عنوان جميل من عناوين الماضي البعيد، فيه قصص وذكريات كثيرة، عاشها أبناء قرية "عين ديوار"، هو حمام القرية القديم الذي حمل تفاصيل حياة الأهالي وخصوصاً في مناسبات الزواج، حيث كان الحمام شاهداً على حفلات الزفاف التي كانت تقام حولها في ذلك الزمن الجميل.

نبعة الشباب

تعد قرية "عين ديوار" الحدودية /110/ كم عن مدينة "القامشلي"، من أجمل القرى في المنطقة، وتضم العديد من الينابيع في أحضانها، وتبقى نبعة الشباب كما تُعرف في القرية الأهم والأجمل بما تحملها من قصص وذكريات وأغاني، ويكفي أنها أصبحت رمزاً لفرح شبابها وأبنائها.

النبعة قديمة قدم القرية، ولأن الينابيع تعتبر من رموز القرية، فقد كانت حماماً للعريس، وهذه النبعة تحديداً كانت كبيرة ومحاطة بسور إسمنتي، حتّى تبقى نظيفة ومتميزة، استحم فيها شباب كثر، وأقيمت عندها حفلات كثيرة تخص الشباب العرسان في يوم زفافهم

حمام "عين ديوار" عبارة عن نبعة كبيرة تقع على أطراف القرية، ظّلت لسنوات عدّة تستقبل الشباب الذين يدخلون القفص الذهبي بفرح ومحبة وسرور، قدّمت فيها وعلى جنباتها مختلف الطقوس الفنية والتراثية، منها ينطلق العريس إلى مسرح العرس والفرح.

نبعة العريس في عين ديوار

تقول عن بعض تلك التفاصيل إحدى معمرات القرية "صديقة خليل": «بما أنني امتهنتُ الغناء الفلكلوري والتراث الكردي، فقد كُلفتُ طوعاً بالغناء مراراً ولسنين كثيرة عند تلك النبعة، لها في ذاكرتي الكثير والكثير، كل شاب من القرية كان يقدم على الزواج كان حمامه عند تلك النبعة، ومتعارف بأن أعراس الماضي كانت مختلفة، منها أن العريس لابدّ وأن يذهب لحمام معين، حتّى يجتمع معه أصدقاؤه وأهله، أمّا عندنا فالحمام كان عند النبعة، حتّى سميت حمام الشباب.. كنتُ أغني عند الحمام مروراً بالقرية حتّى وصولنا لمكان إقامة وحفل العريس، كانت أجواءً اجتماعية فنية تراثية رائعة، خاصة عند ترديد الشباب والفتيات لأغاني التراث».

تراث وفلكلور

أغان كثيرة وأيام جميلة جداً رافقت "صديقة" مع تلك النبعة وأفراح شبابها، لم تنس تفاصيلها وما غنّته في مناسبات الأعراس، وتضيف: «كل الأغاني كانت تراثية وفلكلورية، أغنيها حتّى يومنا هذا، لم يعد الشباب يذهبون لحمام النبعة، لكن الأغاني باقية، والنبعة حاضرة في القرية حتّى اليوم، نروي قصصها وتفاصيلها لأبنائنا وأحفادنا، لا يجوز أن ننسى ماضينا، أتذكر جيداً أن إحدى الأغاني كانت حاضرة في كل عرس عند حمام النبعة حصراً، وتحمل كلماتها تعداداً لخصال العريس كالشهامة والكرم، وضمن الأغاني كنّا نشير إلى الفرحة الكبيرة للأم، مدركين أهمية هذا اليوم للأم، في كل مرة نردد للعريس "دايكاته" كلمة كردية تعني أمك».

مناظر طبيعية حول النبعة

طقوس جميلة

صديقة خليل

تلك الطقوس الجميلة تحفظها ذاكرة كثير من أبناء المنطقة، وليست مقتصرة على أهالي قرية "عين ديوار" فقط، فهناك من أحبّ تلك الأعراس والطقوس المرافقة لها، كما الحال مع حمام العريس في القرية المذكورة.

يقول عن ذلك أحد كبار السن في منطقة "المالكية" الحاج "نصري سلو": «عمري يتجاوز الـ70 عاماً، وعندما كنتُ شاباً رافقت ولأكثر من مرة بعض الأصدقاء المدعوين لأعراس "عين ديوار" لحضور الطقوس الخاصة بحمام العريس، كل شيء كان مميزاً، فالحمام هو عبارة عن نبعة في أحضان طبيعتها، وتترافق الطقوس بأغان جميلة، مع الرقص والزغاريد، ويحمل الشباب العريس على الأكتاف، ويشكلون حلقات دبكة حول النبعة، كلّها باقية في ذاكرتي، أنقلها لأجيال اليوم».

أمّا الباحث في التاريخ "عمر إسماعيل" يتحدث عن تفاصيل أخرى تتعلق بالنبعة فيقول: «النبعة قديمة قدم القرية، ولأن الينابيع تعتبر من رموز القرية، فقد كانت حماماً للعريس، وهذه النبعة تحديداً كانت كبيرة ومحاطة بسور إسمنتي، حتّى تبقى نظيفة ومتميزة، استحم فيها شباب كثر، وأقيمت عندها حفلات كثيرة تخص الشباب العرسان في يوم زفافهم».

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 حزيران 2023 زارت القرية والنبعة بشكل خاص، وأجرت اللقاءات السابقة.