الكماج الحمصي أو خبز (حجار القلعة) بالعامية هو نوع من أنواع الخبز البلدي الذي تتميز به مدينة "حمص"، الذي يصنع فيها منذ عشرات السنين وهو يختلف عن غيره من أنواع الخبز العربي المنتشرة في المدن السورية الأخرى.
عجينة بيضاء سميكة ومدوّرة، كبيرة أو صغيرة تعجن في ساعات الصباح الأولى وتترك لتخمر حوالي ساعتين ثم ترّق بالأيدي دون استخدام المدلك وتثقب بأصابع اليدين ويرش على وجهها الملح البلوري وحبة البركة والفلفل الأحمر المطحون لتعطي شكلاً جميلاً وطعماً شهياً.
الكماج الحمصي مطلوب من الجميع ولكن الزبائن الدائمين هم طلاب المدارس الصغار وشباب الجامعات في الصباح الباكر، ذلك لأنه يدفع للشبع ومغذي ويؤكل بمفرده، وبعده تأتي ربات البيوت اللواتي يأخذنه ليرافق (الشوربات واللبنية)، وفي بعض الأوقات يطلب من زبائن الحمصاني
السيد "حسن عزيز" هو أحد أبناء "حمص" الذين يقومون بصناعة هذا الخبز وفي مخبزه الذي يقع في حي "عكرمة"، صباح يوم الخميس وفي (21/8/2008) التقى موقع eHoms بالسيد "حسن" وعلى رائحة الأرغفة الأولى كان الحديث التالي الذي بدأه عن هذه المهنة قائلاً: «أنا خباز أبّاً عن جد ومهنتي هذه لا أعرف غيرها، أذكر أنني وبعمر الخمس سنوات وعيت على تدوير الخبز وتثقيبه بأصابعي وجعله محجراً كقلعة "حمص" ومنذ ذلك الحين وأنا أعمل وأحب عملي وكما يقال كل رغيف يصنع على نية شخص ما لذلك درج منه المثل الشعبي بأن من يغصّ وهو يتناول الخبز يكون وراءه شخص جائع».
مخبز السيد "حسن" متواضع وصغير ولكنه مرتب ونظيف وهذا فعلاً ما كان، فمع أبنائه الثلاثة الذين يعملون معه ليتعلموا الصنعة، خمسة شبان آخرين لكل منهم عمل خاص فأولهم يعجن العجين والثاني يقطعه لقطع متساوية وثالث يرّقه ويدلكه، ورابعهم يثقبه ويرش المطلوب على وجهه، وآخرهم يخبزه ليسلمه لصاحب المخبز الذي يرتبه بحسب حجمه وعدده ويفرز التواصي ويبيع الباقي.
وفي غمرة هذا العمل المرتب ذكر لنا السيد "حسن" قصة هذا الخبز ولماذا صنع وسمي بهذا الاسم قائلاً: «الخبز في سورية بأكملها مادة أساسية وكل شخص صغير أو كبير لا يهنأ بعيشه دون أن يتناول رغيف خبز بلدي مهما كان نوعه، ولهذا الخبز قصة شعبية متناقلة ولكن قد لا تكون بالغة الدقة لكنها ما سمعناه عن أجدادنا وننقله لأحفادنا بالفطرة، "حمص" في الزمن الماضي كانت قرية كبيرة وتحتل القلعة كما هي الآن مركزها وحولها ساقية مياه تفصل المناطق السكنية عن البساتين والأراضي الزراعية، وحول القلعة سوق شعبي واسع يباع فيه كل شيء والخبز من ضمنه، وسكان "حمص" القدماء أغلبهم من المزارعين الذين يتاجرون بما يزرعون، ولذلك فإن من يعمل كل اليوم يحتاج لزوادة طعام تستمر معه حتى وقت العصر، والخبز الذي كان دارج تلك الأيام (المشروح والتنوري) رقيق وسريع الجفاف والتكسر والرطوبة، لذلك كانوا بحاجة لنوعية سميكة من الخبز التي تبقى طرية وتبلل بما يأخذوه معهم من طعام وأشهر هذه الأطعمة (اللبنية،الدبس،الكشك)، أما الثقوب التي فيه فهي لإدخال الهواء لداخله حتى لا تتجمع الخميرة ويقال أنها لتصبح شبيهة بالثقوب أو الفتحات الموجودة بقلعة "حمص"، والفرن زمان لم يكن مثل الفرن الحالي وإنما كان يخبز على التنور أو على الصاج وهو يعطي طعماً ألذ ولكن ينال جهداً أكبر فالعجينة السميكة تحتاج قوة أكبر وخبرة أفضل لتنزع عن السطح الحامي مهما كان نوعه»
يضيف: «الكماج الحمصي مطلوب من الجميع ولكن الزبائن الدائمين هم طلاب المدارس الصغار وشباب الجامعات في الصباح الباكر، ذلك لأنه يدفع للشبع ومغذي ويؤكل بمفرده، وبعده تأتي ربات البيوت اللواتي يأخذنه ليرافق (الشوربات واللبنية)، وفي بعض الأوقات يطلب من زبائن الحمصاني».
وذكر السيد "حسن" أن الطلب على هذا النوع من الخبز يزداد في رمضان حيث قال: «الطلب على هذا الخبز في رمضان تزيد ولاسيما قبل أن يدق المدفع بساعة أو ساعتين مع مضاعفة الكمية، وفي بعض الأحيان نحشوه بنوع معين من الأطعمة كاللبنة والجبنة، وزمان كان جدي وجد جدي الذي ورثت عنهم المهنة كانوا يحلّوا العجينة ويحشوه بالسكر والزبيب أو اللوز ليصبح نوع من أنواع التحلاية للدراويش بدل الحلو الشرقي للذين لا يستطيعون شراءه، أما الآن فنصنع هذه الأنواع بحسب الطلب».
ينضم الخبز الحمصي لأنواع الخبز المعروفة الذي نطلبه وتبقى رائحته الشهية في أنوفنا مهما ابتعدنا عنه ويبقى مقصد الجميع صغاراً وكباراً وهناك عادة شعبية معمول بها في "حمص" حيث أن الكثير من الناس يكسرون رغيف الخبز على رأس الرضع ليباركوا به ويصبحوا كرماء... (والصباح ما بكون طيب بلا رغيف الخبز الطيب).