«"الدُباسي" جمع كلمة "دَبسي" بفتح الدال أو بضمها، وهو طائر صغير له تغريد جميل منسوب إلى دبس الرُطب، وهذا الطير من فئة الحمام البري، ومنه العراقي والحجازي والمصري، الذي له لون داكن، وقال "الجاحظ": يقال في الحمام الوحشي من القماري والفواخت، وما أشبه ذلك "دباسي"»،

هذا ما قاله الباحث "محمد العزو"، بتاريخ (10/11/2008)، لموقع eRaqqa في معرض حديثه عن الأصل اللغوي لاسم قرية "دبسي فرج".

كانت دبسي الفرج "آتيس" الرومانية ذات أهمية عسكرية واقتصادية، لا سيما في الفترتين اللتين قام فيهما كل من الإمبراطورين "ديوقليسيان" و"جوستنيان"، بتحصين المدن والنقاط العسكرية الواقعة على الفرات، ففي "دبسي الفرج"، ومن خلال الحفريات الأثرية فيها، تم اكتشاف أربعة أبواب للمدينة، على جانبي كل باب يوجد برجان، وكان الباب الرئيسي من جهة الجنوب، أما الأبواب الثلاثة الأخرى الباقية فكانت تقع ضمن الجدار الشمالي الشرقي، وإن كل الأبواب الأربعة، تعود في بنائها إلى المرحلة الأولى، وكان برجا الباب الرئيسي مبنيان من مادة القرميد، وهي في شكلها النهائي تشبه إلى حد بعيد بوابة "حلبية"، على الفرات الأدنى، المشيدة في عهد الإمبراطور "جوستنيان"، وكانت الأبواب الشمالية الثلاثة في توضعها، مرتبطة بمخطط الشوارع الذي تقع عليه الأبنية الرئيسية، وهذا المخطط يتحاشى الأبنية القديمة، والبيوت المشيدة في الحقول الأخرى، وكانت الأبراج التي تتكئ على سور المدينة، لها أشكال مختلفة وخضعت هي الأخرى لتغيرات هامة، خاصة في عهد "ديوقليسيان"، حيث تحولت بعض الأبراج في عهده إلى أشكال سداسية، إلى جانب الأبراج المربعة الشكل والأبراج ذات الشكل الخماسي، كانت "دبسي الفرج" أو "آتيس" الرومانية، مزوَّدة بنظام دفاعي قوي ومتين، إلى جانب أنَّ جغرافية المنطقة كانت تشكل حالة دفاع طبيعية، كان للمدينة امتداد آخر لكن لم يكن الزمن كافياً لإجراء تنقيبات أثرية واسعة، وفي الضواحي القريبة من "الدبسي"، قامت البعثة الأثرية المنقبة في الموقع بإجراء حفريات طارئة في منطقة الوادي الكبير الواقع شرقي القرية، حيث تم العثور على آثار قناة كانت أرضيتها وجدرانها مكسوة بمادة الجص، المأخوذ من المقالع الجصية المحلية، مما يؤكد ويدل على أنَّ هذا الوادي كان في الماضي قناة للري، كما أنّ أعمال المسح الأثري للمنطقة المحيطة "بدبسي الفرج"، أكدت وجود مواقع تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وفي المنطقة الواقعة غربي "الدبسي" وجدت آثار ولقى، تعود إلى العصر الحجري القديم، على ضفة الوادي المسمى بوادي "الصفا"، ونستطيع أن نجمل تاريخ موقع "الدبسي" أو "تابيسي"، حسب الشواهد والظواهر الأثرية التي تم التنقيب فيها من القرن الرابع ق.م، ولغاية القرن الثالث عشر الميلاد

ولدى سؤال "العزو"، عن موقع قرية "دبسي الفرج"، التابعة لمحافظة "الرقة"، أجاب بقوله: «تقع قريتي "دبسي الفرج" و"دبسي عفنان" على بعد /100/كم غرب مدينة "الرقة"، وكانت الطريق المعبدة القديمة الواصلة بين مدينتي "حلب" و"الرقة" قبل إنشاء "سد الفرات" تمر بالقرب منهما.

الباحث محمد العزو

وقد كانت القريتان متجاورتين، لا يفصل بينهما سوى بضع المئات من الأمتار، فالدبسي التي فضل السيد "ريتشارد هاربر" المنقب الأثري فيها نعتها "بدبسي الفرج"، كانت تقبع فوق قمة مرتفعة وبالقرب منها أطلال "أتيس" الرومانية، وهي المدينة السالفة لقرية "دبسي الفرج" في العصر الروماني، لكونها ملاصقة لها تماماً، وإلى الشرق منها قليلاً، تقع قرية "دبسي عفنان"، وكلا القريتين تحملان اسماً لعائلات محلية، كان لها دور وطني إبان الاحتلال الفرنسي.

وبعد تشكل البحيرة غمرتهما المياه، وكان سكان القريتين قد انتقلوا إلى موقع جديد يبعد/9/كم، عن المكان القديم جنوباً، واليوم تقعان على جانبي الطريق الجديدة، الواصلة بين مدينتي "حلب" و"الرقة" والمسافة بينهما /7/كم.

في عام /1972/م وتلبية للنداء الذي أصدرته حكومة الجمهورية العربية السورية لإنقاذ آثار حوض الفرات، قامت بعثة أثرية أمريكية مؤلفة من "دومبارتون أوكس" وجامعة "ميتشيغن"، بأعمال التنقيب الأثري المنهجي في الموقع، حيث شمل العمل جزءاً كبيراً من سور المدينة، وهو من القرن الثالث الميلادي، كما شمل التنقيب منشآت مدنية رومانية وبيزنطية وإسلامية، وبعض المنشآت المعمارية الواقعة خارج سور المدينة، تقع قرية أو بلدة "دبسي الفرج" على الضفة الجنوبية لنهر الفرات على ارتفاع /295/م فوق سطح البحر، وهي تتربع فوق بروز يشرف مباشرة على أحد مجاري الفرات القديمة، وهذا البروز يتكون من كتل كبيرة من الصخر الكلسي تتوضع فوقها طبقة كتيمة وقوية من الصخر الرسوبي المعروف عالمياً باسم "الكونغلوميرا" وتكتنف هذه الكتل بعض المجروفات الصوانية، وتتخللها الكثير من الشعاب الفراتية القديمة، بدت المعالم الأولية لهذا الموقع تظهر على شكل قلعة وإلى الجنوب منها توجد بلدة قديمة محاطة بخندق زالت أغلب معالمه وإلى الغرب من هذه القلعة توجد مقبرة حديثة نسبياً، يلاحظ لأول وهلة أنَّ هناك ثمة بيوت قروية جاثمة فوق القلعة القديمة، ومن خلال التقسيمات الفنية الطبوغرافية للموقع أمكن التعرف على الحالة المعمارية للموقع في العصرين الروماني والبيزنطي، ففي القطاع الأول وجدت بقايا وآثار معمارية من الفترتين الرومانية والبيزنطية، مثل الجدران والأقواس وبعض أبراج سور المدينة، وصهاريج المياه والتمديدات الصحية، كما أنه تم العثور على غرف مفروشة بحصائر الفسيفساء بعضها متآكل، وتم التعرف أيضاً على طرق التدفئة المركزية بطريقة الـ "هيبو كوست" المحمول على أساطين أعمدة من مادة القرميد، وفي القطاعين الثاني والثالث من الموقع، ظهرت مجموعة من أبراج سور المدينة القديمة، وجزء من السور نفسه إلى جانب بقايا بيوت سكنية من القرن الثاني حتى القرن السابع الميلادي، وفي القطاع الثالث تم التعرف على حمام روماني تبين أنه ظل مستخدماً حتى العصر الإسلامي، وعثر في داخل هذا الحمام على أرضية فسيفساء عليها صورة الربة "هيجيا" ربة الصحة، وعُثر على آثار من مختلف العهود البيزنطية والعربية والرومانية، تتضمن مجموعة من اللقى الخزفية والفخارية، وفي القطاعات المتبقية عثر على آثار معمارية من العهود الثلاث العربية والبيزنطية والرومانية أهمها أبراج دفاعية تعود لعهد الإمبراطور "جوستينيان"، وفي داخل القلعة وجدت منشآت معمارية أقدمها من الفترة الرومانية، وبعض الكتل الحجرية عليها كتابات أسماء جنود رومان مثل "لوسيوس كريسبوس"، و"يوليوس جرمانوس"، وظهرت في القطاع الأخير منشآت دفاعية من القرنين الثالث والرابع، وبالقرب منها كنيسة من نمط البازليك من آخر القرن الرابع الميلادي، ولهذه الكنيسة أبعاد طولانية /45× 24/م يمتد جناحها الرئيسي نحو الغرب، ويحيط بها رواقان معمَّدان ولها أرضية من الفسيفساء، وعثرت البعثة المنقبة على لوحة من الفسيفساء تسد أحد الأبواب، وعليها تاريخ سلوقي مؤرخة بعام /764/ سلوقي الموافق /452/م، وفي أحد المواسم اللاحقة عثر المنقبون على لوحة من الفسيفساء، تتوضع فوق سوية هي أخفض من السويات التي وجدت مبلطة بفسيفساء أخرى عام /1972/م، وكانت هذه اللوحة مزينة بمشهد أسد يهاجم غزالاً، وبعض الحيوانات والطيور الأخرى، وقد سميت هذه اللوحة "المهاجم" "Qoupos"، كما عثر المنقبون على كمية من النقود الرومانية والبيزنطية والعربية، ومجموعة طيبة من الزجاج والفخار والعظم المزخرف وبعض المصنوعات الأخرى».

وبسؤال "العزو" عن النظام الدفاعي الذي كانت تتميز به مدينة "آتيس" "Athice" الرومانية، والمعروفة اليوم بقرية "دبسي الفرج"، أجاب بقوله: «كانت دبسي الفرج "آتيس" الرومانية ذات أهمية عسكرية واقتصادية، لا سيما في الفترتين اللتين قام فيهما كل من الإمبراطورين "ديوقليسيان" و"جوستنيان"، بتحصين المدن والنقاط العسكرية الواقعة على الفرات، ففي "دبسي الفرج"، ومن خلال الحفريات الأثرية فيها، تم اكتشاف أربعة أبواب للمدينة، على جانبي كل باب يوجد برجان، وكان الباب الرئيسي من جهة الجنوب، أما الأبواب الثلاثة الأخرى الباقية فكانت تقع ضمن الجدار الشمالي الشرقي، وإن كل الأبواب الأربعة، تعود في بنائها إلى المرحلة الأولى، وكان برجا الباب الرئيسي مبنيان من مادة القرميد، وهي في شكلها النهائي تشبه إلى حد بعيد بوابة "حلبية"، على الفرات الأدنى، المشيدة في عهد الإمبراطور "جوستنيان"، وكانت الأبواب الشمالية الثلاثة في توضعها، مرتبطة بمخطط الشوارع الذي تقع عليه الأبنية الرئيسية، وهذا المخطط يتحاشى الأبنية القديمة، والبيوت المشيدة في الحقول الأخرى، وكانت الأبراج التي تتكئ على سور المدينة، لها أشكال مختلفة وخضعت هي الأخرى لتغيرات هامة، خاصة في عهد "ديوقليسيان"، حيث تحولت بعض الأبراج في عهده إلى أشكال سداسية، إلى جانب الأبراج المربعة الشكل والأبراج ذات الشكل الخماسي، كانت "دبسي الفرج" أو "آتيس" الرومانية، مزوَّدة بنظام دفاعي قوي ومتين، إلى جانب أنَّ جغرافية المنطقة كانت تشكل حالة دفاع طبيعية، كان للمدينة امتداد آخر لكن لم يكن الزمن كافياً لإجراء تنقيبات أثرية واسعة، وفي الضواحي القريبة من "الدبسي"، قامت البعثة الأثرية المنقبة في الموقع بإجراء حفريات طارئة في منطقة الوادي الكبير الواقع شرقي القرية، حيث تم العثور على آثار قناة كانت أرضيتها وجدرانها مكسوة بمادة الجص، المأخوذ من المقالع الجصية المحلية، مما يؤكد ويدل على أنَّ هذا الوادي كان في الماضي قناة للري، كما أنّ أعمال المسح الأثري للمنطقة المحيطة "بدبسي الفرج"، أكدت وجود مواقع تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وفي المنطقة الواقعة غربي "الدبسي" وجدت آثار ولقى، تعود إلى العصر الحجري القديم، على ضفة الوادي المسمى بوادي "الصفا"، ونستطيع أن نجمل تاريخ موقع "الدبسي" أو "تابيسي"، حسب الشواهد والظواهر الأثرية التي تم التنقيب فيها من القرن الرابع ق.م، ولغاية القرن الثالث عشر الميلاد».