الذي خلّف ما مات" مقولة يرددها رجال الأدب والقانون والثقافة في محافظة "الحسكة"، تعليقاً على خبر رحيل الكاتب والمحامي "محمد نديم" الذي غيّبه الموت منذ أيام، فالرجل كان رائداً في مجال الحركة الثقافية، ومن أهم المتخصصين في مجاليّ الأدب والقانون وخلّف وراءه مؤلفات مهمة في مجال القانون والأدب والتاريخ والرياضة والبيئة والطفولة، وكان أوّل منتسب لاتحاد كتّاب العرب في "الحسكة".

قطب ثقافي

يحفظ له أهل الأدب أعماله ونتاجاته، وله خدمات جليلة على الحركة الأدبية عامة في محافظة "الحسكة"، كما يقول "عبد الرحمن السيد" مدير ثقافة "الحسكة" لـ"مدونة وطن".

هو أوّل من انتسب لاتحاد الكتّاب العرب في "الحسكة"، وفتح بذلك الطريق لبقية الزملاء فيما بعد للانضمام والانتساب، وكان رئيس فرع الاتحاد في بداياته

ويضيف: «هو أوّل من انتسب لاتحاد الكتّاب العرب في "الحسكة"، وفتح بذلك الطريق لبقية الزملاء فيما بعد للانضمام والانتساب، وكان رئيس فرع الاتحاد في بداياته». وحول مؤلفاته الأدبية يتابع مدير الثقافة: «له تسع مجموعات قصصية تنوعت بين المجتمعي والاقتصادي والسياسي، عاصر الحركة الأدبيّة منذ ستينيات القرن الماضي، وصدرت للأديب الراحل عدة مجموعات قصصية متنوّعة تميّزت بغزارة الأسلوب والتنوّع الأدبي، وهي "الطفل والمغامرة، عام جديد، أبطال مجهولون، عالم خاص، النهايات السعيدة، لو ابتسمت زهرة، الصراع والتركة"، وقدم الكثير من الندوات والأنشطة الأدبيّة بالمحافظة، عُرف بالوسط الثقافي بنتاجه الأدبي المتميز، ورغم مرضه في الفترة الأخيرة لم يغب عن الحياة الثقافية، دخل عالم المسرح بصفة ممثل بين أعوام 1959 حتّى 1963، عمل مُحكّماً لمسابقات القصة، وشارك في الأسبوع الثقافي عام 1982 في "ليبيا"، له جائزة استحقها من اتحاد الكتّاب عند بلوغه الستين من العمر، هو قطب من أقطاب الثقافة، سيقتدي به جيل كبير من أجيال الثقافة».

منح إرثاً أدبياً وقانونياً

المرجع الشامل

نخبة من المثقفين في تأدية واجب العزاء

يشيد أهل القانون والرياضة بشكل خاص بما قدمه الرحل خلال حياته من أعمال أرشفة وتوثيق لهذين المجالين بدأ بها منذ الستينيات، فأصبح مرجعاً للكثيرين من أبناء المنطقة، كونه أول من تخصص في مجال الأرشفة بشكل مهني وعملي، حسب ما قاله زميله المحامي "أنور طحيطح" الذي اعتبر رحيل زميله "محمّد نديم" خسارة لزملاء المهنّة عامة.

ويقول: «كان أحد أعمدة القانون في المنطقة، ندين له بالفضل لأرشيفه العظيم في مجال القانون، وقد شارك بكتابة الدراسات السياسية والقانونيّة، كُلف بإلقاء محاضرات للمحامين المتمرنين، عمل في مجال الإعاقة والطفولة، ومشكلات المرأة، والمخدرات وجنوح الأطفال، من خلال الندوات والمحاضرات والدراسات، وجميع ما ذُكر يعتبر قضايا رئيسيّة في الحياة، له أرشيف عظيم منذ الستينيات، لم يترك صحيفة أو مجلة إلا واحتفظ بها، غالبيتها من العدد الأول مثل "الموقف الأدبي، المعرفة، العربي"، اجتهد وتعب في سبيل تدوينها حسب التسلسل الزمني، يملك أرشيفاً سياسياً، يحوي سجلاً هائلاً ومعلومات واسعة جداً، وهناك أرشيف قانوني، وآخر رياضي، وأرشيف خاص عن المرأة، وأرشيف غني عن البيئة، وآخر للتاريخ، ومثله عن الأطفال، ويملك صحفاً قديمة جداً تعود لزمن الخمسينيات».

في المقدمة

وكان الراحل مرجعاً لأهل الرياضة، وعشّاق الملاعب والصالات الرياضيّة، أحبهم وأحبوه، فما أرشفه من أجلهم يستحق الإشادة والتقدير، حسب ما قاله القانوني "عمّار الأحمد" عضو مجلس إدارة نادي "الجهاد" الرياضي، والذي أشار إلى الجهد الصادق للراحل في مجال الرياضة،فكان دوما في المقدمة وكان محل تقدير وإعجاب لجميع الإدارات التي تولت العمل في النادي، وسيبقى نتاجه محط اهتمام ومرجعيّة حسب قوله.

المخرج المسرحي "وليد العمر" أكّد أهمية الراحل في مجال المسرح، وقال في ذلك: «أوّل من عمل المونودراما في "القامشلي" وهو من أوائل من عمل في مجال المسرح بشكل عام، يعدّ من الرعيل الأول للمسرح في المدينة، لم يقصّر مع أهل المسرح بالمتابعة والدعم والتحفيز، كان من أهم المسرحيين، ساهم في تطوير المسرح بشكل واضح، وحاضر دائم لكافة العروض المسرحية، كما كان ناقداً لها بطريقة هادفة ومفيدة تسهم في تطوير العمل المسرحي وإغنائه، تميز بحضوره اللافت والمؤثر في كل المجالات التي عمل بها وعرف بكرمه ومساعدته للجميع في ميادين العمل الأدبي والقانوني والأرشيفي فكان مرجعاً مهماً لا يمكن الاستغناء عن خبرته ومشورته».

الراحل الكاتب "محمد نديم" من مواليد 1942، توفي يوم الإثنين 9 كانون الثاني 2023 وقد أجرت "مدوّنة وطن eSyria" اللقاءات السابقة بتاريخ 12 كانون الثاني 2023