مع حلول فصل الخريف، تستعد الطبيعة لأن تبدد ضجيج الصيف، فتبلسم النسمات الباردة احتقان الأخضر، وتحجب الغيوم بعضاً من سطوة الشمس على الكائنات.

وللخريف وقع مميز على الغابات في محافظة "اللاذقية"، بتنوعها، وتنوع أشجارها، ففي حين تحاول أشجار الصنوبر أن تظهر عدم اكتراث بالأمر، تتلون أوراق شجيرات البطم باللون الأحمر الناري، أما الأصفر الليموني فللحور، والدلب، وتكتفي أشجار العذر والزعرور بالبني المصفر بينما تهلل الأرض للرطوبة التي تحملها زخات مطر مبكرة، تبدد قلق الأغصان من جفاف كئيب.

لكل غابة في "اللاذقية" نمطها الخاص، وجماليتها الخاصة، ففي غابات "صلنفة" مثلاً يكثر الدوم والسنديان والعذر والشوح والأرز، أما في "الفرلق" ففيها العذر، والحور، والدلب بشكل رئيسي، وعلى الرغم من اقتراب الغابتين من بعضهما بحدود 40 م، واشتراكهما بمناخ متشابه تقريباً، إلا أنهما يختلفان كثيراً من الناحية البيئية، ولربما للتربة دور في ذلك

تمتلك محافظة "اللاذقية" أكبر الغابات من حيث المساحة في سورية، وكامل المنطقة العربية، الممتدة من مصر حتى الخليج العربي، والعراق والأردن ولبنان، إذ تصل مجمل مساحاتها إلى ما يقارب "85هكتاراً"، وهي بذات الوقت ذات تنوع نباتي وبيئي مميز، بأشجارها المتوسطية دائمة الخضرة التي تأقلمت مع الطقس البارد بأشكال مختلفة.

الطريق عبر الفرلق

وتنفرد المنطقة الشمالية من المحافظة بأوسع المساحات، حيث غابات "الفرلق وكسب والبسيط"، أما في الشرق فقد اختارت أشجار الشوح والأرز أعالي قمم جبال "اللاذقية" قرب محطة البث، لتتشكل هناك أجمل المواقع وأغناها.

eLatakia قام بجولة على بعض الغابات، والتقط بعض المشاهد من هنا وهناك، فعلى بعد قرابة 10كم إلى على طريق المتفرع عن طريق "اللاذقية- حلب" باتجاه بلدة قسمين تظهر للعيان أولى التجمعات الحراجية، حيث تتمازج الأوراق الحمراء لأشجار البطم، مع خضرة الصنوبر وإشراق الآس، وتجد النحلات فيها منجماً من الرحيق، تنهله من تتفتح زهور "العجرم" الناعمة، بلونها الوردي الخجول، فتصنع منه أفخر أنواع العسل

احدى غابات البهلولية

تنتشر في أرض الغابة بين الاغصان المتساقطة ازهار خريفية التفتح كالزنابق الوردية، في حين تطلق بخورة مرية أولى اوراقها فرحاً بالمطر، وتحتجب أزهارها انتظاراً طقس أكثر برودة، كما تظهر بين الحين والآخر بعض ثمار الفطر بأنواعه الكثيرة.

اختلف الامر كثيراً عند زيارتنا لمحمية "الشوح والأرز" الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة "صلنفة"، حيث تكثر الأشجار التي حملت المحمية اسمها، وهناك أيضاً السنديان والعذر، وكما السناجب الحمراء تتنقل بين الأغصان مشغولة بجمع أكبر كمية من البلوط لشتائها الثلجي، فالثعالب على الأرض تبحث عن فريسة أوهنها البرد.

أشجار الدوم

إلى الشمال من مدينة "اللاذقية" يظهر نوع مختلف أيضاً من الغابات، حيث محمية "الفرلق" الفريدة بأشجار الدلب، والدوم، كما الأرض مكسية بغطاء كثيف من البناتات الحراجية تظهر انواع من الفطور بين الجذوع المتآكلة من أشجار ميتة.

إلى هناك صحبنا مجموعة من المتطوعين، الذين زاروا الغابة بتاريخ 21/11/2008م، بعد أن قاموا بغرس بعض الأشجار في غابة محروقة في منطقة "ربيعة" فالتقينا الصيدلانية "زينة وليد" التي قارنت بين محميتي "الشوح و الارز" ومحمية "الفرلق" قائلة:

«لكل غابة في "اللاذقية" نمطها الخاص، وجماليتها الخاصة، ففي غابات "صلنفة" مثلاً يكثر الدوم والسنديان والعذر والشوح والأرز، أما في "الفرلق" ففيها العذر، والحور، والدلب بشكل رئيسي، وعلى الرغم من اقتراب الغابتين من بعضهما بحدود 40 م، واشتراكهما بمناخ متشابه تقريباً، إلا أنهما يختلفان كثيراً من الناحية البيئية، ولربما للتربة دور في ذلك».

"زينه" مهتمة بالعلاج بوساطة الطب البديل، الذي تسميه الطب الأصيل، وتملك صيدلية خاصة تؤمن فيها مستلزمات ذلك العلاج وعن دور الغابة في هذا النوع من العلاج قالت: «للغابة وللطبيعة بشكل عام، دور هام في العلاج من الأمراض، حيث لا يقصر العلاج على المواد التي تقطف وتؤكل، بل إن للسير في الغابة، وتنشق هوائها والتعايش معها دور علاجي لكثير من الأمراض المعاصرة، التي أنتجتها الحياة المدنية، لألوان الخريف في الطب "الأصيل" دور في العلاج من الأمراض، وبخاصة مرض "السكري" فللألوان الترابية كالأصفر، والبني، والناري، التي تكثر في هذا الفصل تأثيرها المميز على المعدة، والطحال، والبنكرياس، وهي إذ تؤثر بتلك الاعضاء فإن مرضى السكري يشعرون بتحسن كبير بعد زيارة الغابة في هذا الفصل، كما لبقية الفصول دور في علاجي لأمراض أخرى»

كما التقينا بتاريخ 23/11/2008م الشاب "احمد معلا" المهتم بالحيوانات البرية الذي حدثنا عنها قائلاً: «في غابات الشمال تكثر الخنازير البرية، والثعالب، أما الضباع، والذئاب، فلها أيضاً موقع في الغابات الكبيرة النائية، حيث لا تصل أقدام البشر إليها، وتتحمل هذه الغابات أعباء بيئية كبيرة، لكونها محط جذب سياحي، فكثيراً ما ترمى فيها المخلفات البلاستيكية، والزجاجية، لذلك أشارك في بعض الحملات التي تحدث بين الحين والآخر، بهدف جمع تلك المواد النفطية، التي تلعب دورها السلبي عند حدوث أي حريق، بل إنها هي تحديداً متهمة بأنها من أهم أسباب الحرائق التي تحدث بين الحين والآخر».