفل والذي يلعب دوراً كبيراً في إنجاح عملية الدمج، النقطة الأهم في عملنا والتي تساهم كثيراً في إيصال رسالتنا هي ثقافة المجتمع من خلال تعميق العلاقة بين مدرستنا والطفل وبين الأسرة وبين الأسرة والمدرسة التي اندمج الطفل ضمن صفوفها».

أما المربية "وفاء معلا" وهي مساهمة كبيرة في اختيار المدرسة التي سيندمج فيها الطفل "بشر" قالت: «عملنا على إنجاح عملية الدمج من موقعي كمربية وكمديرة سابقة، سبق لي أن تعاملت مع مثل تلك الحالات، وأيضاً ابتداءً من إنسانيتنا وواجبنا تجاه أطفالنا لأن أي أمّ معرضة أن تكون أمّاً لطفل متوحد».

أما مديرة مركز "بشائر النور" السيدة "لبنى السيد" فقالت لموقعنا: «"بشر" قضى سنتين بالمركز حيث كان له وضع خاص إذ تمتع بإدراك وقابلية للتطور ومهيأ تماماً لعملية دمج بطريقة مميزة ويستفزك شعور دائم أنه غير متوحد، وقد تلقينا إشادات كثيرة لمختصين عرب وأجانب زاروا المركز حول وضع بشر وضرورة دمجه بالمدارس الطبيعية».

أما مدرسة الصف الآنسة "سميرة سعيد" قالت لموقعنا: «حين عرض عليّ "بشر" وحالته مباشرة وافقت وأبديت اهتمامي الشديد بقبوله على مقاعد صفوفنا، على الرغم من صعوبة هذه التجربة ولكني وافقت على تجربة ليوم واحد لأكتشف مدى تفاعل بشر مع زملائه في الصف وتقبله المناخ العام للمدرسة، ولكن سرعان ما انتهى دوام اليوم الأول لبشر معنا حتى شعرت بأنه طفل عادي جدا ولا يختلف عن الباقين بأي شيء بالعكس تماماً رأيته متميزاً عنهم وببراعة في الرياضيات إذ أنه أحرز نتائج مرضية جداً ورائعة خلال سبر معلومات أجري له قبيل دخوله الصف الثاني الذي بدأ فيه معنا».

"روزا عيسى" المشرفة على "بشر" ضمن المركز خلال فترة علاجه قالت لموقعنا: «لاحظنا بالمركز ومن خلال تعاوننا جميعاً أن بشر طفل ذكي جداً ومحب للتعلم، درس في المركز الصف الأول بكل ما فيه من مواد، وبالنسبة لتفاعله مع المجتمع تميز عن باقي زملائه بأنه نوعاً ما متميز من حيث تجاوبه معنا ومع البرامج الموضوعة لخطة دمجه، التي سأبقى إلى جانبه فيها ضمن صفه في المدرسة الطبيعية إلى أن أنسحب رويداً رويداً عندما أشعر حقيقة أنه قد استجاب لأجواء المدرسة وأصبح مندمجاً حقيقة مع باقي الأطفال الذين يحيطون به».

والدة "بشر" السيدة "رنا شيخ سعيد" قال لموقعنا: «عندما تلقيت خبر إمكانية دمج بشر في المدارس الحكومية بسعادة لا تقدر، ولكني كنت قلقة جداً من نتيجة هذه التجربة لأن عدم نجاحها قد يخرب كل ما بنيناه لبشر في المركز، ولكن تعاون الجميع بالمركز والمدرسة أثمر نجاح التجربة إن شاء الله وبالتالي ساعدني وساعد كل من عايش بشر».