«الإعلامي " بيير البازي" هو واحد من الإعلاميين الذين اتجهوا نحو الشعر الشعبي وكانت الغربة سبباً في خلق حالة الشعر لديه أكثر من الانغلاق على نفسه، وهو الذي هجر أرض قريته "تل رمان الفوقاني" في محافظة "الحسكة" منذ عقد ونيف ليقيم بين السويد وألمانيا وغيرهما من الدول كي يمارس عمله الإعلامي».

هذا ما تحدث به القاص "أسامة الحويج العمر" بتاريخ 30/9/2008 لموقع eSyria وهو يضيف قائلاً: «لقد اتجه "بيير" نحو الشعر الشعبي  وهو يجيد العزف على وتر هذا النوع من الشعر لأنه ابن بيئته المحلية وله دواوين فيه».

موقع eSyria التقى الشاعر والصحفي "بيير إيليا البازي" خلال زيارته إلى بلده سورية وأجرى معه الحوار التالي:

القاص أسامة الحويج العمر.

* ماذا عن تجربتك الأدبية؟

الشاعر بيير ايليا البازي

** أولاً يجب أن توجد موهبة لدى أي إنسان على وجه الأرض، إذا أراد أن يمارس الكتابة أو أي فن من الفنون، وهذه الموهبة يجب أن تصقل بالثقافة والمطالعة المستمرة والقراءات وأن يحفظ كل ما يقع في يده من الصحف والمجلات والكتب، وأن يتقبل النقد ليس أيّ نقد إنما النقد البنّاء. وفي الحقيقة وأنا أناهز السابعة والأربعين من العمر وباكورة إنتاجي التي صدرت في "سورية" حين كان عمري لا يتجاوز الـ الخامسة والعشرين، أقر وأعترف بأنني اليوم حين أقرأ مجموعتي الأولى أتأسف عليها لأنني تسرعت في طباعتها وكلما غاص الإنسان في العمر كانت أعماله أفضل وأجمل ولكن كما قال لي بعض الأصدقاء من الأدباء المسنين بأن قصائدي آنذاك كانت جيدة إذا ما قيست بالعمر.

  • الشعر الشعبي كجنس أدبي هل تجاوز مرحلة الوجود أمام الأجناس الأدبية الأخرى في ظل ما ينكر عليه من مفردات؟
  • مجموعته الشعرية

    ** في الحقيقة أنا لا أخوض مجال الشعر التقليدي أو الحديث أو التفعيلي وغيره مع حبي للأوزان الفراهيدية التي هي الميزان الذي يمتحن به الشاعر، ولكنني وجدت نفسي ضمن لون آخر هو الشعر الشعبي المحكي، والحمد لله أصبح لي مكانتي الخاصة في مدرسة الشعر الشعبي المحكي، لذا أقول يجب على كل أديب أن يعرف قوتَهُ وضعفه أين وألا يبالغ كي لا يصاب بمرض العظماء.

  • هل يفرض عصر الفضائيات على الشاعر شروطاً جديدة؟
  • ** وسائل الإعلام الفضائية لم لن تضيف شيئاً للكاتب أو الشاعر إضافة إلى أن هناك برامج كثيرة ومسابقات عن الشعر والأدب كبرنامج شاعر المليون وغيره، لأن رأي من يكتب ينقل أحاسيسه ومعاناته وأفراحه على الورق وليس بالضرورة أن يأتي إنسان ويكتب من أجل أن يفوز بجائزة وأشهر الشعراء والأدباء رحلوا عن عالمنا وهم فقراء لا يملكون سوى أعمالهم الذهبية وأسمائهم التي تلمع في سماء الأدب.

  • الشعر هو عامل اجتماعي هام في نجاح وتطوير المجتمع هل قدمت في قصائدك معالجة اجتماعية؟
  • ** القصيدة أولاً هي قصة قصيرة تحكي حدثاً ما وقع، وإذا لم يتأثر بها المتلقي أعتبرها حبراً على الورق، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن كافة قصائدي هي من سجل معاناتي اليومية في الوطن والاغتراب لأنني أستخرج روح قصائدي من العادات والتقاليد البالية السلبية منها والإيجابية كي تؤثر بالإنسان، ووظيفة الطبيب ليس كشف داء دون إعطاء الدواء وكذلك الشاعر يجب أن يشير ويعطي في النهاية ماذا يريد أن يقول، لو كان هو في موقع آخر، والشعر هو جملة من الأحاسيس والمشاعر أنقلها على الورق وفي أمسيات شعرية ترافقها نبرات صوتي التي تلبسها حلة جديدة، لتصل للإنسان وهنا أقول: الكلام الذي يخرج من اللسان لا يتجاوز الآذان، أما الكلام الذي يخرج من القلب فيدخل القلوب دون استئذان.

  • ما مدى تأثير الإيقاع الشعري على الموسيقا فيه؟
  • ** في الشعر يجب أن يكون الإيقاع والموسيقا، أعطيك مثلاً الذي ينطق يستطيع أن يوصل الكلمة إلى ما يريد عبر نبرات صوته الإيقاعية وليس كالأبكم، وإن أمهاتنا حين كانت تهزّنا في السرير كانت تنشد لنا الأغاني والأهازيج فكيف الشعر، والموسيقا تستخدم في الشعر كوزن له وعامل هام في اندماج الكلمة والروح والتعبير عمّا يختلج في قلب الشاعر من معاناة، يجب إظهارها عبر إيقاع خاص مختلف عن الإيقاعات الأخرى.

  • ما علاقة هجرتك مع روح الأدب والشعر والآلام؟
  • ** الهجرة جعلت مني شاعراً حقيقياً لأنني عشت معاناة كبيرة، وهذا الشيء أثّر عليّ مما دفعني أيضاً للكسب الوفير من المعلومات وغيرها من خلال المشاركة مع أصدقاء لي من خارج الوطن وتبادل الأفكار والآراء، فمن يقرأ شعري في سورية ويقرؤه في المهجر يقول لست أنا الكاتب، لأنني عندما أكتب وأنا على تراب الوطن أكتب في واحةٍ جميلة من المفردات التي أعيشها يومياً وبالتالي القصيدة مولودة وهي تحمل الحياة والتفاؤل بينما وأنا في الاغتراب ترى الحنين يعم أرجاء القصيدة وأحاول أن أجمل أجزائي المبعثرة في الغربة، لتجعل من كلماتي باقة من الورود أزفها إلى الوطن أعطر ترابه بمشاعري عبر قصائدي ومقالاتي وبرامجي الإعلامية في المهجر وعلى شاشات التلفزة فيه.

  • ما الذي يقلق الأديب والشاعر بيير إيليا البازي؟
  • ** القلق لديّ قلق إبداعي، أعيشه بشكل يومي مع قلمي وفكري وشعري، ولهذا عندما أكتب القصيدة أفكر دائماً بأن تكون نظيفة وخفيفة وهادفة وطازجة كخبز التنور الذي يحمل نكهة خاصة، بالإضافة إلى القلق الذي يجتاحني في بلاد الاغتراب من ظلمة الأيام وبعد السفر والهجرة إلى الذات وأخيراً أقول: ثلاثة يستحقون العبادة الله والوطن والأم الصالحة.