شكلت مسابقة "سورية بعيون شبابها" التي أطلقتها إحدى الشركات الخاصة، فرصة للشباب المهتمين بفن التصوير لعرض صورهم وإتاحة الفرصة أمامهم للظهور والمنافسة، ولعل ما أعطى المسابقة قيمة أكبر أنها تختص بالصور التي تُظهر  "سورية" الجميلة بمعالمها الحضارية والاثرية ومناظرها الطبيعية وتراثها العريق.

روح الشباب

تهدف مسابقة "سورية بعيون شبابها" إلى إظهار جمال "سورية" ودعم الشباب السوري على الصعيد التدريبي وتشجيع الفائزين من خلال الجوائز النقدية، بحسب "علا زيدان" مديرة شركة "مون لايت" المنظمة للمسابقة والتي تقول: «تمت إعادة منهجية إطلاق المسابقة حيث بدأت هذا العام بورشات تدريبية مع خبراء بفن التصوير، ساعدت الشباب السوري على تطوير أدواته في هذا المجال، وبالتالي تميزت الصور المشاركة هذا العام بأنها أكثر احترافية وفنية، إلى جانب تحقيق انتشار أكبر من حيث عدد الصور حيث بدأت مع 300 صورة خضعت لعملية فرز فني وتقني، بالإضافة إلى "حكاية صورة"».  

التصوير هو متنفسي الروحي والفكري، أتاحت لي المسابقة إظهار موهبتي في التصوير، حيث شاركت بصورة لمنظر طبيعي في منطقة "أم الطيور" للحظة التقاء أمواج البحر مع صخور الجبل التقطتها الصيف الماضي بشكل عفوي لأنني أحب تصوير الطبيعة وحياة الناس في الشارع

المسابقة ركزت حسب قول "زيدان" على استثمار موهبة التصوير لدى الشباب في تصوير معالم "سورية" الحضارية، وتنوعت موضوعات الصور بين التراث، الفن، الطبخ، الثقافة، الآثار، وجمال الطبيعة الذي جعلنا نشعر بغنى المناظر الطبيعية في بلدنا.  

الفائزة بالمركز الثالث "إسراء عرفة"

وترى "زيدان" أن التعاون مع وزارة الثقافة والراعي التدريبي شركة "دايموند فيوتشر" للتدريب، كان مثمراً حيث تم اختيار الصور من لجنة تحكيم من وزارة الثقافة وأخرى من شركة "مون لايت".

90 عملاً

تسعى وزارة الثقافة تبعاً للفنان "وسيم عبد الحميد" مدير الفنون الجميلة بالوزارة، من خلال مشاركتها في هذا النشاط والنشاطات الأخرى إلى تقديم الدعم للشباب، وفي هذه المسابقة كانت هناك لجنة تحكيم من مديرية الفنون لانتقاء الأعمال وتحديد الفائزين وفق وملاءمتها لموضوع المسابقة، وعدم التلاعب بالصورة تقنياً، وتم اختيار حوالي 90 عملاً وطرحها للتصويت لاختيار الفائزين.

المشارك "عمر قباقيبي"

ويدعو "عبد الحميد" إلى ضرورة توظيف موهبة فن التصوير لدى الشباب في إظهار جمال "سورية" وهذا ما اتضح عبر تفاعل شباب من جميع المحافظات، فكان التصوير والتوثيق للبيئة والجمال السوري وللتراث المادي حاضراً، والصور هي شهادة للمستقبل وتوثيق مهم للحظة الحالية ونشرها وتسويقها.

عين المصور

بدوره يتحدث المصمم والمصور المحترف "وسيم زبادنة" من لجنة التحكيم في المسابقة، عن أهمية فن التصوير في تسليط الضوء على معالم "سورية" بقوله: «يعتمد فن التصوير على شغف الشباب في هذا المجال، وبالتالي لا يعمل على التصوير كمهمة روتينية عليه القيام بها، قد يصور لقطة مناسبة تميزه عن غيره بسبب ظروف الإضاءة التي تضيف جمالية للصورة وكذلك يلتقط بعينه ما لا يراه غيره لنحصل على صور من منظور آخر فمن الممكن أن نلتقط صورة لمعلم تاريخي تم تصويره لعشرات المرات لكنه مأخوذ من زاوية مختلفة وبالتالي تظهر بشكل مختلف».

مديرة شركة "مون لايت" "علا زيدان"

تمحورت موضوعات الصور المشاركة حول المعالم السياحية، المناظر الطبيعية الموجودة في "سورية"، المهن اليدوية والتراث المادي، وأخرى عن الجانب الإنساني وخضع الانتقاء منها لعدة معايير يرى "زبادنة" أنها تتعلق بقواعد التكوين الأساسية، فهناك حوالي 12 قاعدة في جماليات الصورة منها قاعدة الأثلاث والخطوط القيادية والبساطة وأن تكون من واقعنا، من بلدنا، من ثقافتنا مرتبطة بتراثنا وحضارتنا وحياتنا اليومية، بالإضافة لمراعاة الجوانب الفنية حيث وصلت للجنة التحكيم مئات الصور، تم فرزها واختيار عدد منها، وتصويت الجمهور عبر الرسائل لاختيار الصور الثلاثة الفائزة بالجوائز المادية.

وعن الفرق بين الصورة الملتقطة بالمحمول والاحترافية يشرح المصمم والمصور "زبادنة" بقوله: «تطورت كاميرات الأجهزة المحمولة لتعطينا صوراً قريبة جداً من الاحترافية، لكن بعض الصور تحتاج إلى كاميرا احترافية مثل التصوير الفائق السرعة 4000 جزء من الثانية، أو التصوير الليلي أو تصوير المنتجات باستخدام إضاءة الاستوديو وغيرها من الأمور التخصصية، وعين المصور هي الأساس لأنه يراها من زاوية مختلفة».

مواهب شابة

الشابة "إسراء عرفة" الفائزة بالمركز الثالث تقول: «التصوير هو متنفسي الروحي والفكري، أتاحت لي المسابقة إظهار موهبتي في التصوير، حيث شاركت بصورة لمنظر طبيعي في منطقة "أم الطيور" للحظة التقاء أمواج البحر مع صخور الجبل التقطتها الصيف الماضي بشكل عفوي لأنني أحب تصوير الطبيعة وحياة الناس في الشارع».

لدى المصور الشاب "عمر قباقيبي" 19 عاماً ـ طالب هندسة حواسيب وأتمتة في جامعة "دمشق"ـ ألبوم من الصور نتج عن نشاطات في الطبيعة جمع فيه العديد من المناظر الطبيعية، شارك في المسابقة بـ11 صورة ملتقطة بكاميرا المحمول، تأهلت منها صورة للمرحلة النهائية وهي صورة لبحيرة 16 "تشرين" ملتقطة في فصل الصيف، وتظهر فيها البحيرة جافة وفي قاعها تشققات أراد من خلالها إيصال رسالة عن ضرورة الاهتمام بالبيئة وإقامة مشاريع الري بالإضافة إلى صورتين معروضتين له في المعرض.

ويرى "قباقيبي" أن تسليط الضوء على الطبيعة في بلدنا موضوع مهم جداً لأن سورية كنز من الحضارة والطبيعة لا يسلط الضوء عليها بالشكل المناسب، خاصةً ما يتعلق بالسياحة البرية والأثرية، مشيراً إلى ضرورة استثمار موهبة الشباب لتصوير معالم سورية الحضارية، والتراثين المادي واللامادي، لأن المصورين الشباب يلتقطون الصور بشكل عفوي لكنها قد لا تحقق الانتشار المطلوب، لذلك يجب أن تكون هناك جهات راعية تحفظ حقوق المصور وتساعد المصورين الشباب على تحقيق الانتشار، حسب رأيه.

لكل صورة قصة لدى د."سامر ماميش" ـ اختصاصي بيولوجية بحريةـ  وهو المهتم بتصوير أحياء دمشق القديمة، يحدثنا عن صورة التقطها في حي "الشاغور" الدمشقي بقوله: «رسمت رؤوس أقلام منذ سنوات وأضعت المكان، ثم وجدته صدفةً أثناء تجوالي في حارات دمشق القديمة في وقت الغروب، والتقطت هذه الصورة التي تظهر فيها مأذنة جامع "الطفطافية" في قلب "حي الشاغور" والتي من خلالها تعرفت إلى اسم الجامع، واليوم يستطيع الشباب التقاط الصور لمناطق وأحياء عريقة وجميلة في "سورية" للتعريف بها ونشرها والتسويق لها بشكل جذاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

نشير إلى أن اللقاءات أجريت في حفل ختام مسابقة "سورية بعيون شبابها" في مكتبة الأسد بتاريخ 7 أيلول 2023 والذي تخلله معرض لصور المتسابقين وتوزيع جوائز نقدية للفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى.