ثمة نماذج عديدة لمشاريع صغيرة أثبتت سيدات نجاحهن فيها، ومن هذه النماذج، مشروع أطلقته السيدة "ميرنا البعيني" التي كانت بدايتها من صناعة قطعتين مما يسمى "قابضة الحلم" والشائعة "دريم كاتشر"، وهما عبارة عن إطارات دائرية مزودة بالريش كانت تُستخدم حسب الأساطير لطرد الكوابيس واستحضار الأحلام الجميلة، أما النموذج الآخر "عبير المنجد"، فبدأت منذ سنة واحدة بمشروعها "إبرة وخيط"، وتدرّبت على العمل من خلال الجمعيات، إلّا أنها طوّرت نفسها وأصبحت تشترك بنفسها في بازارات أخرى.
شغف العمل
انطلاقة "ميرنا" بمشروعها إعادة تدوير الأقمشة والأدوات المنزلية، كانت كما توضح حديثها لمدونة وطن، من خلال فيديوهات اليوتيوب المتخصصة بصناعة الأعمال اليدويّة مرحلة بمرحلة، حتى تمكّنت من آلية العمل وأدواته ثم أنشأت صفحة على الفيسبوك، ونشرت بعض القطع لتلاقي إعجاب الكثير من الناس وهنا حققت نسبة لا بأس بها من المبيعات.
تتابع "ميرنا" حديثها بالقول: "أُعطي القطع المشغولة كل اهتمام وكأنها جزء من روحي، وعندما أنتهي من صنعها أعلّقها على الحائط وأتأملها ملياً، فأنا أحب مشروعي هذا، وعلى الرغم من أني خريجة فلسفة إلا أني لم أتّجه للتدريس، فابتكرت شكلاً جديداً من الأعمال اليدوية، حتى أن تلك القابضة لها شكل محدد ومعروف به إلا أنها وسّعت هذا الشكل إلى أشكال متنوّعة من الصوف والريش والدانتيل والخرز".
تواكب "ميرنا" المناسبات، حسب قولها، فهي تعمل حالياً أعمالاً خاصة بعيد الميلاد القادم، تقوم على دمج فكرة قطعة "قابضة الحلم" التي تميّزت بها مع زينة الميلاد، وتشير إلى وجود بعض مصاعب في هذا النوع من الأعمال، فمثلاً قد تشتري كمية ما من الريش وتحتاج بعد نفادها لكمية أخرى فتعود إلى السوق لتجده مقطوعاً، ما استدعى وتطبيقاً لنصيحة زوجها والذي كان داعماً كبيراً لها، شراء ما تستطيع من المواد والاحتفاظ بها لتجنب الانقطاع.
تبعث "ميرنا" ومن خلال مشروعها رسالة للسيدات السوريات بالابتعاد عن الناس السلبيين، والبدء بمشاريعهن الخاصة حتى لو كانت صغيرة، وحتى لو لم تنجح منذ البداية فهو بالدرجة الأولى متعة وتحقيق للذات وفخر بما تستطيع المرأة فعله في هذه الأيام.
إبرة وخيط
أما السيدة "عبير المنجد" فقد بدأت منذ سنة واحدة فقط بهذا المشروع التي سمّته "إبرة وخيط"، وتدرّبت على العمل من خلال الجمعيات بمراحل (مبتدىء_متوسط_متقدم)، وكانت تشترك بالبازارت المرتبطة بالجمعيات إلّا أنها طوّرت نفسها وأصبحت تشترك بنفسها في بازارات أخرى.
ترى "المنجد" في حديثها لمدونة وطن أنه على المرأة أن تكون عنصراً فعّالاً تساعد الرجل بأقل شيء ممكن حتى ولو كان أعمالاَ صغيرة، فمثلاً حوّلت السيدة "عبير" سطل الدهان القديم إلى صندوق ملفت لوضع الحاجيات أو الأغراض متوسطة الحجم في المنزل، وعلب العصير إلى صمديّات والمرايا القديمة إلى إطارات وغير ذلك الكثير من الأفكار التدويرية المفيدة.
تعمل السيدة ساعتين أو ثلاث بمشروعها في نهاية اليوم وتصفه بمسك الختام، لأنها تسقط نظرتها الفنية على الأعمال وتعتبره راحة نفسية.
وتختم حديثها بالقول: "ليس من الضروري أن تأتي إحداهن إلي لتشتري من قطعي، بل الأهم الممكن أن تأتي لتتعلّم ماذا يمكن أن تستفيد من المدوّرات في منزلها، ولتأخذ أفكار تستخدمها بأغراضها المتاحة".
تميز ونجاح
مُنظِّمة البازارات "رنا الطباع" لها انطباع خاص نحو السيدتين "ميرنا وعبير" اللتان شاركتا معها في بازرات سابقة وفي أكثر من مناسبة، وترى أن أكثر ما يلفتها في السيدة "ميرنا" هو شدّة حبّها للعمل، فهي تعمل خلال البازار وهي جالسة على الكرسي، وهي سعيدة بما تحرزه من نجاح في البيع وتقديم أفكار جديدة بشكل مستمر.
وعن السيدة "عبير" تقول "الطباع": " تأتي إلى بازاراتنا من محافظة حمص أي من محافظة أخرى ليكون همّها الأول عرض منتجاتها أكثر من بيعها، وهي بسبب تميّز قطعها هناك من يقتنيها، وأكون سعيدة عندما أرى الفرح في عيونها بعد تلقّي الآراء الإيجابية من الناس".
تبقى الإشارة إلى أن تواجد السيدتين ضمن البازار بات مألوفاً، وكان آخرها معرض "امرأة متمكنة أسرة متكاملة" لدعم نساء سوريات منتجات من قبل الهيئة السورية للأسرة والسكان الذي تم تنظيمه مؤخراً.
بينما ترى "بتول الحافظ" أن المنتجات اليدوية التي تصنعها السيدات تحتاج لكثير من الجهد والمهارة، ويواجه العاملات صعوبات تسويقية ويمكن أن تشكل المعارض والملتقيات بوابة لتسويق المنتجات اليدوية التي تصنعها السيدات من داخل منازلهن وتساهم في تحقيق مصدر دخل بالنسبة لهن ولعائلاتهن ودعم مشاريعهن الصغيرة اقتصادياً.
وشاركت 31 سيدة في ملتقى المشاريع الصغيرة الذي أقيم بالتعاون بين الأمانة السورية للتنمية منارة باب شرقي المجتمعية، ومؤسسة "شام الياسمين" للإرشاد والخدمات المجتمعية لدعم وتمكين المرأة يومي 3 و4 كانون الأول 2023 تحت شعار "اتحدوا لمنع العنف ضد النساء والفتيات" في صالة الرواق العربي للفنانين التشكيليين.