يتربع تمثال لمرأة تحمل جرة ماء في ساحة بالجهة الجنوبية من مدينة السويداء متحكمة بعدة طرق ومفارق وباتجاهات سميت بدوار "الجرة "منها ما يصل إلى الجهة الجنوبية الغربية من محافظة السويداء، ومنها ما يصل إلى وسط المدينة شمالاً بينما يأخذك الطريق شرقاً إلى المشفى الوطني.

علامة فارقة

العديد من العقود الزمنية السابقة والتي مضى عليها أحداث ووقائع ودوار الجرة يشكل علامة فارقة ومعلماً مهما تأخذ حيزاً في الذاكرة الشعبية في مدينة السويداء ، وأشار "ثائر الصالح" مدير مجلس بلدية مدينة السويداء لموقع مدونة وطن eSyria إن ارتباط دوار الجرة باسمه يعود تاريخياً إلى ذلك التمثال المنحوت والمقدم من أحد الفنانين التشكيليين من خلال الملتقيات الفنية التي أقيمت في المحافظة، وهي عبارة عن امرأة تحمل بين يديها الجرة وهي منحوتة من البازلت لارتباطها بالمكان، من جهة أولى والثانية أنها تمثل المرأة بلباسها العربي وزيها المحلي، وبالتالي حملت اسمها منذ نشأتها، ولكن قبل كانت إحداثها عبارة عن ساحة عامة نالت الاهتمام الشعبي والاجتماعي، كنقطة التقاء في فعاليات أهلية واجتماعية قديماً، وحين اتخذ مجلس المحافظة ومجلس بلدية السويداء قراراً بامتداد طريق محوري على الكورنيش الجنوبي للمدينة تشكلت بشكل رسمي وذلك قبل عدة عقود وربما باتت معلماً ودلالة على تجمعات اجتماعية فحين يأتون من القرى والنواحي من جهات متنوعة وخاصة الجنوبية والجنوبية الشرقية من السويداء تكون المحطة الأولى لهم دوار الجرة وكذلك الرابط والجامع بين الأحياء بشكل جمالي حين يتضمن وسطها نباتات وزهور ونظام حدائق مميز، تجعل منها أيضاً معلماً سياحياً يرتبط بجمال ونظافة المكان.

دلالة ورمزية

لعل دوار الجرة اليوم له خصوصية مركزية، فهي امتداد بين الماضي والحاضر إذ لم تكن لتعبر إلا عن ارتباط وثيق بالتاريخ من خلال رمزيتها ودلالتها، وأشار "أسامة رضوان" المهتم التاريخي والناشط الاجتماعي : أن دوار الجرة عند أبناء السويداء ليس مكاناً ذا أبعاد هندسية جمالية فحسب بل يحمل دلالة مهمة في تاريخنا إذ ينطوي على دور المرأة الفعال والحيوي في الحياة المعاصرة ورؤيتها في التنمية والتنشئة الاجتماعية، وبالتالي أراد أبناء السويداء اظهار مكانة مهمة للمرأة ومساهمتها في الواقع المعاش والحياة الاجتماعية فتم وضع تمثال منحوت لمرأة تحمل بين يديها جرة، وحينها اتخذت الجهات القرارات اللازمة في تثبيت اسم "دوار الجرة".

الأثري اسامة رضوان

ونوه "رضوان" أنه اليوم وبعد الأحداث التي ألمت بالبلاد وتخليداً لأرواح الشهداء الذين قدموا دماءهم فداءً للوطن والوطنية وتعبيراً عن دور الشهادة وقيمتها الإنسانية والاجتماعية وربطها بالتاريخ والمعاصرة فقد اتخذت القرارات بإضافة اسم ساحة دوار الجرة على اسم أحد الشهداء وهو "الشهيد اللواء هشام الشعراني" حيث حاول المجتمع الأهلي والمحلي تخليد ذكرى الشهداء في تسمية معالم أثرية وتاريخية ورسمية ومدارس وشوارع بأسماء الشهداء، إكراماً لما قدموه.

مكان وسيط

أوضح الباحث التاريخي "محمد طربيه" عضو اتحاد الكتاب العرب أنه لا يمكن الذهاب من السويداء والاتجاه إلى قرى "رساس العفينة القريا عرى بكا الخ" من القرى الجنوبية دون أن تمر من دوار الجرة والأهم كثيراً ما دون عن المعاصرين والمعمرين أن الساحة المعروفة اليوم بدوار الجرة كانت مكاناً تجتمع فيه بعض الفئات المجتمعية لتبادل الآراء وإيجاد الحلول للمشكلات أو التواصل عموماً بين القاطنين في تلك الناحية من المحافظة ويضيف: وانطلاقا من موقعها وفي حال وجود نزاعات أو خلافات فتكون الساحة مكان مناسب لعقد الصلح والمصالحة كونها وسيط ورابط بين القرى والمناطق المحاذية لمدينة السويداء.

جانب من الدوار الجرة
الباحث محمد طربيه