يحتفل مسيحيو الجزيرة السورية بعيد القديس "مار آحو" في قرية "دمخية الكبيرة" في "القامشلي"، والذي يصادف يوم الاثنين بعد الأحد الجديد (عيد الميلاد)، وإلى جانب الطقوس الدينية بهذه المناسبة، هناك الحدث الأبرز المتمثل بالسير مشياً على الأقدام مسافة 10 كم من "القامشلي" إلى المزار.

مسير الأماني

الأبناء برفقة الآباء، والأصدقاء صحبة أصدقائهم وجيرانهم وأبناء حيّهم، يسيرون باتجاه قرية "دمخية" في ريف "القامشلي" للاحتفاء بعيد القديس "مار آحو"، الذي يتميز بطقوس اجتماعية جميلة، تبدأ مع إشراقة الشمس حيث المسير على الأقدام، وتنتهي مع نهاية يوم العيد،

مناظر أكثر من رائعة نعيشها في ذلك اليوم، خاصة على الطريق، هناك الصغار والكبار والنساء والفتيات، حتّى بعض الرضع في عرباتهم نجدهم على الطريق، وتكون مناسبة لقضاء يوم جميل في أحضان الطبيعة، وممارسة بعض الأنشطة الرياضية والفنيّة

حسب ما تقول "آراميا حنا".

"آراميا" إحدى السيدات المشاركة منذ سنوات طويلة في إحياء طقوس العيد، تقول عنها: «الكثير من الناس ينذرون على أنفسهم بأن يسيروا مشياً على الأقدام في حال تحقق نذرهم، وتتعدد الأماني والطلبات.. نمشي من البيت حتى الوصول الى الكنيسة، بالنسبة للنذور كل شخص حسب وضعه، فمن الممكن أن يكون نذراً بالشفاء للأمراض ومن الممكن أن يكون بغاية السفر، أو بغاية التوفيق والنجاح، اوالخروج من كرب أو مصيبة».

سفراء الحب على الطرقات

طقوس جميلة

أمهات مع الأبناء

قبل العيد يتم الاتفاق بين الأهل والأصدقاء بالذهاب باكراً والمشي حتى المزار، تتابع "حنا" حديثها: «بالنسبة للأغراض والأكل نضعهم بسيارة معيّنة حتّى تصل إلى الكنيسة، فهذا اليوم يعتبره الكثير فرصة للاستجمام وقضاء الوقت في أحضان الطبيعة، وفي هذا اليوم يتم توزيع البرغل غير المطبوخ والسكاكر والشموع على الزوار بنية نيل البركة، وتستغرق الرحلة مدة ساعتين مشياً من "القامشلي" للقرية، نخرج في الصباح الباكر أي الساعة الخامسة والنصف، نمر على أصدقائنا وأهلنا كل حسب موقع بيته، لنجتمع ونبدأ المسير وتكون التحديات بيننا، كأن نقول من سيصل قبل الآخر، ومن سيتعب أكثر، ومنظر الشوارع تكون مليئة بالأهل والاصدقاء، ويعم الفرح والسعادة في الشوارع منذ الصباح الباكر».

أهل القرية يجهزون الغداء للزائرين ويكون الطعام عبارة عن برغل ولحمة، وأثناء العودة التي غالباً ما تكون بالحافلات، يُقدم البرغل غير المطبوخ للجيران الذين لم يتمكنوا من الذهاب إلى المزار، حسب قول "آراميا".

سيدة كبيرة في السن لا تفارق طريق دمخية

ذكريات كثيرة نسجتها حكايات المسير نحو المزار ، تقول عنها "حنا": «كنت في الصف العاشر عندما قمت بزيارة الكنيسة مشياً مع أصدقائي، حتّى تزوجت، وأنجبت أطفالي، فتوقفت فترة من الزمن حتّى كبر الأبناء، وأصبحوا قادرين على المسير، وأصبح المسير رفقة أبنائي وأبناء أشقائي، بمحبة وفرح وسرور، بدون استراحة وجلوس في الشارع، منذ عدّة سنوات وفي ظل هذه الظروف هناك جمعية تدعى "سفراء الحب" تكون متواجدة في نصف الطريق توزّع كيساً لكل شخص، فيه علبة ماء وبسكويت وسندويش وعصير».

رياضة واستجمام

لم ينقطع "داود كوكي" منذ سنوات بعيدة عن أداء طقوس عيد القديس "مار آحو"، انطلق معها عندما كان يافعاً واليوم يرافق أبناءه في تلك الرحلة، يقول عنها: «قبل المسير أيام نقوم بالترتيبات والتنسيق، ونتفق على تحديد مكان عام نجتمع فيه "بالقامشلي"، ومنه ننطلق سيراً إلى المزار، نقضي الوقت بالمزاح والمرح والأحاديث المنوعة، سواء عن الحياة الاجتماعيّة أو الزروع كون المسافة الممتدة أغلبها أراض مزروعة بالمحاصيل، بعد نهاية الطقوس الدينيّة وتناول الطعام، ثمة أنشطة رياضية وفنية وموسيقيّة إلى جانب المسابقات والألعاب، كلّها للترفيه وقضاء أوقات طيبة، عندما كنا صغاراً وشباباً رافقنا الأصدقاء، واليوم أرافق زوجتي وأبنائي في هذا الطقس الديني الاجتماعي المميز».

"باتريسيا" إلى جانب والدها "داود كوكي" في قضاء رحلة المسير إلى قرية "دمخية" تروي عن ذلك المشوار: «مناظر أكثر من رائعة نعيشها في ذلك اليوم، خاصة على الطريق، هناك الصغار والكبار والنساء والفتيات، حتّى بعض الرضع في عرباتهم نجدهم على الطريق، وتكون مناسبة لقضاء يوم جميل في أحضان الطبيعة، وممارسة بعض الأنشطة الرياضية والفنيّة».

مدوّنة وطن أنجزت اللقاءات السابقة بتاريخ 26 حزيران 2023.