تعتبر الفنانة التشكيلية "إحسان إسماعيل" واحدة من الفنانات اللواتي يحرصن على إعادة إحياء تراث "سورية" بأسلوب متفرد توحي للمشاهد بأنه عمل فني نحتي، ليتفاجأ لاحقاً بلوحة مرسومة بآلية ابتكرها الفنان التشكيلي العالمي "جورج شمعون" ونفذتها الفنانة "إسماعيل" بحرفية عالية.

ابنة البحر

في حديثها لـ"مدونة وطن" تقول الفنانة التشكيلية "إحسان إسماعيل": «حبي للرسم والألوان منذ الطفولة دفعني إلى مشاهدة الرسومات في مجلات الأطفال، أيضاً رسومات أخي الأكبر ومهارته في فن الكاريكاتير، وفي تلك المرحلة كنت أجمع الصور المتواجدة في منزلنا لأقوم برسمها، إلى جانب شراء كتب تعليم مبادئ الرسم، واعتياد الذهاب إلى المركز الثقافي بهدف مشاهدة اللوحات في معارض الرسم التي يقيمها، كل ذلك دفعني للمشاركة بمسابقات رواد الطلائع، وبعض المعارض التي كانت تقام في المدارس».

في مراحل لاحقة كان للبحر حضوره فيما كنت أرسمه، وقد انطبعت في ذاكرتي مشاهد الصيادين ومراكبهم يلقون الشباك في مياه البحر، كما كان لشوارع الجزيرة الجميلة وأزقتها الضيقة ومنازلها المبنية من الحجر الرملي، كذلك قلعتها التي تمثل تحفة فنية متكاملة، كل ذلك انعكس على أعمالي وجسدته في لوحات قدمتها في معرض حمل اسم "ألواح تتكلم" الذي يمثل الحضارة السورية

وتضيف الفنانة "إسماعيل" ابنة جزيرة "أرواد: «في مراحل لاحقة كان للبحر حضوره فيما كنت أرسمه، وقد انطبعت في ذاكرتي مشاهد الصيادين ومراكبهم يلقون الشباك في مياه البحر، كما كان لشوارع الجزيرة الجميلة وأزقتها الضيقة ومنازلها المبنية من الحجر الرملي، كذلك قلعتها التي تمثل تحفة فنية متكاملة، كل ذلك انعكس على أعمالي وجسدته في لوحات قدمتها في معرض حمل اسم "ألواح تتكلم" الذي يمثل الحضارة السورية».

من أعمال الفنانة إحسان إسماعيل

الأكاديمية والموهبة

الفان جورج شمعون

بالإضافة إلى موهبتها، درست "إسماعيل" فن الرسم دراسة أكاديمية، فهي خريجة "معهد الباسل" لإعداد المدرسين قسم الرسم، وبالنسبة لها فإنها ترى الدراسة الأكاديمية مهمة لكل فنان من ناحية صقل موهبته وتوسيع آفاقه كما أنها تخدمه خلال تنفيذه لعمله الفني حسب تعبيرها.

وتضيف: «الدراسة الأكاديمية تغني تجربة الفنان من ناحية النظم والتكوين والمنظور وتوزيع الأشكال والملمس، ودراسته لهذا كله بالتأكيد ستمكنه من توظيف هذه الأدوات بطريقة فنية، لكن بالمقابل هناك فنانون تشكيليون عالميون من غير الأكاديميين قدموا أعمالاً غايةً في الروعة والأهمية، لذلك ربما من جانب آخر الدراسة الأكاديمية ليست شرطاً من شروط نجاح الفنان أو العمل الفني، إنما يبرز هنا دور التجربة والممارسة التي تمنحه مزيداً من الخبرة والتميز».

اللوحات المشاركة في معرض فنون العالم في دبي

"فنانات أورنينا"

قدمت الفنانة "إسماعيل" الكثير من الأعمال الفنية مع تجمع "فنانات أورنينا" معظمها يتعلق بالآثار، والهدف بحسب "إسماعيل" يتمثل بضرورة العمل على إحياء التراث السوري خاصةً بعد أن دمرت الحرب جزءاً كبيراً من آثار "سورية"، كذلك كان للتجمع معرضاً مهماً بمناسبة اليوم العالمي للاعنف، اتخذ من معاناة الطفل السوري موضوعاً له، ومع تجمع "فنانات أورنينا" خاضت "إسماعيل" تجربةً فنية جديدة من خلال معرض حمل عنوان "قواعد العشق الأربعون" وهي فكرة جديدة بإشراف الفنان التشكيلي العالمي "جورج شمعون" والفنانة التشكيلية "سماهر دلا"، تعتمد آلية الضغط على النحاس حيث تم تحويل كتاب "قواعد العشق الأربعون" لأكثر من مئة لوحة نحاسية، وحالياً تعمل "إسماعيل" مع التجمع على فكرة تحويل النصوص الأدبية للوحات فنية، إلى جانب تنفيذها عدداً من أغلفة الروايات للكاتبة "فايزة إسماعيل".

عن مشاركاتها تقول الفنانة "إحسان إسماعيل": «شاركت مع تجمع "فنانات أورنينا" في العديد من المعارض منها في "طرطوس" مهرجان "التراث السوري 2016"، ومعرض "سيناريوهات اللون" 2017، ومعرض "مجاني الإبداع" 2017، ومهرجان أرواد السياحي في قلعة "أرواد" 2017، ومعرض "قواعد العشق الأربعون" 2018، ومعرض اليوم العالمي للاعنف 2019، ومعرض "همسات لونية" 2019، ومعرض "اشافي الروح" 2021، وفي "دمشق" مشاركة في معرض "ألواح تتكلم" 2019، ومعرض "تحية إلى تدمر" 2019، و"سورية مهد الحضارات" في خان "أسعد باشا" 2022، وفي "حمص" كان لي مشاركة في مهرجان "القلعة والوادي" 2019.

أما على صعيد المشاركات الخارجية فشاركت في معرض "فنون العالم" في دولة الإمارات العربية المتحدة في آذار 2023، حيث ضم أكثر من 50 بلداً بمشاركة 300 عارض وغاليري وأكثر من 6000 عمل فني، وقد جاءت مشاركتي بـ 6 أعمال تحاكي المنحوتات السورية القديمة كفنان منفرد باسم بلدي "سورية"، وقد لاقت اللوحات الثناء من قبل الجمهور والخبراء الفنيين، وتم اختيار واحدة منها من بين أفضل 10 أعمال تم انتقاؤها في الافتتاح والختام، ومن المشاركات الخارجية أيضاً مشاركات في معرض "إكسير" العالمي 2021، ومعرض "سورية مهد الحضارات" في "السويد" 2022».

رؤية نقدية

عن تجربة الفنانة التشكيلية "إحسان إسماعيل" يقول الفنان التشكيلي العالمي "جورج شمعون": «حتى يكون الإنسان المهتم فناناً تشكيلياً عليه أن يكون على دراية بالعناصر التي تؤلف بتجمعها العمل الفني، وتشمل هذه العناصر (المادة والشكل والموضوع)، وبالنسبة للفنان فعليه أن يعرف أن للمادة تأثيراً يمكنه أن يزيد من تأثير أي شكل أو صورة، والمادة ليست جامدة إنما نابضة حية تعمل على

توجيه مجرى النشاط الإبداعي وتكرس لاستغلال الجاذبية الحسية والاسترشاد بإيحاءاتها، أما الشكل فيوضح ويثري وينظم التعقيد ويضفي على العمل الطابع الكلي والاكتمال الذاتي ليبدو عالماً قائماً بذاته، كما أن الترتيب المكاني للمساحات اللونية والتوازن والتضاد بين هذه المساحات هي من مقومات الشكل ويدل أيضاً على نوع الوحدة التي تتحقق بتنظيم المادة الحسية أو الموضوع المصور، لكن الحقيقة القصوى في كل نظرية جمالية هي العمل الفني المكتمل بكل ما فيه من عينية ووحدة عضوية وهذا وكل ما ذكرته سابقاً ما حققته الفنانة التشكيلية "إحسان إسماعيل" في لوحاتها، فالدفء والجاذبية التي اشتهرت بها ألوانها لا يرجعان فقط إلى الدرجات اللونية ذاتها، بل إلى طريقة وضعها الشكلي في اللوحة، وإلى موضوعاتها الوديعة المحببة، وذاك الهدوء العام الذي يشيع في لوحاتها التي حاكت بها المنحوتات السورية القديمة والتي كانت مهد الحضارات، ولقد كان لي وللفنانة التشكيلية "سماهر دلا" مديرة مرسم "أورنينا" شرف الإشراف على إنتاجها الإبداعي في بداية انضمامها إلى تجمع "فنانات أورنينا"، لكن بمثابرتها وشغفها وسيطرتها على أدواتها استحقت التميز الذي برز في ملتقى "فنون العالم" الذي أقيم في "دبي".

أجريت اللقاءات بتاريخ 17 و19 نيسان 2023