بعد غياب دام خمس سنوات، عاد سوق السبت الشعبي في بلدة الذيابية بريف دمشق، التابع لمحافظة القنيطرة، ليجمع الناس من جديد.. هذا السوق الذي يمتد تاريخ حضوره لأكثر من عشرين عامًا، يشكّل قلب البلدة النابض، حيث يلتقي القرويون والزوار من القرى المجاورة لبيع ولاقتناء حاجياتهم بأسعار مناسبة ضمن أجواء مليئة بالحياة والمحبة تعكس أصالة التقاليد وروح المجتمع المحلي. فسوق السبت ليس مجرد مكان للتسوق، بل تجربة حية تجمع بين الذكريات واللحظات الجديدة لكل زائر.

سوق تراثي نابض بالحياة

يقول محمد الخالدي، أحد سكان المنطقة، لمدونة وطن:

"يُعدّ سوق السبت تقليدًا قديمًا عرفته القرى الريفية التي ترتبط بالتراث والعادات المكتسبة، وهو ساحة دائرية تُعرف باسم "ساحة المغسل"، سُمّي السوق بهذا الاسم لاقترانه بيوم السبت من كل أسبوع، ويمتد على طول شارع السبت حتى نهايته مع بلدة الحسينية المجاورة، وتنتشر على جانبيه المحال التجارية في هذا الشارع الحيوي."

المحامي أكرم العلي ومختار الذيابية خالد الأحمد

ويضيف الخالدي:"يحتوي سوق السبت على بضائع جديدة ومستعملة من مختلف الأصناف والأنواع، بدءًا من الأدوات المنزلية والكهربائية، وحتّى الملابس، مرورًا بالأغذية ومستلزمات الطبخ. يأتي العديد من الباعة إلى السوق لبيع مستلزماتهم بأسعار مقبولة، حيث تتوضّع الأكشاك والبسطات على جانبي السوق مشكّلة حلقة دائرية، تتفاعل فيها أصوات الباعة المتصاعدة من كل اتجاه وصوب، ليُوحي ذلك المشهد بحميمية المكان وتعايش المجتمع المحلي فيه."

مقصد أهالي القرى المجاورة

وبحسب آراء القاطنين في البلدة، فإن زوّار السوق لا يقتصرون على سكان بلدة الذيابية فحسب، بل أصبح مقصدًا لأهالي الريف القريب والبعيد أيضًا، انطلاقًا من موقعه المتوسط بين قرى "خربة الورد وصهيا ونجها والحسينية والبحدلية والبويضة". كما أنه يوفّر على المواطنين جهد التنقّل والعناء بفضل احتوائه على تشكيلة كبيرة من السلع والمواد بأسعار مناسبة.

سلع ومواد متنوعة في السوق

وتقول أم أحمد الويسي:"منزلي قريب من السوق، فاستغل ذلك لتأمين احتياجات منزلي لمدة أسبوع كامل، من خضار وفواكه ولحوم وموالح، إضافة إلى شراء الألبسة والأحذية. أصبح السوق مكانًا مألوفًا، والناس يترددون إليه باستمرار حتى باتت بعض الوجوه مألوفة."

ويؤكد أبو محمد، بائع الخضار القادم من منطقة مجاورة، أن السوق يلبي حاجات الكثيرين ويوفّر فرص عمل، وخاصة لأهالي الريف ومنتجاتهم الزراعية والبيتية، قائلاً: "ما نبيعه في السوق ينتقل مباشرة من المنتج إلى المستهلك دون المرور بالحلقات الوسيطية، ما يجعل السعر مناسبًا للفئات الشعبية."

سوق السبت

أما أبو جواد، بائع الألبسة الجديدة، فيقول: "اعتاد الناس على زيارة السوق وشراء ما يناسبهم من حيث النوع والسعر، وذلك لكل أفراد العائلة ضمن مكان واحد."

ومن جهته يقول أبو يونس النصار، بائع ألبسة (بالة): "الألبسة البالة هذا الموسم متوفّرة بكثرة في الأسواق، لكن في سوق السبت بالذيابية وجدنا ملاذًا لتصريف البضاعة، لأن هناك شرائح من الناس تطلب هذه النوعية، باعتبار القطع الأجنبية أفضل من الألبسة الجديدة."

ويضيف أبو حسين، بائع الموالح والمكسرات:

"نبدأ بالقدوم إلى السوق وتجهيز العربات باكرًا، حيث يبدأ زوّار السوق، وخاصة أبناء القرى القريبة، بالتوافد بأعداد كبيرة. الأسعار في السوق أقل من المحال التجارية، وهذا ما يجذب الزبائن."

مكان للتواصل الاجتماعي

يشير مختار الذيابية، خالد الأحمد،في حديثه لمدونة وطن إلى الميزة التي خلقها السوق في تكريس التعايش الأهلي والاجتماعي بين مختلف المكونات والشرائح، قائلاً: "لعب السوق دورًا تراثيًا وفولكلوريًا في تشكيل العلاقات الاجتماعية المتجانسة، كما يمثّل مكانًا للتجمّع والتفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع."

ويضيف المحامي أكرم العلي ، من سكان البحدلية والمهتم بالشؤون الاجتماعية:

"يُعتبر سوق السبت بالذيابية اليوم مركزًا تجاريًا واجتماعيًا مهمًا، فهو يلعب دورًا كبيرًا في توفير السلع والمنتجات لسكان المنطقة، كما يعد مصدر دخل للمزارعين والتجار المحليين. وبما أنني قريب من السوق في جوار الذيابية، فأنا مواظب على زيارته كل يوم سبت، وأراه من أهم الأسواق الشعبية وأكثرها إقبالًا، لما يحتويه من مواد غذائية وتموينية وخضار وفواكه وتوابل وملابس وأحذية ومنظفات وصابون، إضافة إلى بيع المكسرات والموالح ومختلف الأصناف التي تحتاجها الأسرة، والأهم أن الأسعار مناسبة وجودة البضاعة كما يريدها المواطن."

ويتابع العلي: "منذ أكثر من خمس عشرة سنة اعتاد الناس على سوق السبت، ورغم تهجيرهم من الذيابية سابقًا، فإنهم عادوا إلى منازلهم وأعادوا للسوق بريقه من جديد."

ويختتم قائلًا:

"إن للسوق اليوم سمة تجارية واجتماعية، إذ يعزّز الروابط بين سكان القرية والقرى المجاورة. فالكثير من الناس يقصدونه لقضاء أوقات جميلة والتعارف مع القادمين من القرى المجاورة."