يتحدث متخصصون عن أن الزلزال حدث وانتهى، ومن المستبعد حدوث زلزال آخر بنفس القوة، فيما من المرجح حدوث عدد من الهزات الارتدادية المتوسطة القوة والضعيفة في أماكن متفرقة، ولكن هل سيتم تجاوز تداعيات الكارثة بسهولة وخاصة من الناحية النفسية والاجتماعية.

خطر الشائعات

يرى الدكتور "محمد العصيري" رئيس الجمعية الفلكية السورية ومدير المرصد الفلكي السوري، أن التفريغ الذي خلفه الزلزال الذي ضرب "سورية" فجر الاثنين السادس من شباط الجاري، حال دون حدوث زلزال آخر مدمر.

نعمل بشكل متواصل عبر وسائل الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الندوات والمحاضرات، للتعريف بطبيعة الزلازل وتداعياتها، وذلك في سبيل التخفيف من التأثيرات العصبية والنفسية المرتبطة بالكارثة، عبر دحض الشائعات وتهدئة انفعالات الناس سواء قبل أو خلال أو بعد الكوارث

أما عن إطلاق التوقعات عن زلازل أخرى وارتباطها بحركة الكواكب، يؤكد "العصيري" أن هذا الكلام ليس علمياً وليس دقيقاً، بل هو ضرب من التنجيم الذي يرفضه العلم والعقل والمنطق، مبيناً أنه لا تأثير للأجرام السماوية، عدا الشمس والقمر على الأرض لا من ناحية الزلازل ولا بمعرفة المستقبل، ولا الحالة النفسية للإنسان ويأتي هذا فيما يعرف بالتنجيم، ويجب عدم تصديق الإشاعات، والابتعاد عن تصديق ما تتناوله مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثيرات سلبية على الصحة النفسية والاجتماعية للناس وخاصة الذين تأثروا بشكل مباشر بالحادثة.

العصيري في احدى الندوات

ويضيف "العصيري": «نعمل بشكل متواصل عبر وسائل الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الندوات والمحاضرات، للتعريف بطبيعة الزلازل وتداعياتها، وذلك في سبيل التخفيف من التأثيرات العصبية والنفسية المرتبطة بالكارثة، عبر دحض الشائعات وتهدئة انفعالات الناس سواء قبل أو خلال أو بعد الكوارث».

ويؤكد" العصيري" أن الجمعية الفلكية السورية تعمل على نشر علوم الفضاء والفلك في "سورية" والدول العربية بجميع الوسائل الممكنة، وبالاعتماد على المعلومات العلمية الدقيقة عبر إقامة ندوات أو بيانات عملية في مقرها أو بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسة ذات الصلة.

أنشطة توعوية

"محمد أبو جبارة" مدير مؤسسة القدس للثقافة والتراث تحدث إلى المدونة عن النشاطات التوعوية التي تقيمها المؤسسة انطلاقاً من واجبها في الوقوف بجانب المتضررين من كارثة الزلزال، عن طريق الندوات والمحاضرات والحملات على مختلف وسائل الإعلام، وخاصة في ظل تكهنات بتكرار الهزات وما تخلفه هذه الأحاديث والشائعات من حالات قلق وخوف في المجتمع وخاصة الأطفال.

يقول "أبو جبارة": «أقمنا ثلاث محاضرات الأولى للدكتور "محمد العصيري" رئيس الجمعية الفلكية السورية ومدير المرصد الفلكي السوري، والثانية للدكتورة "فاتنة الشعار"، تضمنت التعريف بالزلازل وأسبابها وطرق الوقاية منها، وذلك اعتماداً على العلوم الفيزيائية والتضاريسية في المنطقة ومناطق أخرى من العالم، وتم التطرق إلى الممارسات الخطيرة التي يسببها الجهل بالتعاطي مع الزلازل، فليس صحيحاً فتح النوافذ والاقتراب منها أو النزول المباشر من الطوابق العليا، لأن مدة الزلزال تستمر بضع ثوانٍ، إضافة إلى محاضرة ثالثة للإخصائية النفسية بشرى الواسطي حول رهاب الزلزال والاضطرابات النفسية بعد الزلزال حيث تم التركيز على الخطوات الصحيحة في التعامل مع هذه الحوادث نفسياً واجتماعياً وعدم الانجرار وراء الشائعات والأخبار غير الدقيقة التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تسبب الهلع والخوف لشريحة كبيرة من المجتمع وخاصة الصغار».

ويختم "أبو جبارة" حديثه بالقول: «نعمل حالياً في مؤسسة القدس على التواصل مع وزارتي الشؤون الاجتماعية والثقافة لإعداد خطة متكاملة لنشر ثقافة عامة حول الزلازل وتداعياتها، من خلال اللقاءات المباشرة مع طلاب الجامعات والمدارس، وسوف تتضمن تدريبات عملية على طرق التعامل مع هذه الكوارث إضافة الى معالجة تداعياتها الاجتماعية والنفسية».

الصحّة النفسيّة

بدورها توضح الدكتورة "زينب زيود" عميد كلية التربية بجامعة دمشق رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية أن الكوارث تؤثر على الأرواح والممتلكات وتدمر المجتمعات لاسيما عندما تكون أحداثاً يصعب التنبؤ بها ومنعها أو السيطرة عليها، ومن هنا تأتي أهمية تنظيم وتنفيذ الخدمات الموجهة للأزمات بعد الكوارث، وأهم هذه الخدمات تلك المتعلقة بالوضع الحياتي للناجين بعد الكارثة، من ثم تأتي خدمات الدعم النفسي، ويتم تحديد احتياجات ما بعد الكارثة وفقاً لتصنيف الناجين، كالتالي: ناجون أساسيون ممن تعرضوا للحدث الصادم أو الكارثة بشكل مباشر، وأفراد الإنقاذ مثل فرق الطوارئ والأطباء والمنقذين والداعمين النفسيين وباقي أفراد المجتمع الذين قد يواجهون حالات القلق والخوف والاكتئاب والحزن بعد رؤية وسماع الأخبار، وهي أعراض قد تكون طويلة أو قصيرة الأجل، وأخيراً ناجون ثانويون مثل أقارب الناجين الأساسيين».

وتتابع "زيود" حديثها بالقول: «من هنا وفي ظل كارثة الزلزال الذي أصاب "سورية" وبعد حرب استمرت أكثر من عقد، تتضح ضرورة تنظيم عملية الدعم النفسي لمعالجة قضايا الصحة النفسية والاجتماعية من أجل التعامل مع هكذا كارثة، ففي معظم دول العالم وعند حصول كارثة أو حادثة حتى ولو كانت بسيطة، يتم استدعاء اختصاصي علاج ودعم نفسي لتقديم الدعم النفسي الفوري للضحايا، فكيف هو الحال بالأحداث والكوارث الكبيرة كما هو الحال الآن؟، وبالتالي لابد من أن يكون هناك وعي وإدراك لأهمية عنصر العلاج أو الدعم النفسي، وأن يتم التعامل معه كعنصر وجزء أساسي في خطط الطوارئ الوطنية، وأن تتوافر الإرادة لتضمينه خططنا الوطنية لقطاع الصحة، وهو إجراء أساسي يجب أن تتم مراعاته في وضع الكوارث والأزمات لحماية وتعزيز الصحة النفسية وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للسكان المتضررين».

فرق الدعم النفسي

تركز معظم البروتوكولات المعتمدة من منظمات الكوارث، على موضوع الصحة السلوكية والتدخلات الأولية الأكثر شيوعاً كالإسعافات الأولية النفسية من أجل تعزيز سلامة واستقرار الناجين، والتخفيف من علامات ما بعد الصدمة -حسب الدكتورة "زيود"- والتي تضيف: «بالنسبة للأشخاص الذين لا يزالون مصابين بصدمات نفسية بعد مرور عدة أسابيع على وقوع الحدث، تكون هناك حاجة لمزيد من التدخل على شكل استشارات يقدمها متخصصون بالدعم والصحة النفسية، ومن منطلق مقولة أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة البدنية وتستحق نفس جودة الدعم وفي إطار خطة الاستجابة الطارئة لرئاسة جامعة دمشق، تم توجيه فرق للدعم النفسي من كلية التربية جامعة دمشق إلى محافظتي "اللاذقية وحلب" كاستجابة سريعة في مجال الدعم النفسي للسكان المتضررين».

تدريبات متخصصة

وبخصوص استجابة الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية لكارثة الزلزال تقول "زيود": «تم تقديم تدريبات متخصصة بالدعم والعلاج النفسي والتخفيف من أعراض ما بعد الصدمة، إضافة لاستقبال حالات تتطلب دعم نفسي أكبر يقدمها متخصصون في مجال الدعم والصحة النفسية، كما أن تطبيق التدخلات النفسية الموجهة لمجموعات من الأفراد (الناجين وأفراد أسرهم- طلاب المدارس- المعلمين- مرشدي المدارس..) هي من ضمن خطط الجمعية، وهذه الاستجابة هي من ضمن أهداف الجمعية».