في أقصى شمال محافظة "إدلب" وعلى مقربة من منطقة "باب الهوى" وفي منطقة صخرية محصنة وإلى شمال مدينة "إدلب" بنحو /35/ كم وإلى الغرب من مدينة "الدانا" بنحو /2/ كم...
تقع آثار "البرد قلي" تلك القرية الصغيرة التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي حيث كانت آنذاك بلدة صغيرة مسكونة كما يدل على ذلك المدفن الموجود فيها والمؤرخ بالعام /164/م.
إن أقدم المدافن الموجودة في "البرد قلي" هو "المدفن القديم" المؤرخ بالعام /164م/ والذي يقع في أعلى البلدة وله قنطرة، وأيضاً هناك مدفن تحت الأرض يعود للعام /310 م/. وأما الكنيستان البيزنطيتان الموجودتان فيها فقد دمرت إحداهما ولم يبق من معالمها شيء باستثناء حجارة في موقعها في حين أن الكنيسة الثانية فتقع في جنوب البلدة وبعض جدرانها الخارجية ما تزال قائمة غير أن أعمدتها وأقواسها الداخلية متهدمة ولها ثلاثة أبواب في كل من جهة الشمال والجنوب والغرب وتشير الزخرفة المتبقية على جدرانها إلى أنها تعود إلى القرن السادس الميلادي
و"البرد قلي" تسمية من أصل تركي وهي كلمة مؤلفة من مقطعين الأول وهو (البر دق) وتعني كأس الفخار و(لي) وتعني صاحب، وبذلك يكون معنى تسميتها "صاحب كأس الفخار"، حيث تقف "البرد قلي" اليوم كشاهد حي على ذلك التاريخ العريق الذي عاشته هذه المنطقة بكل حوادثه. فحجارتها وإن كانت صماء إلا أنها تصر على أن تسمع زائرها بعضاً مما ترويه من قصص وحكايا عن ذلك التاريخ الغابر الذي لم يبق منه سوى حجارة متناثرة هنا وهناك.
تعد "البرد قلي" إنموذجاً للتداخل والتمازج بين الفنون المعمارية المختلفة من بيزنطية وإسلامية حيث يتواجد فيها مزيج من المعالم الأثرية التي تعود إلى تلك الحضارات التي تعاقبت من أهمها المدافن الموجودة تحت الأرض، والكنائس البيزنطية، والقبور والمساجد الإسلامية، والتي لا يزال معظمها صامداً رغم كل ما مر على المنطقة من كوارث طبيعية وحروب إلا أنها لم تستطع أن تدمرها كاملة أو أن تخفيها عن وجه الأرض.
ويقول الباحث "عبد الحميد مشلح": «إن أقدم المدافن الموجودة في "البرد قلي" هو "المدفن القديم" المؤرخ بالعام /164م/ والذي يقع في أعلى البلدة وله قنطرة، وأيضاً هناك مدفن تحت الأرض يعود للعام /310 م/. وأما الكنيستان البيزنطيتان الموجودتان فيها فقد دمرت إحداهما ولم يبق من معالمها شيء باستثناء حجارة في موقعها في حين أن الكنيسة الثانية فتقع في جنوب البلدة وبعض جدرانها الخارجية ما تزال قائمة غير أن أعمدتها وأقواسها الداخلية متهدمة ولها ثلاثة أبواب في كل من جهة الشمال والجنوب والغرب وتشير الزخرفة المتبقية على جدرانها إلى أنها تعود إلى القرن السادس الميلادي».
أما أهم آثارها الإسلامية فهي القبور والمسجد ومعظم القبور الموجودة فيها تعود حسب التاريخ المدون عليها إلى عام / 1123م/ و/1135/ م ويعود تاريخ الجامع الذي لا يزال محافظاً على شكله ومنظره العام من الخارج والداخل إلى العهد الأيوبي نظراً لصفاته العمرانية المميزة والتي تعتمد في البناء على الحجارة الكبيرة المنحوتة والخالية من أي زخرفة وكذلك وجود القباب والأقواس المتقاطعة في السقف والتي تحملها أعمدة ملساء تعلوها تيجان أيونية يعتقد أنها متأثرة بأعمدة الكنيسة المجاورة للمسجد التي لا تبعد عنه بضعة أمتار في صورة من صور التآخي بين الحضارات والديانات السماوية على أرض سورية منذ الأزل.
وتمتاز مئذنة المسجد بأنها ذات طراز مملوكي غاية في الروعة والدقة والإتقان وهي مبنية وفق شكل مثمن الأضلاع حيث يعتقد أنها بنيت بعد المسجد ولا تزال بوضع سليم شامخة تشق طريقها نحو عباب السماء.