إلى الشمال من مدينة "سلمية" وعلى بعد 27 كيلو متراً منها، تقع واحدة من أقدم القرى في المنطقة وهي قرية "نوى"، والمؤرخة من العصر البيزنطي وتحديداً عام 598، حيث لا تزال أوابدها الأثرية شاهدة على تاريخها الضارب في القدم، ومن أهم هذه الآثار الكنيسة البازلتية والبيوت الضخمة المحترقة وبرجها الصغير.

الموقع وأهميته

يتحدث الباحث التاريخي "أمين قداحة" في لقائه مع المدونة عن تاريخ القرية وأبرز أوابدها الأثرية، ويقول: "هي موقع أثري مهم يعود للعصر البيزنطي، وهي أكبر مدن "العلا" القديمة، وهذه القرية تقع شمال مدينة "سلمية" وهي عبارة عن أخربة واسعة الأرجاء، لم تصبح مأهولة بالسكان إلا من وقت قريب نسبياً (150) عاماً، وأهم آثارها الكنيسة البازلتية والتي تقع في الجهة الشرقية من البلدة وهي مؤرخة من سنة 598م، وتعد من أكبر كنائس "العلا"، وأما الدير الموجود في القرية، فهو مؤرخ حسب ما جاء في ساكف الدير من أيلول عام 598، وهو دير صغير يقع في الجهة الشمالية الغربية ولم يبقَ منه شيء سوى البرج المائل حتى الآن، وفي طابقين منه يرتفع برج مربع الشكل ناتئ عن واجهة الدير ومن المرجح أنه كان لناسك، وهو يشبه بتصميمه هيكل "بعل شمين" النبطي في "سيع" بـ"حوران".

كتابات قديمة

وعن أهم الكتابات المكتشفة في القرية يشير "قداحة" إلى حوالي إحدى عشرة كتابة يونانية مسيحية تعود جميعها للعصر البيزنطي، ومعظمها من أواخر القرن السادس للميلاد، وأهمها: الكتابة المنقوشة على ساكفة باب الكنيسة أبعاد (215 سنتمتراً× 89 سنتمتراً)، مؤلفة من ستة أسطر وفي أسفلها صليب متساوي الأذرع وسط  قرص، وترجمتها (إن يوماً واحداً في ديارك خير من آلاف، آثرتُ أن أُطرح عند عتبة الله على أن أنزل في مساكن الخطأة، لأن الرب يحبّ الرحمة والحق)، وساكف آخر مؤرخ من تشرين الثاني (468-477) للميلاد، وجدت في الساحة الغربية للكنيسة، أبعاد الساكف (150×38) سنتيمتراً، وفيه صليبان وقرص وقد كتب ما تعريبه: (... في عهد الكاهن "دانيال" كنيسة الشهيد "سرجيوس")، وفي ساكف ثالث للكنيسة أبعاده (90×64) سنتيمتراً كتابة يونانية مسيحية غير كاملة مؤلفة من ستة أسطر صغيرة (أيها المسيح اذكرنا في ملكوتك).

كتابات بزنطية في موقع نوى

الوصف الأثري

نوى في عام 2023

المهندسة "رانيا الخطيب" رئيسة شعبة الآثار في "سلمية" ترسم في حديثها صورة عامة لمشهد الآوابد الأثرية في القرية وتقول: "الآثار في "نوى" تتألف من الكنيسة البازلتية وتعد من أكبر الكنائس، حيث تمتد على مساحة وقدرها (22×14) متراً، في الجهة الجنوبية باحة ورواق مع سلسلة من الأعمدة من الشرق والشمال، وبئر ماء في الزاوية الشمالية الغربية، جدران الكنيسة مطمورة بالأتربة ويتراوح الارتفاع بين متر إلى 1,5متر، مع بقاء الكثير من الزينة بين الأخربة (كسور أعمدة صغيرة، تيجان مزينة بأشكال مختلفة، ولوضع سرج للإنارة)، والكنيسة موجهة إلى الشرق وهي بازلتية، فيها صفان من الأعمدة، خمسة من كل جهة وثلاثة أروقة، تنحني نصف مستديرة وعلى جانبيها داران مستطيلا الشكل، وللكنيسة خمسة أبواب، اثنان جانبيان وواحد من الجنوب ينفتح على الرواق والباحة، وآخر من الشمال وواحد من الواجهة الغربية، زينة الكنيسة في أعمدتها وتيجانها بسيطة، أي بقدر ما تسمح صلابة الحجر البازلتي المستعمل، وأما الدير فهو صغير يقع في الجهة الشمالية الغربية وهو مستطيل الشكل أبعاده (27,5 ×16) متراً، وينقسم إلى قسمين متساويين تقريباً، متناظرين من حيث المباني (ست غرف من الجنوب وست من الشمال)، وكل باب منها يفضي إلى الباحة، والباحتان: داخلية شرقية تنفتح على الغرب، فيها صهريج ماء، وباحة خارجية غربية، وللدير باب خارجي ينفتح في الواجهة الغربية، له ساكف مؤرخ من سنة 598 للميلاد وفي الزاوية الشمالية الغربية من واجهة الدير يرتفع برج مربع الشكل".

بعيون أهلها

بدوره يبين "حسين محمد"  1986، كلية آداب للعلوم الإنسانية- قسم تاريخ، وهو من سكان قرية "نوى"، أن القرية تعد آخر قرية في "العلا الشرقي" فهي ترتفع عن قرية "شهبا" التي تليها حوالي 55 كيلو متراً، فتكشف المنطقة الواقعة للشرق منها من 50 إلى 60 كيلومتراً بالنظر، وهذا سبب أهميتها تاريخياً ما جعل موقعها استراتيجياً، والقرية حالياً قائمة فوق القرية الأثرية والتي بدأ السكن فيها حديثاً منذ 150 عاماً، ويبلغ عدد سكانها 700 نسمة 80% منهم يعمل بالزراعة.

حسين محمد معلم تاريخ من قرية نوى

ويضيف: "تحتوي القرية على غرف ومغاور أثرية، والتي كانت تظهر في عمليات حفر البناء الحديث وأثناء شق الطرق والصرف الصحي حيث ظهرت سبعة قبور مسيحية، القرية فقيرة بالخدمات خاصة هاتف أرضي وطرق زراعية ومعبدة لأنها غير مكتملة وتحتاج آبار مياه للشرب وفيها مدرسة بنيت عام 1965 واستكملت عام 1974، وتوسعت عام 2007".